ليس بيني وبينه أي سابق معرفة، ولا تواجد عداوة لا ظاهرة او مخفية، ولكني اراه لا يستحق التكريم، و لا ينبغي ان يكون اسمه موضوع بين قوائم المبرِزين، والذين يشار اليهم بالبنان، انا ضد ان يتم تكريمه، لا لشيئ إلا لكون التكريم، محصلة جهد ومثابرة، وهو بعيد عنهما.
كيف يكرم معلم ظل طيلة العام والنصف مرابطا في الشارع؟، ولا يعرف لباب المدرسة طريقاً!، وكيف يكرم وهو يجبر الطلاب بالترغيب والترهيب على ترك مقاعد الدراسة، ليجلسوا الى جواره عند قارعة الطريق.
المعلم الذي انسلخ من مهنته، ولم يعد يربطه بها إلا الراتب، رغم ان هذا الراتب لا يحل له، وكيف يكون حلالاً، وهو لم يُدرّس حصة واحدة، ولم يغرس قيم العلم الحقيقية، ولم يربي النشئ الذي هو مؤتمن عليهم، فقد كشفت لنا الازمة التي مرت بها بلادنا عن معادن المعلمين الصادقين، وأولئك الذين يلهثون خلف مآرب سياسية.
لست ضد ان يعطى راتبه كاملاً بالرغم انه لا يستحقه، فالراتب اجرة لمنزله، وغذاء وكساء لأولاده.. ولكني ضد ان يتم استغفال المجتمع وتكريمه، على الوجه الذي لا يستحقه، والمخزي ان المرابطين في المدارس اثناء الأزمة، لم يعرهم احد أي اهتمام ولم يجدوا من يقل لهم حتى كلمة شكراً.
لقد ذبح المعلم المجتهد والمخلص مرتين، الاولى عندما كان يداوم ويستقطع من راتبه لغياب يوم او يومين، فيما الغائبون لعدة اشهر يصلهم الراتب قبل غيرهم، والمرة الثانية التي يذبح بها المعلم، حين يتجاهله المُكَرِمون، ويتجاوزونه، في حين يحظى المتسيب والمتخاذل بالاشادة والدعم.
ان التلاميذ هم من سَيقوّمون المعلم الجيد من السيئ، وحتماً فإن الجهات التي ستسعى لتكريم السيئين، ستسقط بلا ريب حتى من نظرة التلاميذ الذين ما زالوا في الصفوف الأولى، كيف لا وهم يرون القابع في الشارع اول من ينال التكريم، وهذه المصيبة لأنها قد تخلق ازدواجاً في مفاهيم الحق والباطل، والثواب والعقاب لدى الصغار.