من الإجحاف التعامل مع ثورة التغيير اليمنية مثل بقية الثورات العربية ، و ليس من الأنصاف المقارنة أو المقاربة بين الثورة اليمنية و ثورات العرب, بل هو الظلم بعينه . فما لا يعرفه اليمنيون أن قيادات الثوَّار في ليبيا و سوريا هم من دفعوا ثمن مبادئهم و إخلاصهم لشعوبهم لعقود من الزمن, فمنهم من سُجن ، و منهم من قضَّى معظم عمره طريداً مشرداً في أصقاع الأرض, و منهم من قتل النظام أباه أو أخاه, و تعرضوا لكل وسائل التنكيل و أبشع الممارسات الغير إنسانية التي يندأ لها الجبين . و كذلك في تونس و مصر و إن كان أقل بشاعة عمَّا هو عليه في سوريا و ليبيا .
أنَّ الثورات العربية باستثناء الثورة اليمنية يقودها الشرفاء, المخلصون, الصادقون مع شعوبهم, أصحاب المبادئ النبيلة ، الذين لم يكونوا يوماً من الأيام مشاركين في فساد أنظمة تلك الدول, وكل من أنظم إلى الثورات العربية من رموز تلك الأنظمة لم يوضعوا في صدارة الثورة , و لم يعطوا صفة ثائر, بل يوصف بالتائب و ينحِّى عن مراكز القرار و يعتبر انضمامه للثورة إعلان توبة لا تعفيه من المسائلة القانونية إذا كان متورطاً في دماء الشعوب.
أليس من الظلم أن نقارب بين شرفاء الثروات العربية و بين لصوص اليمن و مجرميها !! هل يعقل أن نضع الدكتور راشد الغنوشي و الدكتور علي الصلاَّبي و الدكتور صفوت حجازي, أولئك العلماء الربَّانيين بنفس الكفة مع الديلمي و الآنسي و المؤيد و بقية القطيع من علماء الشيطان !! هل يعقل أن نضع أولاد عبدالله حسين الأحمر في مصافي الثوَّار الأبطال في البلدان العربية و أبطال الثورة اليمنية الحقيقيين من أمثال الأستاذ فكري قاسم و مجموعة الشرفاء الذين حددوا ساحة الحرية ورسموا لها حدودها , و وضعوا خطة حشد الجماهير قبل انطلاق الثورة بأيام و قبل سقوط مبارك !! فهل يعقل أنَّ أولئك اللصوص , القتلة , المرتزقة الدوليين لمن يدفع أكثر , هاتكي أعراض الشعب اليمني كهؤلاء الأبطال .
لقد ظلم شباب اليمن أنفسهم , وظلموا الشهداء, و ظلموا الجرحى , و فرَّطوا بكل التضحيات المادية و المعنوية التي قدمها الشعب اليمني بجعل اللصوص ثوَّاراً أبطال. إنَّ الإنسان العاقل لا يمكن أن يصدق أنَّ لصاً كبير كاللواء علي محسن أصبح ثائراً على الفساد , فأمثاله لا يعيشون إلاَّ في مستنقعات الفساد , فهو وأولاد الأحمر و الضنين و من لف لفيفهم هم أساس المصيبة و هم الفساد بعينه, لقد نهب علي محسن من أراضي أبين الزراعية أكثر من مائة ألف فدان (أكبر من دولة قطر) و نهب من أملاك الدولة الكثير و الكثير , و كذلك شركائه من اللصوص الثوَّار نهبوا ما نهبوا من أموال الدولة و من أموال المواطنين الكثير و الكثير , و الترف الذي يعيشونه اليوم من أموال الشعب , و كل ما يقدمونه للثورة من دعم مادي ليس كرم أخلاق منهم , بل هي أموال الشعب , فلا منَّة لهم و لا فضل .
و اليوم على شرفاء الثورة اليمنية أن يراجعوا أنفسهم, و عليهم تطهير صفوفهم قبل فوات الأوان , لكي تحقق الثورة أهدافها الوطنية و ليس أهداف اللصوص الشخصية , و حتى لا تسمى بثورة اللصوص. و عليهم الارتكان على الحق والصدق في المدح و القدح ، و لا يركنوا إلى الدول العظمى , فهي لا تهتم للشعب اليمني و لو هلك عن بكرة أبيه فمصالحها و تأمين طريق التجارة و ممر النفط في باب المندب هو كل ما يهمها , و لو وجدوا في اللصوص الثوَّار ضالتهم فسيوصلونهم إلى سدة الحكم , و حينها سيكون الشعب اليمني قد أنهكته ثورة إسقاط النظام و لن يستطيع القيام بثورة أخرى .
لقد أُصيبت الثورة في مقتل عندما قبلت أولئك اللصوص ليكونوا قادة ثوَّار و ليسوا قادة تائبين, و لن تقوم للثورة قائمة إذا استمروا في مقدمة صفوف الثورة. تحية لكل ثوَّار الأمة العربية الشهداء منهم و الأحياء، و الخزي و العار على كل اللصوص أينما كانوا , و الأمور بخواتمها, و لن يصح إلاَّ الصحيح بمشيئة الله.