إن سلفنا الصالح لم يخالفوا القرآن والسنة، وما ينقله سدنة الحكام الظلمة قول محرف عن العلماء أو كان في ظروف خاصة تم بتر أقوالهم بترا، والذين لا يخشون من تحريف القرآن على وضوح آياته كيف يخشون من تحريف أقوال السلف واليك ما يدهشك من أقوال علماء الإسلام رحمة الله عليهم في الثورة على الحكام الظلمة:
الإمام مالك يقول : من يكره الناس على اختياره خليفة تحت أي ضغط فلا بيعة له وقد سجن وعذب بسبب رأيه هذا. (العلل ص186). فما نقول في بيعة من يزوّر إرادة الناس ويكره الأموات في قبورهم على مبايعته؟
وكان يقول: ( ضربت فيما ضرب فيه بن المسيب ومحمد بن المنكدر وربيعة ولا خير فيمن لا يؤذى في هذا الأمر) (تاريخ الذهبي 9/331) ، الذي يداهن الظالم خوفا من أذاه لا خير فيه والخير في من يقول الحق فيؤذى.
حبس سفيان الثوري وابن جريج وعباد بن كثير لأنهم ناوءوا سياسة أبي جعفر المنصور (الطبري 4/515)
وقال الذهبي عن الساكتين من العلماء عن الحق:
قد كان عبد الله بن علي ملكا جبارا، سفاكا للدماء، صعب المراس، ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق كما ترى، لا كخلق من علماء السوء، الذين يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف، ويقلبون لهم الباطل حقا - قاتلهم الله - أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق. (سير أعلام النبلاء (7/ 125).
آهل السنة يخرجون على الظالم :
احمد بن نصر الخزاعي:بايعه الناس على خلع الواثق واعد لذلك وظفر به فصلب فقال بن كثير في البداية والنهاية 10/317 عنه ( كان من أئمة السنة من أكابر العلماء العاملين ختم الله له بالشهادة).
ابن حجر: يرى أن الخوارج إذا خرجوا على الحاكم الظالم آهل حق:
هم قسمان : قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسيرة النبوية فهؤلاء أهل حق ومنهم الحسين بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج وقسم خرجوا لطلب الملك فقط وهم البغاة. فيض القدير (3/ 679).
ابن حزم ينكر على من يقول بإجماع الأمة على حرمة الخروج على الظالم ويؤكد أن أفاضل الصحابة وأكابر التابعين وخيار المسلمين خرجوا على الظالم فقال في مراتب الإجماع ص199 : ( وقد علم أن أفاضل الصحابة وبقية الناس يوم الحرة خرجوا على يزيد بن معاوية، وان ابن الزبير ومن تبعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضا، وان الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم أترى هؤلاء كفروا؟؟
الشوكاني يرى أن الأمة لا تهلك بالشرك ما داموا يتعاطون الحقوق ولا يظلمون الناس:
قال عند قوله تعالى:{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } أي: ما صحّ ولا استقام أن يهلك الله سبحانه أهل القرى بظلم يتلبسون به وهو الشرك ، والحال أن أهلها مصلحون فيما بينهم في تعاطي الحقوق لا يظلمون الناس شيئاً والمعنى: أنه لا يهلكهم بمجرد الشرك وحده حتى ينضمّ إليه الفساد في الأرض. فتح القدير (3/ 496)
وأكد الطبري هذا المعنى عند تفسير نفس الآية :
فقال : (وأهلها مصلحون) أي فيما بينهم في تعاطي الحقوق، أي لم يكن ليهلكهم بالكفر وحده حتى ينضاف إليه الفساد، كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان، وفي صحيح الترمذي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ".تفسير القرطبي (9/ 114)
وقال ابن تيمية ( إن الله يقيم الدولة العادلة وان كانت مشركة ويهلك الظالمة وان كانت مؤمنة)
آهل السنة يحرمون القتال تحت راية الحاكم الظالم ضد من يخرج عليه يطالب بحقه قال بن حجر: ( إلا أن الجميع يحرمون القتال مع أئمة الجور ضد من خرج عليهم من آهل الحق) فتح الباري 12/286
آهل السنة يرون أن من خرج على الحاكم الظالم الذي يريد أن يسلب حقه معذور: قال بن حجر (( وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَة إِمَام جَائِر أَرَادَ الْغَلَبَة عَلَى مَاله أَوْ نَفْسه أَوْ أَهْله فَهُوَ مَعْذُور وَلَا يَحِلّ قِتَاله وَلَهُ أَنْ يَدْفَع عَنْ نَفْسه وَمَاله وَأَهْله بِقَدْرِ طَاقَته.
آهل السنة يحرمون قتال الخوارج الذين يكفرون المسلمين إذا خرجوا على إمام جائر، قال بن حجر: (( قال الإمام علي عن الخوارج : إِنْ خَالَفُوا إِمَامًا عَدْلًا فَقَاتِلُوهُمْ ، وَإِنْ خَالَفُوا إِمَامًا جَائِرًا فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ مَقَالًا ). فتح الباري لابن حجر (19/ 389)
قال ابن القاسم : ( ولو دخلوا مدينة لا يريدون إلا الإمام وحده فلا تقاتلوهم إذا كان الإمام جائرا ظالما)
وسئل مالك عن الحاكم إذا قام من يريد إزالة ملكه هل يجب الدفاع عنه فقال: ( أما مثل عمر بن عبد العزيز فنعم وأما غيره فلا ودعه وما يريد، فينتقم الله من ظالم بظالم ثم ينتقم الله منهما جميعا) العقد المنظم بحاشية تبصرة الحكام 2/195
ذاك هو كتاب الله وهؤلاء هم علماء السلف فمن هم علماء السلطة ومن سلفهم ومن هم مشائخهم وما هو كتابهم ومن هو نبيهم...؟؟ وأفتوني في الثورة التونسية والمظاهرات في اليمن ومصر والأردن (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [يونس : 36]