اكد باحثون وأكاديميون يمنيون أن رحيل نظام "علي عبد الله صالح" سيهيئ اليمن إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة بعد أن عاشت في ظل حكمه الممتد منذ أكثر من 33 عاما عقود من الظلم والاستبداد.
وقالوا في ندوة عن (ملامح الدولة اليمنية بعد سقوط النظام) نظمها مركز أبعاد للدراسات صباح اليوم في ساحة التغيير، إن رحيل نظام صالح يساهم في بناء دولة مدنية تعالج المشاكل الموجودة في البلاد وبما ينعكس على تحسين العلاقة مع دول الجوار والمجتمع الدولي على قاعدة المصالح المشتركة، مؤكدين في السياق ذاته بأن بقاء النظام الحالي سيفاقم من أزمات البلاد ويهدد مصالح البلدان التي تربطها باليمن علاقات شراكة وتعاون.
وفي الندوة تحدث الدكتور عبدالخالق السمرة في ورقته حول (الأمن والسلم الإجتماعي) تناول فيها أربع محاور تهدد المجتمع والسلم الاجتماعي في اليمن قال إنها ستؤول للاختفاء بمجرد زوال النظام الذي أوجدها وتتصدر هذه المحددات (الإرهاب، صعدة, الإنفصال, والقبلية).
وتحدث السمرة عن الإرهاب الذي قال إنه نما وترعرع في ظل هذا النظام بالتالي لا مبرر لخوف الغرب من ذلك عقب رحيله، لافتاً إلى أن الإرهاب لا بنشاء إلا في ظل غياب الدولة ويتسع في غياب العدالة الإجتماعية والفساد فظلاً عن غياب مستوى التعليم وضعف الوعي الثقافي كعوامل لبقائه.
ورأى أن الحل لهذه المشكلة يمكن في المشاركة السياسية وإيجاد دولة مؤسسات بالإضافة إلى توزيع عادل للثروة.
وفيما يتعلق بقضية صعدة قال السمرة إنها وجدت عقب تأسس اللقاء المشترك وتم استخدامها من قبل النظام ضمن كروت لصراعات السياسية، لكنه اعتبرها قضية في طريقها إلى الحل خاصة بعد أن وقع الحوثي مع المشترك على وثيقة لنبذ العنف وانتهاج العمل السلمي, بعد أن كانت الإتفاقات الموقعة مع السلطة لا تعالج سوى وقف إطلاق النار بينما تركت القضية مشتعلة تحت الرماد.
وإلى جانب ذلك يرى الأكاديمي السمرة أن النظام أوجد قضية صعدة لابتزاز دول الجوار وتصفية جيش الدولة الوطني لصالح جيش الأسرة وصراع الأجنحة.
وبشأن الإنفصال قال إن الحراك الجنوبي بداء بالمطالبة بإعادة حقوق مصادرة وانحرف مساره إلى دعوات الإنفصال عندما تدخل النظام في صفوفه عن طريق مخابراته ثم أفرط في استخدام القوة لقمع المحتجين.
وأكد سمرة أن الضامن لبقاء الوحدة هو وجود رئيس من الجنوب لإيجاد دولة لا مركزية لكنه قال إن هذه الأصوات التي تدعو إلى الانفصال بدأت تتلاشى بعد أن توحد الناس مع مطلب إسقاط النظام ولم تعد إلى أصوات قليلة شاذة - حد تعبيره.
من جانبه قال الباحث والمحلل السياسي زايد جابر إن المرحلة الإنتقالية يجب أن تدار بالتوافق بين جميع مكونات الشعب، مشير إلى أن الرئيس كان مهيمن على كل شيء وأصبح يتحكم في كل السلطات بما فيها القضائية والتشريعية وأن هذا الوضع جعله بمثابة إمام داخل الدستور. ولفت جابر في ورقته عن (الديمقراطية والدولة المدنية ) المقدمة خلال ندوة أبعاد، إلى أن الرئيس بداء بالهيمنة على السلطة التشريعية منذ 2001 ثم أعقبها بإضافة مادة في الدستور تجيز له حل البرلمان ليتخلص من أي توازن.
واشترط جابر للمرحلة القادمة أن لا يمنح الرئيس لأكثر من دورتين وان ينطبق ذلك على أقاربه بحيث لا يسمح لهم بالترشح عند انتهاء ولايته إلا بعد فترتين يسبقهما شخص أخر حتى يتم ضمان عدم انحراف الدولة عن مسارها. وشدد على ضرورة منع تعيين الرئيس القادم لأقاربه في مفاصل مهمة في الدولة. وخلص إلى أهمية وجود قضاء مستقل يعقبه بناء دولة.
من جهته دعا الدكتور عبدالسلام المهندي إلى صياغة العلاقات الخارجية لليمن على أسس سليمة تضمن حفظ مصالحها وعدم تصويرها كما هو اليوم كمهدد للسلم الإقليمي.
وقال المهندي إن الرئيس صالح كان يدير البلاد خارجياً بشكل تصورات لا تقوم على قواعد متعارف عليها في العلاقات الدولية. لافتا إلى أن أهم محددين لهذا العلاقة هما الموقع الجغرافي والنظام الجمهوري والدولة المدنية الحديثة.
وكان أخر المتحدثين الكاتب والمحلل السياسي محمد الغابري الذي أكد على أهمية أعادة صياغة أجهزة الأمن والجيش على أسس وطنية أثناء الفترة الانتقالية، وحل جهاز الأمن القومي الذي تحول إلى جهاز لارتكاب الجرائم لحماية الأسرة الحاكمة فقط.
وقال أن أهم الأولويات في المرحلة هي وقف التدهور الأمني والاقتصادي .