لم يستطيع الصديق أن يمنع لسانه من إطلاق قذائف على صاحبه الذى أغضبه ، وكان كلامه حادا قاسيا مؤلما ، حمل كل ما فى نفسه من غضب وضيق وحنق وعاد
كل من الصديقين إلى داره ، الغاضب هدأ وعاد لرشده والمغضوب عليه حزين غير مصدق أن يؤلمه صديقه بهذة العبارات والكلمات القاسيه الملتهبه وبعدما
عاد للغاضب رشده ندم وتألم وضاقت عليه الدنيا بما رحبت وعرف أنه كان كلامه قاسيا جدا جدا ليت الكلمات تعود مرة أخرى إلى جوف المرء منا هكذا قال لنفسه
وقرر الصديق أن يعتذر لصديقه ويستسمحه وبالفعل ذهب إليه معتذرا ومنكسرا طالبا منه العفو والغفران وقبل الصديق اعتذر صاحبه وغفر له قسوة كلامه وشدة عباراته
الجارحه لكن الصديق المعتذر لم يسامح نفسه وأحس أن هناك شيئا قد انكسر فى علاقته بأخيه حار فكره فى كيف يعيد الماى إلى مجاريها ويمزق تلك الصفحه المؤلمه
من دفتر علاقته بصديقه ذهب إلى رجل حكيم يبى ويقصد المشورة والرأى السديد فقال له الحكيم : طاوعنى فيما أطلب منك ولك مني النصيحه الصادقه فوافقه الصديق النادم بلا إبطاء فقال له الحكيم خذ هذا الكيس الصغير إن به عشرين ريشه من ريش الدجاج ضع أمام كل بيت من بيوت حارتنا واحدة ثم عد إلى لم يجادل الرجل فى طلبه بل أجابه وأخذ منه الكيس وفعل ما أمره به الرجل الحكيم وعندما عاد قال له الحكيم الأن أذهب وعد إلى بالريش مره أخرى فذهب صاحبنا وعاد والكيس فارغة فالريش قد أطارتها الرياح بعيدا
هنا ابتسم الحكيم قائلا وكلامنا كالريش يخرج منا ويطير أبعد مما كنا نظن ولا نستطيع إرجاعه او السيطرة عليه مادام قد فارق شفاهنا سهل جدا أن ننثر الريش هنا وهناك كما أنه سهل كذلك أن نتفوه بالكلمات والعبارات القاسيه لكننا إذا أحببنا أن نعيد أى منهما مرة ثانيه فالأمر ليس بالسهل او اليسير
أن الحكمه التى عناها الحكيم هى أن التحكم فى السلوك على صعوبته أيسر مؤنه من أرجاع الكلمه القاسيه او السلوك المندفع وأننا إذا أحببنا امتلاك أفئدة الناس فيجب أن نمرن اروحنا على ضبط النفس والتحكم فى المشاعر والاحاسيس المختلفه أن اللسان يجرح الفؤاد كما يجرح السكين جسد المرء منا وكما أن التئام جرح البدن شيء غير مستغرب فإن التئام جرح الفؤاد كذلك ممكنا خاصة إذا صاحبه اعتذار جميل وصفح وقبول للمعاذير بيد أن الجرح سواء الجسدى او الحسى حتى وأن اندمل مايلبث يترك أثرا يدل عليه حتى أخر العمر فما يضطرنا إلى ترك أثار سيئه فى أفئدة الاخرين تخبرنا وإياهم كم كنا قساة مخطئن نتعلم يا أخوتى تلك الحكمه ونتذكر الريش المتطائر وصعوبه جمعه ايضا كما يقال الحقيقه تظهر مع زلات اللسان
وسلامتكم