قصيدة (الشاملة) للشيخ عبدالباسط مجلي

صَبَّرْتُ نَفْسِيْ على الاهـوال الوِيْـهَا *** حتـى تَمَزَّقْ لِفَرْطِ الصـبر لاوِيْهـا

زِدْتُ اِصْطِبَارَاً على الايـام في جَـلَدٍ *** لِاُرْغِـمَ النفسَ بـالايام اُرضـيْهَـا

يَا نَفْسُ انـي اراك اليـوم فـي ضَجَرٍ *** هـل مـن سِقَامٍ لَعَلِّـيْ ان اداويهـا

زَادَتْ نُـفُوْرَاً شـديدَ البَأس في صَلَفٍ *** فـي عُنـْفُوَانٍ قَوِيٍّ راســخٍ فيهـا

نَادَيْتُ بِالصَـوْتِ عـالٍ في طَـلاقَتِهِ *** لَعَـلَّ صَوْتِيْ يُدَوِّيْ فــي نَوَاحِيْهَـا

او اُسْـمِعُ النفسَ الحـاناً تُسَرُّ بِـهَـا *** لَعَلَّ شَدْوِيْ يُخـَفِّفْ مـن مَئَاسِيْهَـا

مِنْ آي رَبِّـي اُجَـلِّي الـهَمَّ مُلْتَمِـسَاً *** للنفْسِ نور مـن الايـات يحيـيـها

او من كـلامِ النبيِّ المصطفى النَّجِـبِ *** يروي ضماها بِغَيْثٍ جَـلَّ سـاقِيهـا

لم تُرْعِنِـي سَمْـعَهَا زادَتْ به صَـمَمٌ *** غَشَّى علـيها سـواد فـي مَئَاقِيْهَـا

قد حِرْتُ منها وزاد التِّيْه فـي خَـلَدِيْ *** والعقل طَـاشَا ولَمْ يَفْهَمْ مَغَـازِيْهَـا

في سرعة الـبرق دَوْمَـاً فـي تَقَلُّبِهَا *** تَذْهَبْ وتـأتي ولـم اُدْرِكْ مَرَامِيْهَـا

ضـاق الفضـاء بـها ما فيـه مُتَّسَعُ *** ولم يُجَلِّيْ شـعاع الشمـس دَاجِيْهَـا

سالتها بـعد مـا طـال السُّـهَادُ بـها *** والنوم جافـا عـيوني فـي لياليهـا

سالتها عن حـياة الحـر فـي تَـعَبٍ *** ياليت شعري متى الاتْعَاب يَطْوِيهـا

رَدَّتْ عَـلَيَّ جـواباً صـارخاً حَـمِسَاً *** الْحُـر دوْمَاً يعـاني مـن تَجَنِّـيْهَـا

الشرقُ والغربُ يَـلهُوا فـي تَـخَبُّطِهِ *** وعُصْبَةُ الشر قد عاثـت افـاعيهـا

تَنْهَشْ وتَـأكـلْ عبـاد الله فـي نَـهَمٍ *** تُـدَنِّس الارض والارواح تُـرْدِيْهَـا

انَّا اتجهت ترى الاقـوام فـي سَـكَرٍ *** يا حسْرَة في بني الانسـان تُزْرِيْهَـا

انظرالى من يَسُوْس النـاس تَعْرفهـم *** من مَـعْشَرٍ في هوانٍ بـات يشقيهـا

ما عاد فيهم من الابطال مَطْمَـحُـهُـم *** عِـزُّ البـلاد ولـلاجْنَـادِ يُزْجِيْهَـا

هَانُـوا عـلى الله لـما خالـفوا سَنَنَاً *** ذُلَّتْ نـواصٍ وقـدْ غُلَّـتْ اَيَادِيْهَـا

فـي عيشـهم بَذَخٌ والقصـر مَسْكَنُهُمْ *** يـعْلوا بٍنَـاهَا ولا شـيء يُدَانـِيْهَـا

قـانونـهم اجْنَبِيْ يَـحْكُـمْ بِـلادَهُـمُ *** والجَورُ يسْـرِي حَثيثاً فـي بوادِيهـا

مبادئ الدين تـشْكوا مِـن ضَـلالتهم *** وشرع ربـي بِهِمْ قَدْ نَـالَ تَشْوِيْهَـا

هل تذكر الامة الأوْلى وما صـنعـت *** في حُكْمِهَا يا فتى ام انْـت ناسيـهـا

هل لا وَعَيْت لِمَا هذا الحال ارَّقَـنِـي *** هذِ المئاسي التـي قد كنـت اُخْـفِيْهَا

إنْ رُمْتَ عيـشاً هنـيئاً لا عَـنَاء بـه *** للنـفس يَصْفُوا فَـدَعْ عَـنَّكْ تَمَنِّيْهَـا

إن كنت مِنْ مَنْ يريد العِزَّ في عَـجَلٍ *** إلى المعـالي فشمّـرْ كـي تُلاقيهـا

واتْرك خُمُوْلاً وَثَـابٍـر لا تَـنَـمْ ابداً *** واهْجُرْ حياة الهَنَى واتْـرك مَلاهِيـها

يا خـاطـبَ الـغِيْدِ ان المـهر ذا ثِقَلٍ *** إن كنـت لِلْـغِيْدِ تَوَّاقـَاً وَتَبْـغِيْهـَا

فاجْهَدْ لـجمعِ المُهُورِ الغـاليَـات إذا *** رُمْتَ الوِصـال إلى الاَبْكـَار تَجْنِيْهَا

واركـب جِيَاداً تُظَاهِي الريح إِنْ قَدَحَتْ *** تَعْدُوْا على الارض ما خانت مَرَاعِيْهَا

واحْمِل سيوفاً تُظَاهِي الشمس إن لَمَعَتْ *** كالبرق تَقْصِفْ تزلزل في اعـاديهـا

مِنْ مَنْبَعِ العُرْبِ للتاريخ قـدْ صَـنَعُوا *** تُعْلِيْ صُرُوحَاً مِن الاخْـلاق تبنيهـا

ارفـع لِـواء عَلى فـي كـل مُعْتَرَكٍ *** في امَّةِ المصطفـى جَـدِّدْ لِماضِيهـا

انت الابيُّ الـذي لا ترتـظِي وَجَـلاً *** مِنْ عِزَّةِ الله نَنْـهَـل من سَـوَاقيهـا

فـي هَدْيِ طه لـنا عـز ومَفْـخَـرَةٌ *** لا نرتظي غيـره لِلْرَكْبِ شَـاديهـا

والعقل يَصْفُوا بِنُور الـعلم والْحـِكَـمِ *** مِنْ دَوْحَـةِ الـدين والقرآن يُزْكِيْهَـا

هو الخَـلاص لـكل الناس مـن غَرَقٍ *** نَرْكَبْ سَفِيْنَ الـهدى والله مُجْرِيْهَـا

يا نفس اني ارى الاقْـوام فـي تَـرَفٍ *** والمـال جَـمٌّ كثيـر فـي نَوَادِيْهَـا

والحـر يَشْقَـى فقـيراً رُغْـمَ عِزَّتِـهِ *** والنـذْل يَجْني رحيقـاً مـن مَجَانِيْهَا

انِّـي طَعـِمْـتُ الرَّزَايَا كـلها تَبَـعَاً *** فزادنـي طَـعْمهـا بِالْـعَزْمِ آتِيْهَـا

إنَّ النفُـوس التي عاشـت عـلى قِيَمٍ *** ما ضَرَّهَا الفقر او هانَـتْ معالِيْهَـا

تَعْلُـوا عُلُوَّا النـجومِ الساطِعـاتِ اذا *** صَفَتْ لها في سمـاء المـجد زَاهِيها

ما العيْبُ الا مِـنَ الاخـلاق سَـاقِطَةٍ *** تُرْدِيْ النفوس الى مـا صار يُخزِيها

قد كنت يا قَلْبُ تَرْجُوْا في العُلَـى سَكَنَاً *** فاليوم بادِرْ لِكَــي تَعْلُوا رَوَاسِيهـا

عَاهَـدْت ربـي عظـيماً فـي جَلالَتِه *** انْ ابْـذُل النفْس للاسـلام اُهْـدِيْهَـا

وَاُجْـهِـدُ الروح للرحمـن عـابِـدة *** لَعَلَّ ربي مـن النـيران يُنْـجِيْـهَـا

وَاشْحَـذ الفِـكْر مِنْ انْـوَار حِـكْمَتِه *** مُبَلِّـغَـاً لِلْـوَرى لِلْـحَقِّ اَدْعِيْـهَـا

وَادْفَع الشَّر عن اهلي وعـن وَطَنِـي *** بِعَزْمَةِ الَّـليثِ لا يَخْـضَع لِغَـازِيْهَا

يَا نَفْسُ هَوْنَاً فَإنـي الـيومَ اَلْمَـحُـهَا *** بَيَارِقُ النَّصْرِ لَاحَتْ فِي تَبَـاهِـيْهَـا

سَيُشْرِقُ الفجرُ فـينا رُغْـمَ حِـلْـكَتِهِ *** ونُنْشِدُ الَّلـحْنَ عَذْبَاً مِـنْ اَغَـانِيْهَـا

وَيَطْرَبُ الـكونُ مِنْـهَا ضَاحِكَاً بَـسِمَاً *** وَتَسْعَـد الارض قَاصِيْهَـا وَدَانِيْهَـا