الجماعات السلفية التقليدية
وهي الجماعات التي ظلت على نفس الخط الفكري للجماعة الأم التي أسسها الشيخ مقبل الوادعي، الذي كان وفاته سببا في انقسام جماعته التقليدية إلى جناحين أو جماعتين بعد خلاف حاد حول من الذي سيقود الجماعة بعد غياب الشيخ، ويجلس على كرسي الحديث في دار الحديث بدماج، والذي شغله ويشغله حتى الآن الشيخ يحيى بن علي الحجوري.
طرفا الخلاف كلاهما كانا من تلامذة الشيخ مقبل، وهما الشيخ يحيى بن علي الحجوري، والشيخ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل المصري، المأربي سكنا.
ويتردد بين أتباع وأنصار الشيخ الحجوري أن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي قد أوصى له بخلافته والتربع على كرسي درسه في دار الحديث بدماج الذي يعد المعقل الرئيسي للسلفية التقليدية في اليمن.
هذا الخلاف على زعامة السلفية التقليدية تطور ليصبح خلافا فكريا بين الطرفين حول عدد من المسائل التي يعد الخلاف حولها وعدمه سواء، لدخوله ضمن ما يمكن تسميته بالترف الفكري، وإن صوره الطرفان على أنه خلاف في المنهج، رغم كونه مجرد تهم يكيلها كل طرف للآخر، من قبيل اتهام الحجوري وأنصاره لأبي الحسن المأربي بأنه يسعى إلى تفريق الدعوة السلفية وتمييعها، وأنه (أي أبو الحسن) يدعو إلى وضع أصول جديدة في إطار الدعوة السلفية، وأنه يسعى أيضا إلى الثورة على أهل السنة، فضلاً عن استغلاله لأموال جمعية البر الخيرية التي أسسها مخالفا بذلك فتوى الشيخ مقبل في تحريم الجمعيات الخيرية؛ لأنها لا تخرج عن إطار العمل الحزبي المحرَّم.
ولعل ما يميز جماعات السلفية التقليدية هو كثرة خلافاتها التي تبدأ بخلافات شخصية بين الشيوخ، وتتطور إلى خلاف عقائدي منهجي، كالخلاف القائم بين الشيخين الحجوري والمأربي، أو الخلاف القائم بين الشيخ عائض مسمار الحاشدي والشيخ محمد الإمام الذي يدير مركز معبر، أحد معاقل السلفية التقليدية في محافظة ذمار.
هذه الخلافات والانقسامات في إطار هذه الجماعات السلفية التقليدية هي نتاج طبيعي للجمود الفكري والانغلاق الذي فرضته هذه الجماعات على نفسها، منطلقة من فكرة الطائفة الناجية التي يمثلونها دون غيرهم من الفرق الإسلامية الأخرى، التي هي في نظر هذه الجماعة فرق مبتدعة، لا تمت إلى السُّنة بصلة.
هذا الانغلاق جعل هذه الجماعة تعيش خارج إطار العصر والزمان، بتحريمها لكل شيء جديد، ومصارعتها لسنن التبدل والتحول في الكون والحياة، مما جعل أنصارها في انحسار دائم.
وتدعو هذه الجماعات إلى العيش وفق ظروف عصر صدر الإسلام، لكي تطبق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كما أراد، بحرفية هي أقرب إلى السطحية منها إلى الإقتداء به صلى الله عليه وسلم.