إن إساءة الفهم عن قصد أو عن غير قصد لمسألة الديمقراطية والتعامل بها بحيث كل شخص
يشهر هذا السلاح في وجه الجميع. ولتسهيل هذا الموضوع على القارئ الكريم، نأخذ مثلا من الأحداث الأخيرة
لبعض المطالبات والتصرفات الشخصية والفردية فنجد من يعتصم أمام مدخل أحد المباني الحكومية أو الخاصة
مطالبين بتغيير هذا المسؤول أو ذاك عن طريق الصراخ والصياح والعويل والتهديد والوعيد وألفاظ وشتائم ما
أنزل الله بها من سلطان وحاشا الله عن هذه الأفعال والأقوال.
قد نتفق جميعا وقد نختلف مع هذه المطالب ومنها إقصاء هذا المسؤول أو ذاك عن منصبه أو مثلا في الدخول إلى
مبنى حكومي أو شركة أو مؤسسة ما وتعطيل العمل بها وإخلاء الموظفين المتواجدين في هذا المبنى أو ذاك من
المباني الحكومية بالقوة من أجل إيصال مطالبهم ولكن ما نتفق معه جميعا أن هذا البلد العظيم أرسيت به قواعد
تنظم عملية الاقصاء من المسؤولية وفق آلية معينة مدروسة وليس وفق الرغبات والأهواء الشخصية ليس لدي
شك في العفوية والطريقه التي يوصل بها البعض مطالبه ولكن علينا أن لا نتجاوز حدود الأدب والأخلاق ونحن
نمارس الحق في التعبير عن رأينا أو حتى في المطالبة بحقوقنا المشروعة. وإذا كان البعض أساء الفهم أو
الطريقة في أخذ حقه أو مضلمته كما يدعيها فيجب أخذها بوجهها الحق المنظم في إطار القوانين والشرائع
والاعراف من خلال المؤسسات والجهات المعنية بالمظلمة أو بهذا الحق ومن خلال منابر العدالة الموجودة في
البلاد. فالمجتمع اليمني تعارف على هذه الطرق وانطلقنا بها وتربينا عليها ونضجت معنا واستقرت في أنفسنا
ولن ننساق في التعبير عن الحق والرأي لغيرها من الطرق ومن الحكمة والاخلاق أن لا نرضى لها بديل وعليه
يجب ان نتغلب على الرغبة الشيطانية التي تمتلك القلة منا والتي يريد أن يسعى بها الى الوصول الى حقه عن
طريق يده ولسانه فنحن لا نريد ان يصل بنا التعامل الى ما يسمى بشريعة الغاب.
الجميع يعلم أن البلد بخير ولله الحمد، ولكن لا أخفيكم القول إن الخوف الذي في داخلي ليس بما يجري الآن ولكن
ما سوف تستقر عليه الاحوال بعد هذه الاحداث، فهل سوف يرجع الجميع الى رشدهم وعقولهم في التعامل مع
الأمور والمطالب بهدوء وروية أم أن أي خلاف بسيط بين احد المسؤولين أو أحد الموظفين وبين أحد المراجعين
سوف يدفعه الى أخذ حقه بيده وهنا أيضا سؤال يحير الجميع لماذا هذا الانتظار والتأخير من قبل بعض الجهات
الحكومية وخاصة صاحبة القرار لماذا لا تمارس الحكومة عملها في عملية الضبط والربط المطلوبة للخارجين
عن القانون لوضع حد لهذه المهازل اذا صح التعبير.
فليس من المعقول أنه بعدثلاثة عقود من ترسيخ هذه القوانين والأنظمة المتبعة وتكييفها على مدار هذه السنين بما
يتوافق مع قيم مجتمعنا وبما لا يختلف أيضا مع الشرائع والقوانين الدولية ان تنتهي أو ان تتجمد لأسباب لا نعلمها.
وكل المجتمع يتساءل ويبحث عن مخرج سريع وأن تستقر النفوس بعد هذه الاحداث وفي المقابل نجد أن الغشاوة
والضبابية تغطي الموقف الحكومي من التحرك تجاه بعض المواقف التي تسيء للوطن والمواطن من بعض
الانتهازيين والعابثين بأمن وكرامة المواطن فعليهم ان يفهموا أن هناك حدودا لهذه الحرية والديمقراطية وان لا
يتم تفصيلها كل حسب قياسه.