لقد ظهر جلياً أنه بالرغم من أن الأنظمة الاستبدادية حاولت أن تبث الخوف والعجز والخضوع واليأس لدى الإنسان العربي من خلال مصادرة قراره وحجز حريته، وإخضاعه لسطوتها وتدجينه، وتغييب الفرد الحر بين جموع "الرعايا" أو "الجماهير" الساكنة على الدوام، والمتحركة أحياناً حسبما تريده الأنظمة، إلا أنها لم تتوقع أن يخرج الإنسان العربي من ضباب الاستبداد والاضطراب كي يقارعها ويهزّ أبنيتها، بعدما اكتسب القدرة اللازمة لتأكيد استقلاليته، وراح يسخر إمكانيات التواصل الاجتماعي الذي توفره التقنيات الحديثة كي يعبّر عن ذاته عبر أرضيات بالغة الاتساع ومترامية الأطراف.
لذلك ينبغي على باقي الأنظمة التسلطية العربية أن تعي تماماً الدرس الذي يفيد بأن ما كان محرماً من قبل قد انكسر، حيث بدأت الشعوب العربية كسر حاجز الخوف، وتجاوز المحرمات واجتياز الخطوط الحمراء، وبالتالي فإن الأجدى أن تدرك الأنظمة العربية ضرورة التغيير وبما يتفق مع مطالب القوى الوطنية المعارضة.
والمطلوب أن تبدأ سائر الأنظمة تهيئة المناخ للتغيير الديمقراطي السلمي عبر إلغاء حالة الطوارئ والقوانين والمحاكم الاستثنائية، والإفراج عن كافة معتقلي الرأي والسجناء السياسيين، أولئك الذين وجهت ولفقت إليهم تهماً باطلة، أو لم توجه لهم أي تهمة ولم يفرج عنهم.
وكذلك عبر تشريع التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة، وضمان حرية التظاهر، وعقد الاجتماعات العامة، وإلغاء كافة القوانين التي أدت إلى حالة من الجمود والانسداد السياسي.