لم يكن منظرا عادياً و لا يوماً كباقي الايام ولا وصولاً لرجل عادي.. الزمن هو الثالث من يونيو 2012 اي بعد عام كامل من الجريمة التي يندى لها الجبين والتي استهدفت الرئيس السابق علي عبد الله صالح –رئيس المؤتمر الشعبي العام- والى جواره كامل رؤوس قيادة الدولة – رؤساء مجالس النواب والشورى والوزراء- والواقعة في اول جمعة برجب الحرام التي كان عُبّاد الاصنام يُوقفون القتال فيه، وإذا بالآمنين في صلاة الجمعة يتلقون ضربات الخيانة في مكان ووقت وشهر حرام. والمنظر لم يكن عادياً فقبل عام من يوم الوصول، وصل الغدر الى بيت من بيوت الله، ولهذا فلم يكن ترتيبه في نفس اليوم بل وقريب من نفس التوقيت مصادفة بل تم بعناية فائقة وموفقة، فوصول الشيخ صادق امين ابو راس الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام للشئون التنظيمية ونائب رئيس الوزراء السابق –احد الناجين من جريمة رجب- اعاد للناس تلك المشاهد الاليمة التي وقف امامها العالم متعجباً، بحيث لم يسبق من قبل ان نفذ اعداء اي ديانة نفس الاسلوب الاجرامي في مكان عبادة ووقت صلاة، ولأن المصاب جلل وأرعب النفوس فقد خرج المحبون لاستقبال رجل من رجال اليمن الكبار، رجل صبر على ما اصابه واحتسبه عند الله، رجل لم يفرح بمصيبة إخوانه، ولم يسمح للغل ان يتقوقع في قلبه، وليس ادل على ذلك كلماته التي قالها وهو يقابل مستقبيله من على باب الطائرة الرئاسية - وأبكتهم-: "إنه لشرف كبير لي أن أكون معكم في صنعاء الحضارة ولا يسعني إلا أن أشكركم فرداً فرداً، وفي هذه المناسبة وباسم المؤتمر الشعبي العام نعلن أن المؤتمر الشعبي العام يمد يديه إلى كل المخلصين من أبناء اليمن لكي ننتشل اليمن من هذه البؤرة بعيداً عن المزايدات". لقد عبرت تلك الكلمات التي سبقها بنثر الفل على الحاضرين السماحة التي يتمتع بها كرجل مسؤل في حزب المؤتمر الشعبي العام.. وأتصور لو ان احد غيره - اصيب بما اصيب - لخرج ناقماً شاتماً طالباً بالانتقام والثأر... إلا انه افصح عن الاخلاق التي يتمتع بها الكبار والتي هي سجية وليست اصطناع، ولأجل هذا خرج الشرفاء لاستقباله في تعبير جديد عن ادانتهم لجريمة مسجد دار الرئاسة وساحات الاعتصامات وساحة الشعبين التي لا يقرها شعبنا اليمني الذي جُبل على التسامح والعفو، وبرهنوا على ان للمؤتمر انصاراً لا يمكن الغائهم وهم رقم لا يمكن تجاوزهم. جسّد الاخ الرئيس عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- الامين رئيس المؤتمر الشعبي العام، الحرصه الكبير على الاستقبال كيف لا وقد جهّز الطائرة الرئاسية لنقله من الرياض الى صنعاء في دلالة واضحة على ان اليمن لا تنسى من افنى عمره في خدمتها، بل ومن ضحى بنفسه من أجلها، فدلالات الطائرة الرئاسية –رغم ارتباطها بمواعيد كثيرة-تحمل اشارات كثيرة، والأكيد انها وصلت لمن يجب ان تصل اليهم تلك الاشارات. لقد ارسل الشيخ صادق ومن خلفه جميع من حضر الاستقبال كيف يبقى المؤتمريون أوفياء، ويكيف يكبرون على جراحهم ويمدون ايديهم رغم آلامهم وجراحهم للآخرين.. وهي بادرة ليست بغريبة وتستحق ان يتعامل معها الاخرون بنفس الروح الطيبة لنعبر سويا بالوطن الى بر الامان. هل تصل رسالة اليد الممدودة الى الجميع بحيث لا يبقى في القلوب إلا شيئ واحد كيف يجتهد الشركاء في حكومة الوفاق على العمل بروح الفريق الواحد الذي يحمل هم الامة والوطن، ولا هم اشخاص او احزاب. قام الرئيس السابق علي عبد الله صالح -رئيس المؤتمر الشعبي العام - بزيارة الشيخ صادق إلى منزله فور وصوله حملت كيف يتعامل رئيس المؤتمر مع الجميع بوفائه المعهود عنه.. فلم يكن احد من الحاضرين يتوقع وصوله وسط جموع المهنئين، ولخص روعة اللحظة العناق الحار الذي جرى بين الرجلين. مما جعل الشيخ صادق: "إن الرئيس علي عبد الله صالح سيظل أباً لكل اليمنيين وسيسجل له التاريخ موقفه الوطني بتجنيب اليمن الفوضى والتنازل عن السلطة عبر الطريقة الديمقراطية السلمية والسلسة". ولعل من ابرز ما نتج عن الزيارة تأكيد الرئيس السابق: "على أن أبناء اليمن والمؤتمريين في المقدمة سيتصدون لكل الأعمال الإرهابية وقال:ما يحصل في لودر وفي حضرموت وما يحصل في كل مكان عمل جبان وإرهابي ولكن كل أبناء الوطن مؤتمريين وأحزاب شريفة وغيرهم ستقف لهم بالمرصاد أينما وجدوا هذه العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، ولا يجوز الحوار معهم ولا يجوز الاتفاق معهم بأي حال من الأحوال مضيفاً: يمكن الاتفاق مع كل القوى السياسية إلا عناصر تنظيم القاعدة العناصر الإرهابية ". اننا ننادي كل ابناء اليمن الغيورين على بلدهم ان يقفوا صفاً واحد في وجه الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا ووطننا، والتي لن يستفيد منها إلا اعداء اليمن... علينا ان نُقبِل على الحوار الوطني الذي ينبغي ان لا يتجاهل أحد، وألا يُستثنى منه طرف، لأن معنى الاقصاء ان ندور في حلقة مفرغة فالحوار يجب إلا يقتصر على المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه.. فهؤلاء حوارهم مع بعضهم البعض مفروغ منه وهم في الاساس سبب الازمة السياسية... المهم كيف يتحاور هؤلاء -مجتمعين- مع البقية من شباب الساحات الى قوى الحراك والحوثيين. اليمن وضعها يختلف عن الدول الأخرى، ولا مكان فيه لإقصاء احد خصوصاً الرئيس السابق، فإذا الخطأ الذي وقع فيه الغاء بعض الاطراف في المناطق الجنوبية والشرقية، وهو ما نجني اليوم مرارته.. ولهذا فإن الاستبعاد لأي طرف كان والمطالبة برحيله، سَيُبقى النار خامدة وأي ريح ستشعلها من جديد.. الكل يحب اليمن ولا يمكن لأحد ان يزايد على احد إلا بقدر ما قدمه من خدمات لليمن.. عاشت اليمن موحدة ورحم الله شهداءنا الابرار في كل مكان وفي مقدمتهم الاستاذ عبد العزيز عبد الغني.