اليمن قبل الثورة مثلها بعدها بل أشد تعساً ، ليس لأن نظام صالح كان صالحاً ولكن لأن الوجوه لم تتغير بعد !! فمسلسل إذلال المواطن اليمني و التسول بإسمه مازالت حلقاتها نفسها ، رغم خروج الشعب اليمني في ثورة نشد خلالها كرامته التي أَهدرت في زمن المخلوع وهم أهل الكرامة.
عندما خرج هذا الشعب في ثورته التي أذهلت العالم بحجم تضحياتها وهم يستقبلون رصاص المخلوع بصدور عارية ، لم يخرجوا ليطيحوا بشخص المخلوع الذي فرط بسيادة الوطن و أهدر مقدراته وحسب ، بل خرج هذا الشعب العظيم كغيره من الشعوب الحرة على منظومة الفساد و المحسوبية التي تتصدر بكل أسف المشهد السياسي اليوم ، فدعائم الفساد بالأمس القريب أصبحوا ثوار اليوم و أبطال المرحلة.
اليوم و بعد سنة وثمانية أشهر لم يتغيير المشهد اليمني كثيراً غير إن دائرة الفساد إتسعت لتشمل المعارضة بعد أن كانت مقتصرة على النظام السابق
كم كنا سذج عندما اعتقدنا بإن من شارك في نهب الوطن طيلة الثلاثة العقود الماضية واستباح الأرض و الإنسان واستخدم نفوذه و قبيلته في التربح الغير المشروع على حساب الوطن ، أن يصبح بين يوم و ضحاها وطني وهو من تربى على يد و عين المخلوع
كيف صدقنا ديناصورت الفساد و الإفساد والمستنفعون من شيوخ ومثقفون انتهازيون !! كيف صدقنا إيمانهم بمبادئ ثورتنا التي قامت أصلا للإطاحة به
اليوم لم نعد ندرك لماذا قامت ثورتنا ونحن نرى المتسلقون وبقايا النظام وهم ما يزالوا يمسكون بكل مفاصل الدولة ،أصبحنا على يقين إن الثورة أسقطت صالح لتبقي على أسوء مافي الصالحية.
كم هو مؤلم أن نرى كيف تم اللإلتفاف على أخر أحلامنا بإستعادة وطن ، و كيف تم التاَمر عليها من الداخل ومن دول كانت من المفروض أن تكون شقيقة ، فالتاريخ يعيد نفسه و لكن بشكل مأساوي ، فنلدغ مرة أخرى من الجارة بعد أن لدغنا في ثورة 26 سبتمبر ، الأشد ايلاماً اليوم ، كيف يتم الترويج لإنتصارات وهمية وكيف يتم استغلال أحلامنا سياسياُ.
كان علينا أن ندرك من الوهلة الأولى إن القبول بأنصاف الحلول سيجعل من اليمن ساحة لصراع و سيسعى كل طرف للتربص بالأخر وبدلاُ من بناء الوطن سيتقاتل الطرفان ليثبت كلاً منهما فشل الأخر و سنرى معركة بسط النفوذ.
كل ما يشهده الوطن من أحداث تشيير بما لا يدع مجال للشك إن الإرادة غير موجودة لدى السياسين في السعي نحو التغيير المنشود ، لإنه سيساهم بشكل أو بأخر في الإطاحة بهم ، لذلك نرى كيف يتم الدفع نحو القبول بأنصاف الحلول وترويج إنجازات يكذبها الواقع.
إن الحزن و المرارة يتسلل إلى نفسي كلما تذكرت شهدائنا الذين استرخصوا أرواحهم فداء لهذا الوطن ، كانوا خيرة شبابنا و أنبلهم و كانوا أطهرنا و أكثرنا حباً لهذا الوطن ، مازلت أشعر بغصة و أنا أتذكر صديق لي وهو يقول *سنظل نحفر في الجدار إما فتحنا ثغرة لنور أو متنا على وجه الجدار* ، لم يكون يدرك صديقي بعد إن رحل ، بإن خلف الجدار لا يوجد نور وإنما ديناصورات وركاب ثورات.
الله وحده يعلم كيف ستؤول اليه اليمن ، لكننا أصبحنا متأكدين بأن حكومة برأسين رأس داء و رأس دواء لا يمكن أن تبني وقد ساءت النيات ، ومع كل يوم يمر يترسخ لدينا إيمان بفشل المبادرة الخليجية التي لم تراعي مطلقاً تطلعات الشعب اليمني بقدر ما جاءت لتجهض ثورتنا و تنهيها بتسويات سياسية كما هو قدرنا مع ثورتنا السابقة ،والدول الحاضنة للمبادرة الخليجية دول لا تعترف بالديمقراطية و لها سجل أسود بحقوق الإنسان ولا يمكن أن تأتي لنا بحل ديمقراطي لإن فاقد الشئ لا يعطيه.
اليوم و بعد فشل الثورة في تحقيق أهم أهدافها و هو إسقاط النظام ، نجد أنفسنا مضطرون أن نعتذر مرة أخرى لشهداء الوطن ومعتقلي الثورة الذين أوصلوا المعارضة الى سدة الحكم ، نعتذر لشعب الجنوب الذين ناضلنا لرفع الظلم عنهم وإرجاع حقوقهم ، نعتذر لأبين التى حولها النظام الى مدينة للموت ، نعتذر لمهجري الجعاشن و لأرحب المنكوبة ولشعب الحديدة المنسي، نعتذر لصعدة التي أصبحت دولة داخل دولة و تحكم بطائفة دخيلة على مجتمعنا.
نعتذر للوطن لأن العملاء والخونة أصبحوا يستقون عليه بإيران والسعودية ،وحتى يصنع الله امر كان مفعولا ، نقول لهؤلاء العملاء و الفاسدين لا طيب الله اعيادكم...