الفيدرالية والتقسيم وجهين لعملة واحدة .
يرى مراقبون في اليمن أن خيار الفدرالية الذي طُرح حلا لقضية الجنوب يعد أقرب الحلول وأكثرها واقعية للتطبيق، باعتبار أن الانفصال لا يمثل أفقا منطقيا للحل خاصة إذا قرأ في سياقه التاريخي، حيث إن الجنوب كدولة موحدة استمرت 23 سنة فقط بعد خروج المستعمر البريطاني، بينما يمتد عمر السلطنات والإمارات التي تكون منها الجنوب إلى أكثر من مائتي عام.
ويرى كثير من أقطاب المعارضة بالداخل والخارج أن هوية تلك السلطنات ستطغى على هوية الجنوب في صيغته الموحدة مما يهدده بالانقسام لدويلات صغيرة قد ينشأ بينها صراعات تفشل قيام دولة مدنية حديثة، مؤكدين أن السياسة التي مارسها النظام في زرع ما سموها الخلافات المناطقية والقبلية ستساهم بشكل كبير في ذلك.
ومن بين القيادات الجنوبية الكبيرة التي تتبنى خيار الفدرالية، هناك الرئيس السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، كما تلقى تلك الفكرة قبولا لدى معارضة الداخل بمختلف أطيافها.
مسؤول اللجنة الإعلامية في لقاء صنعاء التشاوري أحمد باسردة: الفدرالية حل قريب للمنطق (الجزيرة نت)
خيارات
ويرى مسؤول اللجنة الإعلامية في لقاء صنعاء التشاوري لأبناء الجنوب، الدكتور أحمد باسردة، أن رأي النخب والشارع بالمناطق الجنوبية ينقسم إلى ثلاثة: الأول يطرح خيار الانفصال، والثاني يتوافق مع الفدرالية، والثالث يطرح قضية المناصفة في القرار والثروة بين الشمال والجنوب.
وأضاف باسردة -وهو أيضا نائب رئيس جامعة صنعاء- أن مؤتمر بروكسل بقيادة علي سالم البيض طرح مشروع الانفصال، ومؤتمر القاهرة بحضور كل من علي ناصر والعطاس طرح الفدرالية، وكذلك مؤتمر صنعاء الذي ناقش كثيرا من المشاريع والآراء لكنه لم يتوصل لبلورة رأي محدد فيما يخص القضية الجنوبية.
ويرى أن ما توصل له اجتماع القاهرة بطرحه خيار الفدرالية حل قريب للمنطق ويتناسب مع طبيعة المرحلة التي يمر بها اليمن، كون الأنظمة الفدرالية تشرك الجميع بإدارة مناطقهم وتقلل من التهميش الذي يتعرض له الناس في ظل الحكم المركزي، مؤكدا ضرورة إجراء حوار عام حول نوع الفدرالية المطلوبة هل هي فدرالية الإقليمين أو فدرالية الأقاليم المتعددة.
وفي ذات السياق، شدد باسردة على ضرورة أن يكون هناك حوار بين أبناء الجنوب أنفسهم حتى يحددوا خياراتهم سواء كانت فدرالية أو انفصالا أو مناصفة في الحكم، وعليهم أن يتفقوا حول رؤية موحدة.
وأوضح باسردة أن القضية الجنوبية تمثل مشكلة كبيرة ولابد أن تقفز إلى مقدمة المشاكل التي تحتاج لحل سريع وعاجل، وأنه دون حل القضية الجنوبية فسوف تظل المشاكل قائمة في كل ركن من خريطة اليمن.
لكنه أكد ضرورة أخذ رأي الجنوبيين بشأن ما يتم التوصل إليه من مشاريع، لأنه لا ينبغي أن تكرر مأساة الماضي حينما أدخل الحزب الاشتراكي الجنوبيين في وحدة دون أن يسألهم، وقال إنه ينبغي على الجميع أن يحترم حقهم في تقرير المصير.
ومن جهته أوضح مسؤول ملف القضية الجنوبية بلجنة الحوار الوطني الدكتور عبد الله عوبل أن رؤية المعارضة لحل قضية الجنوب لخُصت في وثيقة الإنقاذ، والتي تضمنت ثلاثة خيارات كلها فدرالية.
الأول: حكم محلي كامل الصلاحيات وهو خيار فدرالي بدون حكومات محلية، والخيار الثاني أقاليم غير محددة المعالم ضمن مشروع سمي بوثيقة العهد والاتفاق، والثالث هو خيار أقاليم بحكومات ومجالس نواب محلية وحكومة مركزية ومجلس نواب مركزي.
وقفة احتجاجية بأبين في عدن (الجزيرة نت)
حوار وطني
وأضاف عوبل بحديثه للجزيرة نت أن مشروع الفدرالية بين إقليمين موجود عند الحراك الجنوبي وعند بعض القوى في معارضة الخارج، وهناك مشروع الانفصال، بالإضافة لمشروع الأقاليم المتعددة.
وأكد أن كل تلك الأفكار يجب أن تخضع لحوار الوطني خلال المرحلة الانتقالية عقب استكمال إسقاط النظام بعيدا عن الإقصاء أو التهميش.
وأكد أن الحراك الجنوبي انضم للثورة وأصبح جزءا منها والكل يحرص على نجاحها واستكمال أهدافها، مشيرا إلى أن اجتماعات أبناء الجنوب الحاصلة حاليا بالداخل والخارج تهدف لترتيب وضمان وضع الجنوبيين عقب انتصار الثورة، و"هو حق مشروع لكل أبناء الوطن من صعدة إلى المهرة."
وأكد عوبل أنه ينبغي ألا يخشى الناس أو يقلقوا من الدعوة لخيار الفدرالية أو الخيارات الأخرى والحديث عنها، لأن هذا الأمر يجب أن يكون محل توافق وحوار وطني سيتحول بعدها لنصوص دستورية.
المصدر: الجزيرة
Tweet شارك
شارك الجزيرة.نت
Mixx Digg
Delicious Reddit
MySpace StumbleUpon
تعريف بالخدمة