الانجاز الاكبر للرئيس اليمني: الرحيل!
رأي القدس العربي : عبدالباري عطوان
الرئيس علي عبدالله صالح الذي يحكم اليمن منذ اكثر من ثلاثين عاماً يواجه عاصفة من الاحتجاجات على طول البلاد وعرضها تطالب بتنحيه عن الحكم، ومغادرة البلاد مع افراد اسرته والدائرة المقربة منه، ولكنه نجح حتى الآن في البقاء في القصر الرئاسي، ويعمل على فرض شروطه لتسليم الحكم لنائبه مع بقائه على رأس النظام ولو بشكل صوري على امل ان تتغير الظروف، وتهدأ الخواطر، وييأس المحتجون من طول الانتظار.
الدول الخليجية برئاسة المملكة العربية السعودية تقدمت بمبادرة لانهاء الازمة اليمنية، تنص ابرز نقاطها على تنحي الرئيس صالح من خلال التنازل عن صلاحياته الرئاسية لنائبه عبدربه منصور في غضون شهر، مع ضمانات بعدم ملاحقته او اي من افراد اسرته قضائياً بتهم الفساد او المسؤولية عن قتل 132 محتجاً.
من المفارقة ان الرئيس علي عبدالله صالح لا يرفض اي مبادرة وساطة تعرض عليه وتطالبه بالتنحي، ولكنه لا يلتزم باي منها، ويجد دائماً الاعذار والحجج للمماطلة، من خلال المطالبة بادخال تعديلات على بعض بنودها، واعادة صياغة بنود اخرى، بحيث تكون قابلة لاكثر من تفسير لاحقاً، وفي غالب الاحيان يحصل على ما يريد.
المملكة العربية السعودية وبعد ان تأكدت من قبول الرئيس صالح بالمبادرة الخليجية، وكذلك ممثلي قوى المعارضة لحكمه، وجهت الدعوة الى الطرفين للحضور الى الرياض اليوم الاربعاء للتوقيع عليها رسمياً، وسط اجواء من التفاؤل حول انهاء الازمة وحقن الدماء، ولكن لسبب ما، لعله اعتراض الرئيس على بعض النقاط، تبخر هذا التفاؤل، وتأجل الاجتماع الى الاسبوع المقبل.
السيد عبداللطيف الزياني الامين العام لمجلس التعاون الخليجي سيطير الى صنعاء في الايام القليلة المقبلة لمناقشة تفاصيل المبادرة مجدداً مع الرئيس اليمني ومعارضيه لتحديد موعد ومكان جديدين لتوقيع الاتفاق، مما يعني عودة الامور الى المربع الاول.
الرئيس علي عبدالله صالح يملك قدرة كبيرة على المناورة، ويصفه البعض بانه ثعلب في المراوغة لكسب الوقت، ويتمتع باعصاب قوية تؤهله للتحلي باعلى درجات الصبر، وهذا ما يفسر توليه الحكم في بلد فقير تحكمه العادات القبلية، ويعتبر غابة سلاح، لاكثر من 32 عاما واجه خلالها حروباً انفصالية ومؤامرات لقلب نظام الحكم ومحاولات اغتيال نجا منها جميعاً.
ولعل ابرز الاوراق في يده هو خوف المملكة العربية السعودية جارته الكبرى، والولايات المتحدة الامريكية ابرز داعميه، من حدوث فراغ في السلطة في حال رحيل نظامه يملؤه اسلاميون متطرفون، ويستفيد منه تنظيم 'القاعدة' الذي يتخذ من جنوب شرق اليمن مركزاً لقيادته الاقليمية الجديدة.
تحول اليمن الى دولة فاشلة كلياً يعني هز استقرار منطقة الخليج والجزيرة العربية، وتعرض حقول النفط وامداداته وناقلاته لمخاطر عديدة. فاذا كان انهيار الحكم في الصومال حوله الى مرتع خصب للقاعدة والجماعات الاسلامية المتشددة ومصدر تهديد لخطوط الملاحة التجارية الدولية (خطف السفن) فكيف سيكون عليه الحال لو تحول اليمن الى صومال اخر؟
الامر المؤكد ان الرئيس علي عبدالله صالح خسر اوراق المناورة في جعبته او معظمها، بالاضافة الى خسارته للغطاء القبلي بعد سحبه، اي الغطاء، من قبل شيخ قبيلة حاشد الصادق الاحمر. ولم يبق امامه غير الرحيل بطريقة كريمة، واذا قرر القبول بهذا الخيار فانه سيحقق بذلك اكبر انجاز لليمن