خلافاً لكل مشاهد الإثارة الهوليودية لتهاوي عروش الزعامات العربية، كسر الرئيس علي عبد الله صالح عنق ربيع الثورات العربية باتفاق برعاية د ولية يبقيه رئيساً للجمهورية اليمنية، وينتصر لرهانه الذي حمله منذ اليوم الأول للأزمة بعدم تسليم السلطة إلاّ عبر انتخابات رئاسية ولأيادٍ أمينة، ليخطف بذلك أضواء كبرى المحطات والوكالات الإعلامية العالمية التي صعقت خصومه باستعراضات واسعة لمسيرة تجاربه الديمقراطية، ومهاراته السياسية في مواجهة التحديات الكبيرة، والتي وثقتها "نبأ نيوز" بالتزامن مع تفاعلات اللحظات الحاسمة من توقيع المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية
.
فبعد عشرة أشهر من تقمص أحزاب المعارضة والقوى القبلية القناع الثوري للانقلاب على الاستحقاقات الديمقراطية والإطاحة بالنظام، سيواصل الرئيس صالح الاحتفاظ بصفته السيادية كرئيس للجمهورية، فيما سيواصل حزبه "المؤتمر" الحكم عبر مشروع حكومة وحدة وطنية بالمناصفة مع المعارضة، والتحضير في غضون 90 يوماً لانتخابات رئاسية مبكرة..غير أن المعارضة ستضطر خلال اليام القليلة القادمة إلى سحب قواعدها الشبابية من ساحات الاعتصام، وإلاّ فإن نصوص المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2014) سيكونان الغطاء الشرعي الذي يخول السلطات المختصة استخدام العنف لكنس الساحات من المخلفات التي أنهى توقيع المبادرة صلاحية استخدامها.
صالح الذي أسقط كل رهانات خصومه خلال الأزمة وقلب الطاولة على رؤوس معارضيه، أصبح أول الزعماء العرب الذي يحتفى بهم دولياً في كسر عنق ربيع الثورات الأخوانية.. فقد كان السيد "بان كي مون"- الأمين العام للأمم المتحدة- أول من يتقدم بالشكر للرئيس صالح باتصال هاتفي مساء أمس الثلاثاء "على روحه القيادية الفذة وحرصه المسئول في تعاطيه مع المستجدات في اليمن وتجاوبه مع جهود الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 بشأن الأزمة في اليمن الذي دعا كل الأطراف للتجاوب مع الجهود الدولية والوصول إلى تسوية سياسية لحل الأزمة وتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وبما يحافظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن". كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بمواقف رئيس الجمهورية وحرصه على الخروج من الأزمة التي تمر بها اليمن بالطرق السلمية.
وقد تألق نجم "صالح" مساء الثلاثاء على واجهات المحطات الفضائية العالمية ليخطف أضواء الربيع العربي الآفل. فقد قدمت محطة (فوكس نيوز) الأمريكية تقريراً وثائقياً لـ35 دقيقة عن التحولات الديمقراطية التي قادها الرئيس صالح في اليمن، واستعرضت شهادات الرئيس بوش وزعماء أوربيين وهيئات مدنية دولية تشيد بنزاهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة 2006م.
وربطت محطة "فوكس نيوز" كل ذلك بإصرار الرئيس صالح على عدم تسليم السلطة إلاّ عبر انتخابات رئاسية، لتخلص إلى أن موقف الغرب لم يختلف عن موقفه مع بقية الزعماء العرب الذين اسقطتهم الثورات إلاّ على خلفية التجربة الديمقراطية والحرص على حمايتها في قلب الجزيرة العربية.
أما محطة (أس أس تي في) الصينية، فهي الأخرى قدمت تقريراً وثائقياً عن أبرز محطات حكم الرئيس صالح، وركزت على التجارب الانتخابية والتحالف اليمني الأمريكي في مكافحة الإرهاب. واستعرضت مقتطفات من عدة تصريحات للرئيس صالح يتحدث فيها عن كيفية تجفيف منابع الإرهاب بالقضاء على أسبابه. وفي إحداها كان صالح يحث على تسليح الشباب بالعلم ويدعو الحكومة للتوسع بأنشطتها التي تشغل بها فراغ الشباب وتحميهم من الاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة.
كما عرضت قناتي (فرانس 24) و(روسيا اليوم) تقاريراً موسعة لم تخرج فيها عن سياق ما تناولته سابقاتها من استعراض لمحطات التحدي التي كسبها الرئيس صالح، والتجارب الديمقراطية، وكذلك تطورات الأزمة السياسية الراهنة. وأشادت "فرانس 24" على لسان أحد الخبراء بالطريقة التي تعامل بها الرئيس صالح مع الحادث الإرهابي الذي استهدف اغتياله وكبار أركان نظامه في جامع النهدين.
واحتل موضوع بقاء الرئيس صالح في منصبه رئيساً للجمهورية اليمنية بموجب المبادرة الخليجية صدارة واجهات وكالات الانباء العالمية والصحف الغربية الصادرة فجر اليوم الأربعاء، والتي تناولت تصريحات لمبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر حول اتفاق جميع الأطراف على الآليات وما حملته من مضامين.
نجح الرئيس صالح في قصم ظهور المراهنين على العنف، والحالمين بالفوضى الخلاقة، والإمارات القاعدية.. فقد صدق صالح وعده بأنه لن يسلم السلطة إلاّ عبر صناديق الاقتراع.. وخاب المراهنون على دخول غرف النوم، وتمرغت أمانيهم بوحل عار الهزيمة في يوم مشهود خطف فيه صالح أضواء العالم وأفل فيه ليل المنقلبين على الديمقراطية..!!
أرادوا له الذل بحملات التضليل ومنابر العهر الاعلامي ، وبالزيف والخداع والقتل والنهب والتدمير لليمن، لكن الله أبى إلاّ أن ينصره من حيث لا يعلمون..