ابن جوبع عضو مميز
تاريخ التسجيل : 09/05/2011 العمر : 36
| موضوع: السلطة القبلية والحداثة الأربعاء يوليو 06, 2011 7:19 am | |
| أ فق السلطة القبلية والحداثة
لم تعرف المنطقة منذ أن شكلت رمال الصحارى تيجان الملوك سلطة مدنية كاملة.
منذ أن ترك حمورابي عبادة الحمير وسن قوانين الحقوق الشخصية، ولم يعرف الحقوق العامة السياسية.
منذ أن سيطر الآراميون والبابليون والعرب والأتراك والأكراد والبربر، على المدن وأخضعوها لبداواتهم المختلفة.
إن القبائل لا تعرف سوى أن تحكم المدن من خيامها،
من مضافاتها حيث تدندن الربابة وتنمو السوالف وتصحو المطامع.
ومهما تحولت الخيام إلى قصور باذخة،
وقلاع قاتلة، ومطابق تهرس العظام، فإنها تظل خياماً، يتجلى منها شيخ القبيلة،
الذي له الكلمة الأولى والأخيرة، وتبقى النساء في الغرف الخلفية،
والماشية تذبح وتقدم رؤوسها للضيوف،
والأموال تعطى للقريبين وتحرم جموع القبيلة الفقيرة!
وفي كل القرون السابقة التي حافظت فيها القبائل على مظهر القبلية
كانت القبيلة تموت حين تتفرد رؤوس القبيلة بالسلطات ومغانهما،
ولا تبقى لقواعد القبيلة وتحالفاتها القبلية التاريخية،
سوى قصص الماضي البطولية والذكريات وبضع مناصب وقبضات،
في حين يقوم الزمان الاجتماعي بابتلاعها وتذويبها
في رمال الصحراء وذهب المدينة.
ففي القمة تضمحل القدرات والمواهب بسبب كثرة الثراء
ومحدودية الإنتاج الفكري وفقدان الصبر للتعلم،
وفي قواعد القبيلة تذوب القدرات بابتعادها عن قمة السلطة،
وفقدان المعين وكثرة الطامعين وتدفق الجموع الفقيرة المعوزة.
تموت قيم القبيلة المضيئة المعبرة عن الزمان البطولي الأول،
بسبب تحول القبيلة إلى شكل خارجي، وديكور سلطان، وفزاعة من فزاعات التاريخ.
أما المضمون الحقيقي فلم تعد هناك قبيلة متماسكة،
ولا تحالف نهضوي معبر كما كان، ويذوب ابناء القبائل في اليأس
وفي الفساد وبين المناصب الشكلية وفقدان العمل الحقيقي،
وكثرة المناصب الإدارية وغياب المناصب الإنتاجية.
ومن هنا يغدو ضرورة انفتاح القبائل في المنطقة على الإنتاج،
فزمن هولاكو وعنترة وأبي زيد الهلالي ولى، وتصير
القبائل جزءًا من قوى الإنتاج والاستثمار والفكر،
ومن هنا ينبغي التخلص من عادات الكسل العقلي،
حيث الشعر العتيق النائم، وخرافة الخيمة والنوق،
وتفجيرها بالدلالات المعاصرة، والعلوم، حتى لا يمتلئ ابناء القبائل بالسمنة والسكر،
ولكي يشمروا عن سواعد العمل وينزلوا إلى الأسواق.
إن النزول من الدوائر والوزارات، وتحول القبائل إلى قوى منتجة،
وسيرورة الحكم مخصصاً ومقتصراً على الدائرة الرسمية
المعطاة سلطتها بشكل دستوري، يجعل من الضروري تدفق
أبناء القبائل على مصادر الإنتاج والثروة والعمل العامة،
فتزدهر القوى العقلية. إن الفارس الذي لا ينزل إلى القتال يترهل،
والسيف الذي لا يخرج من غمده يصدأ، كما قال أحد الشعراء الكبار.
لعل هذا الاعتماد على المجد القديم، واساليب الحياة السابقة،
من الأسباب المهمة التي تجعل كافة أنواع التعبير والفكر تستمر في طرقها القديمة،
ويصبح الشعر عائداً لأزمنة الصحارى، بدلاً من أن يحلل ويكشف أزمنة الحاضر،
حيث نفقت النوق وغدت ليلى العامرية دلالة في السوق،
وعاد عنترة العبسي يعمل عاملاً مأجوراً في المصانع،
أحياناً يــُدفع له وأحياناً يطرد ويتشرد !
إن القبائل العربية ستتحلل، خاصة مع سيول الهند والسند
التي لا تنقطع، حتى أخذت أسنان اللغة العربية
تتساقط في الشوارع بين اللافتات الأعجمية والجموع الأجنبية.
إن نزع الأمتيازات، والمساواة بين
المواطنين هي لصالح القبائل العربية التي كانت
المساواة في صلب تاريخها وثوراتها، وخيمة حقيقية
بعمل حقيقي، أفضل من ذل المدن والتسول من الوزارات! | |
|