لست في وارد الدفاع عن العوبلي او تبرير اعماله وتصرفاته خلال الفترة الماضية سيما مع قناعتي ان العميد مراد العوبلي قائد اللواء 62 حرس جمهوري وكثير من امثاله كانوا من اهم الاسباب التي اوصلت البلاد الى المأزق الذي تعاني منه في الوقت الراهن
-مايهمني في هذه القضية هو معرفة الاهداف الحقيقية لعملية الاختطاف ،ومدى تأثيرها على مسار التسوية السياسية في البلاد وبالذات مع العلاقة المباشرة لطرفي الازمة السياسية بالقضية .
-على العكس مما اراده إبراهيم أبو صلاح رئيس حزب الاصلاح في خولان والمقرب من قائد الفرقة في بيانه من تبرئة نفسه من عملية اختطاف العوبلي ،والتأكيد على انه في ضيافته ،فقد اكد بهذا الكلام مسئوليته المباشرة عن الاختطاف كونه يحتجزه في منزله بالقوة.
-يبدو جليا تركيز اعلام الاصلاح والاعلام التابع لمحسن في تناوله للأخبار المتعلقة بقضية العوبلي على اخراجها بانها قضية جنود من الحرس تم ايقاف رواتبهم جراء انضمامهم الى الثورة لذا قاموا باختطاف العوبلي ،الغريب في الامر ان العوبلي كان قائد الحرس في تعز الى وقت قريب ،وهو مايرجح عدم علاقته بوقف رواتب الجنود ،ايضا يبدو غريبا ان يتم ايقاف رواتب الجنود قبل ثلاثة اشهر فقط وليس منذ انضمامهم الى الثورة و بعد اشهر من توقيع الاتفاق السياسي،اضافة الى ان وزير الدفاع الذي انهى تبعيته للرئيس السابق واقاربه لديه مايكفي من الصلاحيات لإعادة رواتب الجنود لكنه لم يفعل .
- ايضا كان من الواضح محاولة استغلال مكان وقوع الاختطاف قرب سوق جحانة لبيع السلاح لتعزيز مصداقية اتهامات سابقة للرئيس السابق واقاربه بتهريب السلاح من قاعدة الديلمي واللواء الثالث ومعسكرات اخرى للحرس وبيعها في الاسواق ولعناصر القاعدة ،وظهر ذلك في قول عبدالله القاضي عضو المجلس الوطني ورئيس الدائرة السياسية بمجلس التضامن في تصريح للأهالي نت يوم2/7أن العوبلي قبض عليه متلبسا بجريمة بيع أسلحة مهربة من معسكرات الحرس الجمهوري ،و بهذا اصبح من غير المفهوم السبب الحقيقي للاختطاف هل لوقف الرواتب ام لتهريب السلاح .
-يبدو ان قلق الخاطفين من ركاكة مبررهم لاختطاف العوبلي جعلهم يلجئون للحديث عن مبرر اخر هو بيعه للسلاح رغم انهم لم يذكروا عدد وانواع الاسلحة التي تم ضبطها مع العوبلي عند اعتقاله لاضفاء بعض المصداقية على كلامهم.
- هناك اكثر من هدف لعملية اختطاف العوبلي من قبل المسلحين التابعين للواء محسن والاصلاح يمكن ان نجملها في خمسة اهداف هي:
1-محاولة لضرب سنحان بخولان كخطوة اولى لابد منها لتحويل قبائل خولان كعدو للرئيس السابق واقاربه ،وهو مخطط ليس بالجديد وكانت هناك محاولات في هذا الاتجاه العام الماضي عندما قتل شباب من خولان في مسيرات في صنعاء،المهم ان ذلك سيؤدي الى تحويل قبائل خولان كرأس حربه لمهاجمة معسكرات الحرس الجمهوري وبالذات في منطقة العرقوب وفي المقر الرئيسي للحرس عند المدخل الجنوبي للعاصمة ،وهو مايعني السعي الى :
ا-استنساخ الوضع المتوتر عند المدخل الشمالي للعاصمة بين الميليشيات القبلية والارهابية ومعسكرات الحرس الجمهوري في ارحب ونهم وبني جرموز ،بوضع مشابهة عند المدخل الجنوبي للعاصمة ،ضمن مخطط لتطويق العاصمة بحزام ناري مضطرب ،ومواصلة لعملية انهاك واستنزاف قوات الحرس الجمهوري خاصة ان المعسكرات الواقعة جنوب صنعاء كانت الاقل تعرضا لهجمات قبلية مقارنة بمثيلاتها في المناطق الاخرى،وهو الاسلوب الذي يبرع فيه محسن ويتفوق على خصومه بامتياز.
ب-تحويل جنوب العاصمة الى منطقة متوترة امنيا تسيطر على اجزاء منها الميليشيات المسلحة كما هو الوضع عليه في الحصبة وصوفان وغيرها وبصورة تمهد الى شن عملية اغتيالات بحق قيادات عسكرية وسياسية محسوبة على الرئيس السابق واقاربه ،مع الترجيح ان الاغتيالات والتصفية الجسدية لقيادات امنية وسياسية وقبلية ستكون السمة البارزة للمشهد في الفترة المقبلة ومن مختلف الاطراف،اضافة الى تصاعد العمليات الانتحارية داخل العاصمة والمدن الرئيسية ،وقد ظهرت مؤشرات ذلك في اغتيال الشهيد سالم قطن والشهيد المداني وتفجير السبعين الارهابي،واعلان الاجهزة الامنية عن افشال عدد من الهجمات الارهابية في صنعاء وعدن والمكلا.
2-الرغبة في افشال الاتفاق الذي تم قبل ايام لوقف الاعتداءات على معسكرات الحرس الجمهوري في ارحب ونهم وبني جرموز ،والقاء اللوم على الحرس في حال تم نسف الاتفاق باعتباره ردة فعل على اختطاف العوبلي ،ويشير الى ذلك الاخبار المتناقلة عن عودة المسلحين الى معظم المناطق التي اخلوها بمجرد عودة اللجنة العسكرية الى العاصمة .
3-السعي الى عرقلة الجهود الحالية للتحضير لعقد مؤتمر الحوار الوطني ،وذلك لقناعة اللواء علي محسن والاصلاح ان انعقاد المؤتمر بالصورة الجاري اعدادها لاتمكنهم من السيطرة على المؤتمر والمشاركين فيه ومخرجاته وبصورة لاتتضرر معها مصالحهم ،ولعل مايؤكد ذلك استمرار اخراجهم للمسيرات الرافضة للحوار والمطالبة بهيكلة الجيش والامن اولا واقالة اقارب الرئيس السابق ،اضافة الى التصريحات العديدة الصادرة عن القيادات الاصلاحية الغير متحمسة للحوار ،والتي كان اخرها قول حميد الاحمر في مقابلته مع قناة الميادين يوم 29/6 بشأن الحوار الوطني (...لكن البدء في الحوار يحتاج الى متطلبات لم تتحقق حتى الان).
4-اما رابع اهداف اختطاف العوبلي فهي عبارة عن رسالة الى الرئيس السابق واقاربه والقيادات المحسوبة عليه مفادها انه رغم اقرار المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وكذا البرلمان لقانون الحصانة ،لكن ذلك لايعني انهم اصبحوا في مأمن من المحاسبة من قبل الثوار ،ومن ثم عليهم ان يتوصلوا الى تفاهم مع علي محسن واولاد الاحمر لإغلاق ملف النهدين اذا ما ارادوا ان يفعل قانون الحصانة على ارض الواقع ،ولعل مايشير الى صحة ذلك قول حميد الاحمر في مقابلته مع قناة الميادين (اختطاف العوبلي من اصحاب الحقوق حيث قدم مجموعة من الضباط على اعتقاله لصرف رواتبهم فلايوجد حصانة لظالم او متمرد او قاتل طالما قصر الوقت او طال)،اضافة الى ان الاختطاف جاء متزامنا مع معلومات عن طلب البرلمان رفع الحصانة عن حميد الاحمر واخيه تمهيدا لاستجوابهم مع علي محسن في حادثة النهدين الارهابية ،وكذا مع استمرار الحملة الشعبية لجمع مليون توقيع لانشاء محكمة دولية لمعاقبة المتورطين في الحادثة الارهابية .
-لعل ارتباك حميد وتغير تعبيرات وجهة عند توجيه مذيع قناة الميادين سؤال حول الاتهامات الموجهة له ولإخوانه في حادثة النهدين الارهابية ،يظهر بجلاء القلق الكبير الذي يعتريه من هذه القضية ،التي قد تنسف له كل مخططاته ومشروعاته للهيمنة على الحياة السياسية واقتصاد البلاد في السنوات القادمة ،لذا فان المرجح ان يسخر حميد ومحسن جهودهما وامكانياتهما لإغلاق ملف النهدين بكافة السبل الممكنة حتى لو اقتضى الامر نسف الاتفاق السياسي برمته.
5-كما يأتي اختطاف العوبلي ضمن الحملة النفسية التي تشن على قيادة وضباط وجنود الحرس الجمهوري عبر محاولة الايحاء بوجود حالات تمرد واسعة داخل الحرس على قيادته ،وهو ماينسجم مع تصريحات حميد الاحمر يوم 29/6 التي قال فيها(ابنا ء الحرس الجمهوري ليسوا اقل ثورية من ابناء اليمن ابناء الحرس الجمهوري تمردوا وسلموا القيادة للقائد الحليلي)
-المهم ان كل ماسبق يؤشر الى ان البلاد مقبلة على مرحلة شديدة الصعوبة وليس واضحا المستوى الذي ستصل فيه حدة التوتر والمواجهة بين اطراف الصراع ،ومدى القدرة على احتوائها.