اللجوء إلى الأساليب التصعيدية عبر مسيرات من محافظة إلى محافظة ومن الجنوب إلى الشمال من الأساليب الاستفزازية التي دعا البيان الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي إلى عدم اللجوء إليها من منطلق الحرص على تطبيق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن رقم 2014 ..
أقول ذلك من منطلق الحرص على وحدة اليمن وأمنه واستقراره بعد أن أسفرت الاضطرابات عن سلسلة من التحديات والأخطار الكارثية في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، لأن مصطلحات الأسرية والشخصنة استراتيجية مدروسة موكلة للشباب الذين دفع بهم لإحداث الأزمة السياسية المركبة على نحو يتضرر منه المؤمنون بالدولة ولا يستفيد منه سوى الأسرة والقبيلة والجماعات الدينية في مواجهة يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها احد على الإطلاق، يصح وصفها بأن القبيلة تحاول ابتلاع الدولة وفق أجندات حزبية معادية للديمقراطية..
إننا اذ نقدر الدوافع النبيلة المعبرة عن حُسن النية لدى الشباب إلا أن المرشحين للاستفادة منها هم أصحاب النوايا السيئة الذين يتخذون من كلمة الحق منطلقاً للانتصار للباطل بعد أن وقع فخامة الأخ رئيس الجمهورية على المبادرة الخليجية وتحولت المعارضة إلى شريك في السلطة، لأن الشخصنة لم تعد من الأهداف الثورية النبيلة طالما كانت تستخدم كمطلب في ظاهره الحق وفي باطنه الباطل، لأن بناء الدولة اليمنية الحديثة يحتاج إلى تعاون جميع القوى الوطنية المؤثرة والضاربة جذورها في أعماق التكوينات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعشائرية والقبلية والمذهبية التي يتكون منها الشعب اليمني.
لأن موافقة رئيس الجمهورية على الدعوة لانتخابات رئاسية وعلى نقل الكثير من صلاحياته لنائبه والاتفاق عليه رئيساً توافقياً لسنتين قادمتين تعبير عن اقتناعه بالانتقال الديمقراطي للسلطة، مؤكداً بذلك أن التوريث سياسة نسبت له وإن كان وجود أقاربه في الجيش مانعاً للحياة دون انفراد أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله بالقوة وليس في تاريخهم وسلوكياتهم مايدعو إلى القلق والخوف على حاضر ومستقبل الشعب اليمني، لأن غيابهم عن المسرح السياسي سوف يفسح المجال أمام آل الأحمر لفرض قبضتهم العسكرية والقبلية على الدولة على نحو لايخدم بناء دولة النظام والقانون، لأن انتقال القوة والنفوذ لصالح أولاد الأحمر المتحالفين مع اللواء علي محسن الأحمر والإخوان المسلمين سوف يؤدي إلى طغيان طرف على غيره من الأطراف، إذا لم أقل أنه سوف يؤدي إلى افتراس القبيلة لحكم الدولة ومابقي لها من المؤسسات المدنية .
أقول ذلك وأقصد به أن التركيز على اجتثاث رئيس الجمهورية وحزبه ومابقي له من القيادات العسكرية سياسة خبيثة، الهدف منها تغيير موازين القوة في وقت يعرف فيه الجميع من هم أولاد الشيخ عبدالله الأحمر ومن هم قادة القوات المسلحة المؤيدة للثورة شكلاً والمنتمون للقبيلة والإخوان المسلمين مضموناً وفعلاً.
حيث يجمع الكثيرون من المراقبين المحايدين بأنه لولا الدور الذي قامت به قوات الحرس الجمهوري بقيادة العميد ركن احمد علي عبدالله صالح وقوات الأمن المركزي والقوات الموالية للشرعية الدستورية بشكل عام لكانت الغلبة شبه المؤكدة للواء علي محسن والقوات القبلية والعسكرية الموالية له دون منافس على نحو يعرض المكاسب العظيمة لأخطار حقيقية تنذر بالقضاء على الوحدة والديمقراطية وإعادة البلد إلى الشمولية والقبضة الحديدية للقيادات التقليدية التي كانت عبر التاريخ عائقاً يحول دون بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والمواطنة المتساوية .. ولما كانت السلطة قد استقرت في حكومة وفاق وطني ينتمي أعضاؤها إلى المحافظات الجنوبية بمن فيهم نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللذان يدينان لفخامة الأخ رئيس الجمهورية والقوات الموالية له قبل غيره، وهذه حقيقة لا ينبغي تجاهلها بحماس الشباب الأقرب إلى لغة العواطف منه إلى لغة العقل