أفق حر
بقلم/الزعيم علي عبدالله صالح
رئيس الجمهورية اليمنية السابق
في الثاني والعشرين من مايو 90 وفيما كان العالم يخسر أحد أقطاب التوازن في الحرب الباردة، ربحت اليمن وحدتها ونظامها الديمقراطي التعددي فكان ذلك أعظم إنجاز في تاريخها المعاصر..
لقد رفعنا رؤوسنا بفخر واعتزاز ونحن نرفع راية الوطن الواحد في عدن دون أن تراق قطرة دم ولأول مرة في تاريخنا، وأعلنا أن شعبنا العظيم هو الذي سيحكم وطنه الموحد وأن الديمقراطية والتعددية الحزبية هي النظام السياسي الذي يليق بهذا الإنجاز الذي أبهرنا به الأشقاء وحظينا فيه باحترام الأصدقاء.
وكما كانت الوحدة السلمية جديدة على بلدنا كانت الديمقراطية والتعددية، ولكن شعبنا العظيم استوعب هذا التغيير واتجه إلى صناديق الاقتراع تاركاً السلاح في البيوت، وقدم أنموذجاً راقياً في التنافس السلمي، ورغم حداثة التجربة وخصوصية المجتمع اليمني كمحارب ووفرة السلاح أثبت شعبنا اليمني أنه مدني بالفطرة، وأن شجاعته في الاحتكام للصندوق لا تقل عن شجاعته في ساحات النضال ضد الاستعمار والاستبداد وفي خنادق الدفاع عن الثورة والوحدة، وقدمت المرأة اليمنية نموذجاً رائداً بإسهامها العظيم في مسيرة العمل الديمقراطي لدولة الوحدة ناخبة ومرشحة وناشطة وقائدة جماهيرية جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، وتمكنت خلال عقدين أن تزاحم بقوة أخواتها على الصعيد القومي والأممي، وتتفوق بتجربتها الوليدة على مثيلاتها في مجتمعات كثيرة، انفتحت على الحداثة قبلنا بعقود، وهو ما ضاعف اعتدادنا بإنجاز الثاني والعشرين من مايو العظيم
اليوم تمر الذكرى الثانية والعشرون ونحن نحقق سبقاً آخر ونجاحاً آخر في مسيرة اليمن الواحد الديمقراطي الحديث، يتمثل في وجودي في هذا الوطن كأول رئيس عربي سابق، وعلى عاتقنا جميعاً أن نحافظ على هذا السبق وتحمل مسؤولياتنا في المحافظة على استمرار هذه المسيرة الحضارية لأمتنا..
لقد كان همي أن استكمل مهمات التحول التاريخي الكبير، الذي تشرفت بقيادته وأنا على رأس السلطة وتتويج الإنجاز الديمقراطي بتحقيق الحكم المحلي كامل الصلاحيات، ولا يزال حلمي كأي يمني أن يتحقق ذلك على يد فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تواجهه عقبات يحتاج لتجاوزها إلى قرارات جريئة يدعمها اصطفاف جماهيري أساسه حوار وطني يستوعب أطياف العمل السياسي والقيادات المجتمعية، يحول دون انزلاق البلاد إلى التشرذم والعنف.
بلادنا تتعرض اليوم لهجمة إرهابية شرسة لم يسلم من شرها طفل ولا امرأة ولا شيخ، وقواتنا المسلحة التي تخوض مواجهات جبارة في أبين تحتاج إلى سند شعبي وجهود متضافرة.
إن الجريمة البشعة التي حدثت صباح أمس الاثنين في ميدان السبعين وسقط ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، هي طعنة غادرة في خاصرة كل يمني، والقيادة السياسية برئاسة المشير عبد ربه منصور هادي تحتاج جهودها إلى تأييدنا جميعاً ودعمنا جميعا لاستئصال هذا السرطان الخبيث، لقد كانت بلدنا عبر التاريخ أقوى من كل التحديات وستظل بلد الثاني والعشرين من مايو بنا جميعا أقوى وأعظم.
"اليمن اليوم" بعد 22عاما من الوحدة أكتب افتتاحية هذه الصحيفة كرئيس سابق بنفس الفخر والاعتزاز الذي رفعت به علم اليمن الواحد الديمقراطي الحديث، الذي أردنا له يوم رفعنا علمه أن يكون ساحة للرأي والرأي الآخر تحترم فيها الحقوق والحريات وفي مقدمتها حرية الإعلام التي تؤدي فيه الأقلام الشريفة رسالتها في خدمة الوطن وتمارس بمصداقية ونزاهة مهام سلطة رابعة تراقب السلطات الأخرى وتضع الحقيقة أمام الشعب ليقرر بإرادة حرة ووعي وهدى لمن يمنح السلطة.
أريد لهذه الصحيفة أن تكون ساحة رأي مفتوحة أمام كل يمني وعيناً ساهرة للحقيقة والحقيقة وحدها بعيدا عن التضليل وتزييف الحقائق وتعكير السلم الاجتماعي، لتعد امتدادا حقيقيا لإنجاز الثاني والعشرين من مايو العظيم الذي صدرت في ذكراه وصفحة مشرقة تليق بتاريخنا المجيد.