فشل النظام اليمني برئاسة علي عبدالله صالح في إطفاء نار المواجهات ومن ثم الحرب في صعدة وجوارها من الجبال الصعبة، فرض بعد خمس سنوات، الانزلاق السريع والخطر نحو "أقلمتها" وربما في ما بعد "تدويلها". هذه الحرب الداخلية طالت مثل كل الحروب الأهلية التي تبدأ صغيرة وتكبر. هذا الفشل سببه غياب الحوار الجدّي، وفرض الشروط الصعبة وأحياناً التعجيزية. السلاح لا ينهي حرباً أهلية مهما كانت نوعيته ومهما كان حجم تدفقه. "الحروب" في لبنان خير دليل على ذلك. مؤتمر الطائف وحده أنهى "الحروب". سبعة عشر عاماً من "الحروب" الأغنى في العالم ببشاعاتها، لم يحسمها السلاح ولا عشرات الآلاف من القتلى والضحايا. مأساة كبيرة ان اليمنيين مثل باقي اخوانهم العرب، لا يقرأون حتى مآسي أشقائهم. مع العلم ان "بعض" من جنودهم شاركوا في "قوات الردع العربية" وتجوّلوا في شوارع بيروت الممزقة.
"الروليت الروسية"
اليمن الذي شهد تجربة وحدوية عربية عظيمة، أنتجت توحيد الجنوب مع الشمال، مهدّد حالياً بأن يقسّم إلى أكثر من دولة. لا بل ان البعض ومنهم مَن يحب اليمن ويتعلق بتجربته الوحدوية، يرى بأنّ اليمن مهدد بـ"الصوملة"، أي ان يتحوّل إلى صومال مقسّم إلى مقاطعات متحاربة في ما بينها، وداخل كل جزء منها، مهما كانت تسميته حروب بين مجموعات وقوى مسلحة، تحارب من أجل السلطة في حين أنها في الواقع تشكل وقوداً لحروب أخرى أكثر أهمية وحدّة، يتم البناء على نتائجها بناء تشكلات اقليمية مختلفة في منطقة القرن الافريقي كلها. لذلك كله فإنّ أي طرف يمني في الجنوب يتخيّل انه سيستعيد أيام عدن يرقص فوق البركان. كذلك أي يمني في الشمال يتخيّل له الإمساك بالمنطقة والاستمرار في "صلب" الجنوب بدلاً من دفعه للاندماج المتساوي في الواجبات والحقوق، يخوض رهاناً لا تخرج قواعده ونتائجه عن المصير في "الروليت الروسية".