خطاب الأخ رئيس الجمهورية مطلع هذا الأسبوع أمام القيادات الأمنية والعسكرية كان مخيباً ومتناقضاً حيث ظهر الرئيس كمن يسبح عكس التيار، إلا أنه أرسل من خلال هذا الخطاب رسائل واضحة لعل أهمها أنه غير قادر أو ربما غير مستعد لأن يفهم أبناء شعبه ويستمع لمطالبهم وغير مستعد للتغير ولإعطاء الشعب حقوقه وأكد أنه لازال ينظر إلى القوات المسلحة والأمن كأدوات خاصة به يراهن عليها لقمع الشعب وقهره وحاول أيضا من خلال هذا الخطاب إظهار أن الشعب اليمني أضعف من الشعب التونسي وأن من حوله من القيادات الرسمية للدولة مدنية أو عسكرية أقل وطنية ممن كانوا حول الرئيس التونسي المخلوع وبالتالي فوضعه أقوى من وضع الرئيس بن علي.
كما تضمن الخطاب الكثير من المغالطات والمعلومات المجافية للحقيقة وللواقع كقوله إن المعارضة هي من رفضت الحوار مع علمه وعلم الجميع أنه هو شخصياً من أوقف وبدون ذكر أسباب جهود السير في حوار وطني مشترك، وكذا قوله بأن المعارضة تطلب تمديدا إضافيا لمجلس النواب مع أنه هو وحزبه هم الممسكين بالسلطة وأي تمديد سيكون لهم وليس للمعارضة بالإضافة إلى إعطاء نفسه الحق بالتأبيد في الرئاسة بحجه تنفيذه لبرنامجه الانتخابي الذي فشلت سلطته في تنفيذ أي من الوعود الكبيرة والكثيرة لأبناء اليمن التي تضمنها ذلك البرنامج الرئاسي والذي يبدو أن الأخ الرئيس نسي أنه لم يفِ بأحد أهم التزاماته في ذلك البرنامج وهي إيقاف الجرع.
كما نسي الأخ الرئيس وهو يتهجم على المتحدثين عن التوريث أنه يتحدث أمام قيادات الأمن والجيش الذين سلم قيادتهم لورثته بشكل يخالف الدستور والقانون بشكل فج.
ولعل دعوته لإجراء مناظرة تلفزيونية مع قيادات المعارضة هي النقطة الايجابية الوحيدة في هذا الخطاب ليس لأن المناظرات هي التي ستحل مشاكل اليمن المعقدة ولكن لكونها فرصه لتوضيح الحقائق لأبناء الشعب، وقد تواصلت بعد الخطاب بالرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الذي وصفه الأخ الرئيس في خطابه بالإمامي مع أنه يعلم علم اليقين بأن الدكتور المتوكل كان في مقدمة صفوف الجمهوريين والتاريخ خير شاهد على ذلك، كما تواصلت مع بعض قيادات المشترك الذين أكدوا موافقتهم على أن تكون هذه المناظرة مباشره وغير مسجلة وأنهم مستعدون تسميه من سيمثلهم في هذه المناظرة وعليه فالمطلوب من الأخ الرئيس أن يكلف من يمثله للتواصل مع اللقاء المشترك وترتيب هذه المناظرة التلفزيونية العلنية المباشرة.
ومن جانبي فإنني اقترح أن تكون محاور المناظرة مستقاة من محتوى خطاب الأخ الرئيس نفسه فقد تضمن هذا الخطاب الكثير من الاتهامات للمعارضة وتناول كثير من القضايا الحساسة وبالتالي فإما أن تأتي المناظرة لتؤكد صحة الاتهامات التي وردت على لسان الأخ الرئيس مما يستوجب بالتالي على المعارضة مراجعة مواقفها أو أن تثبت المناظرة عكس ذلك وهنا فليس مقبول من الأخ الرئيس مجرد الاعتذار أو إطلاق الوعود والشعارات.
وفيما يلي ابرز ما تمكنت من رصده كمحاور لهذه المناظرة من خلال ما ورد في خطاب الأخ الرئيس وذلك على النحو التالي:
- من الذي يمارس الفوضى والخروج عن الدستور والقانون هل هي المعارضة أم السلطة؟
- هل ما تدعو له المعارضة وشركاءها من اعتصامات ومظاهرات وغيرها من مظاهر النضال السلمي يتم خارج إطار الحقوق الدستورية لأبناء الشعب اليمني؟
- هل تعي السلطة فعلاً ما هي منجزات الثورة والوحدة وهل تبذل أي جهد للحفاظ على هذه المنجزات أم على العكس، وهل خرجت المعارضة بمطالبها عن روح الثورة والوحدة ومضامينها؟