إلى مؤيدي صالح: الرئيس مات!
طه الإدريسي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] هناك دلائل قاطعة على موت الرئيس من ضمنها زيارة فليتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لليمن والذي أتى لبحث نقل السلطة بشكل عملي وجدي، ومن ثم زيارة مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون مكافحة الإرهاب. الموت ليس بالضرورة أن يكون انتقال للعالم الأخروي ولكنه موت حقبة وتاريخ.
الرئيس باعتقادي مات في الأذهان منذ خمسة أشهر، لكنه بعيونه القريرة التي لا ترى الحقيقة آثر أن يضيف إلى التاريخ أياماً سوداء شحنت جسده المعبد كطريق من طرق بعدان ببارود فجر أدمغه كثيرة، وقطع جلود الكثير من اليمنيين المناهضين لعقليته القديمة ونظامه البائس، لتنتهي هذه التعبئة المستمرة بانفجار يلف ما تبقى من جسده المريض ويرميه إلى خارج البلاد للعلاج، بعد أن كانت الالسنة تدعو بسلامة اليمن طوال خمسة أشهر تلهب بالدعاء على فرد، كانت الحادث مؤلمة، لكنها كانت جزاء وفاقاً، فالرجل مارس هذه الطريقة مع خصومه طوال عقود وساهم في جرائم ما أبشع منها مع زعماء طالما جلس معهم للمقيل في مجلس واحد وهو يوزع ابتسامته العريضة في فم ملئ بالأسنان ولسان سليطة كما يقال، ولم يعرف منذ كان شاباً إلا لغة الانتقام والتصفية، الرجل لم يكن مقاوماً لبيئة ساد فيها القتل ولا معارضاً لها، لكنه كان يغذي نفسه منها ويضع على كرسيه ألوان من الأقمشة التي تذكره بسنوات الاغتيالات والتصفيات، لقد كدس البارود تحت كرسيه لخصومه وأنفجر به هذا البارود، أنفجر به في مسجد النهدين ولم يمت فيه، فموت في المسجد قد يحير كتبة التاريخ، ليس لأنهم يستحقون أن يكون كتبه فالرسول عليه السلام مات في البيت وأعياه المرض، ولكن طريقة الاغتيال تذكره بكثير من الممارسات فهو صاحب العقلية المتقدة التي لا تنسى، فهو يتذكر حوادث السيارات ونظرية المؤامرات ونهج التصفيات وإعدام المخالفين، وسجن الصحفيين وترويعهم، وتهديد العائلات.
الرئيس مات في الأذهان وهو الأهم ولوح له الناس بالأحذية بعد أن كانوا يلوحون له بالأعلام والأيدي، سقط من العقول وغادر الحياة السياسية اليمنية وسوف يغادر معه عهداً بائداً مليئاً برائحة الكافور حيث بدأه بالموت وأنهاه بالموت، وهو هنا ليس كما كان فلم تضف التجارب السياسية إلى رصيده شيء، ولم تزد الخطابات الجوفاء من رفعة شخصه طوال عقود، ظل كما هو يجند الإصلاح ضد الاشتراكي، ويجند الحوثي ضد السلف، ويجند القبيلة ضد الأخرى، ويجند القاعدة لكسب الدعم الدولي، ويجند الحوثي لكسب السعودية، أمضى حياته في أزمات صنعها بنفسه ليبقى، وبقي أكثر من ثلاثة عقود متلوناً مستعرضاً تملأ صورة الشوارع والمتاحف والمقرات والمدارس، وتلويحاته تدل على استهتار واضح بجيل ثلاثيني شاب رأسه معاناة وشظف عيش وهو يسرح ويمرح ليتحدث عن جيل الوحدة ويحتفل باليوم الذي بدأه برؤية الدماء.
غادر الرجل غير مأسوف عليه، فقد خرج من الحياة السياسية اليمنية إلى الأبد، غادر ومعه أعوانه، ففي فترة علاجه بالرياض صرح الصوفي قائلاً بأن علي عبدالله صالح سوف يتحدث لجمهوره ليلقي كلمته أو سيعود خلال ثمانية وأربعون ساعة وهذا ما نفاه حينها نائب وزير الإعلام عبدالجندي آنذاك ليقول أن كلام الصوفي مجرد أمنيات، كانت هناك حالة قلق وارتباك في القيادة المؤتمرية، وكانت هناك حالات خوف غير مبررة إلا إذا خضعت لكثير من ملفات الفساد والإفساد التي ارتكبها الأزلام لخدمة الأصنام هنا فقط يكون الخوف مبرراً، ليطرح الكثير من الأسئلة المحيرة من أمثال ما الذي أرتكبه عبدربه منصور هادي ليكون بهذه الحالة المؤسفة والمشلولة ؟، ثم ماذا وراء سلطان البركاني عبده الجندي من معوقات تجعل من الحرية كلاماً عبثياً ومن الصنمية أصلاً لا بد منه إلا حرصاً على ما هو أبعد من مجرد الرأي ليتعدى هذا المفهوم إلى الكرامة ومسخ الشخصية، الكلام في ظل التعاطي مع هذا الرجل وأعوانه يبدو في غاية الصعوبة ليس في الدراسة ولكن في الفهم وإصدار القرار لأن الموضوع تعدى الموضوعية والعقلانية والحوار ليطرح سؤال الهوية والهوية الوطنية فمن يطالب بإسقاط النظام يمنيين ومن ضحوا بأنفسهم يمنيين ولكن من يستطيع أن يقول بأن النظام السابق وأعوانه ومن يتصدر الوضع الآن خلفاً له يمنيين أيضاً، ليست هذه مجازفة ولا تعدي ولكنها محاولة للغوص في أغوار تلك النفس اللعينة التي تريد أن تحكم لمجرد الشهوة والشهوة فقط، تلك النزعة الشيطانية التي تسعد لسقوط الدماء وتكسير العظام ورؤية الجروح القاتلة والمميتة، ربما تلك النفس الشيطانية رأت نفسها صريعة بنفس الطريقة والاسلوب، بنفس المكر وطريقة الخداع، وكأن الطالب قد تفوق على أستاذه ليجعل من الأستاذ ضحية وعبرة وموعظة لمعاونيه ومساعديه ويجعل من الطبيعة اليمنية تلك المخلدة في الأذهان بأنها القائمة على سياسية الانتقام والقتل كما كانت أيام السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، هنا كانت المشكلة قد تعمقت في أذهان الكثير من المفكرين الذين يتحدثون عن تخوفهم من الثورة اليمنية لو حدث وأن تطورت الأمور لحرب أهلية في البلد، خوف مبرر وضروري فمن أهم ما يجعل المفكر مفكراً أن يكون قلقاً، لكن علينا أن نركز وعلى الجميع أن يدركوا خاصة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وكل المفكرين بأن أي حرب أهلية في البلد سيكون سببها الرئيس ونائب الرئيس، واي عسكرة للبلد سوف تكون إرضاء للأمزجة وحفاظاً على فرد وليس ضرورة ملحة لحماية البلد، وأي اغتيال أو سفك للدماء ليس إلا من مدمنيه، فلا خوف طالما كانت التوجهات الإقليمية والدولية هي لحماية البلد والإنسان، أما إذا كانت التوجهات إنه والله بالنسبة للرئيس هو قد مات لأن هذه قناعة ترسخت في أذهان اليمنيين حتى وإن قال كلمة هنا وتحدث من هناك ولكن يجب أن يكون البديل هو صاحب نفس مواصفات الثوب الذي فصل له فإنها الحماقة، وأن التاريخ يرتكب حماقة أخرى،دون إدراك بأهمية الوعي العام الآن وانحسار مفهوم التبعية، حيث أن من أهم أهداف الثورة إلغاء التبعية للآخر وتسييد القرار الوطني، وإن كنت أؤمن أن ما آخر الثورة هو ذلك الثوب أو صاحبه فإنني على يقين بأن اي ثوب وأي رجل لن يكون بديلاً مرضياً لأن الضغط الشعبي والطريقة الحضارية التي مورست تجعل من الشعوب صاحبة براءات اختراع في طريقة مقاومتها وطريقة إدارتها لنفسها ولحياتها..
الرئيس مات في عيون اليمنيين والحياة السياسية والنهج السياسي الذي يتبناها لا زالت تراوح مكانها، تمكنت أيادي من إسقاط الرأس، ولكن الجسد يتلوى بقوة كجسد أفعى، يضرب بكل الاتجاهات لينتقم للرأس، فهادي خرج من هدوءه ليعلن بشده موقفه المبدئي من الثورة والمستقبل، بعد رؤية تصريحاته في السي إن إن أحسست بلعنتين كبيرتين، فدستورنا يجعل من نائب الرئيس كبديل للرئيس في حال عدم قدرة الرئيس على ممارسة مهامه، وأحسست بلعنة أخرى أن يكون هو عبدربه منصور هادي، تاريخ معروف، لا يمكن أن يتخلى على التوازن الذي يجعله مطمئناً طيلة حياته في بيته المسور في شارع الستين سوى ذلك الرجل المغادر، كان واثقاً كل الثقة وهو يتحدث عن ذلك التوازن بيدين متلازمتين أحياناً وأحياناً أخرى يمسك بالقلم والورقة كحركة تساعده على النطق والتفكير وتبعد عنه حالة الارتباك والخوف، حينها رأيت رجل لا يمكن أن يكون الشعب همه أو من هم في ساحة التغيير، الرجل كان لديه هم وحيد هون كيف يدير حوار في البلد، وكيف يطول الوقت ليثبت الولاء للموتى بأنه استطاع أن يحافظ على زمام الأمور وأن يميع الحراك الثوري والسياسي في البلد حتى يبعثون من جديد، ولم يبقى في النظام إلا المسرحيين، يسرحون ويمرحون ويتحدثون للإعلام، اسماء أم مسميات، كائنات رمت بحضارة شعب وتاريخ أمة ونضال شباب يريد التحرر وظلت تحضر للدفاع عن فرد وهنا نضع خط كبير ليس تحت عنوان عريض وإنما تحت عبارات خطأ ومواقف خطأ ورجال كثر في موقع خطأ..
نقش:
قيل للفيلسوف ديمقراطيس لا تنظر فأغمض عينية، قيل له: لا تسمع، فسد أذنيه\، قيل له : لا تتكلم فوضع يده على شفتيه، قيل له: لا تفكر، فقال لا اقدر..