ويمكن أن نطلق على هذه الجماعات "السلفية الحركية"، وهي تنطلق من نفس المرجعية الفكرية والفقهية والعقائدية للسلفية التقليدية، ويقودها - كما أسلفنا - مجموعة من طلاب الشيخ المؤسس للسلفية في اليمن، مقبل بن هادي الوادعي، والذين اختلفوا معه في جواز إنشاء الجمعيات الخيرية، وهل هي نوع من العمل الحزبي المحرم أم لا؟.
وكانت هذه أهم نقاط اختلافهم معه، والتي دفعتهم للخروج عنه، وتأسيسهم لعدد من الجمعيات الخيرية، لتكون واجهة لعملهم الدعوي والخيري، أهمها جمعيتان اثنتان، هما جمعية الحكمة اليمانية الخيرية، التي تأسست أولاً عام 1992م، والثانية هي جمعية الإحسان الخيرية التي تأسست بعد جمعية الحكمة مباشرةً.
وكانت مناقشة مثل هذه المسائل تجرهم إلى مناقشة شرعية العمل الحزبي السياسي، والانتخابات، والديمقراطية التي تعد من المحرمات والكفر البواح عند الشيخ مقبل الوادعي، مما جعلهم يتوقفون عن إصدار الأحكام حول شرعية هذه الأعمال من عدمها، بل والحث على مناقشتها وبحثها من قبل العلماء للخروج برأي.
مثل هذا التوجه لهذه الجماعات أكسبها قبولاً كبير بين أوساط الناس، وسهل من مهامها وأهدافها التي سعت لتحقيقها من خلال الجمعيات التي أنشأتها كمظلة لأعمالها الدعوية والخيرية، التي تصب جميعها في نشر العلم الشرعي بين الناس، لإيجاد الفرد المسلم وبنائه فكريا وعقائديا، من خلال تزويده بالقدر اللازم من العلم الشرعي الذي سيساعد على إحياء السنن وإماتة البدع.
ولتحقيق هذا الهدف بدءوا في بناء المعاهد الشرعية والمساجد ومدارس تحفيظ القرآن، فبنوا عددا من المعاهد الخاصة بهم في كل من صنعاء وعدن وتعز وحضرموت، وذلك كله من أجل إعداد الدعاة والمرشدين الذين سيتولون مسئولية نشر الدعوة السلفية، وترافق هذا مع نشرهم لآلاف الكتيبات والمطويات والأشرطة المسجلة.
ومن أجل إيصال فكرتهم إلى أكبر قدر ممكن من الناس، أصدروا عددا من المجلات، كالفرقان والمنتدى التابعة للحكمة، وأسسوا مراكز دراسات، كمركز الكلمة الطيبة التابع لجمعية الحكمة، ومركز الجزيرة العربية التابع لجمعية لإحسان، التي كانت قد بدأت بإصدار صحيفة الرشد الأسبوعية، والتي توقفت عن الصدور.