خاطرة > تباَ لهم ... خانوا أبا لهب
تباَ لهم ... خانوا أبا لهب!
طارق شمالي
عندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة صعد إلى جبل الصفا بمكة و نادى بالناس قائلاً : لو أخبرتكم أن خلف هذا الوادي خيلاً تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ ؟ قالوا ما عهدنا عليك كذباً قط ، ورد أبو لهب قائلاً : تباً لك ألهذا جمعتنا !؟ فنزلت " تبت يدا أبي لهب " لتلعنه إلى يوم القيامة .
الشاهد من هذه الحادثة أن أبا لهب وبالرغم من عداوته للرسول صلى الله عليه وسلم لم يتجرأ أن يصف رسول الله بما ليس فيه ، فلم يقل له مثلا : كذبت ، لأنه يعلم يقيناً أنه لو قالها سوف تهتز صورته بين الناس كيف لا ؟! ورسولنا هو الصادق الأمين الذي لم يعهد عليه الكذب قط .
هذا أبو لهب على عناده وكفره وعداوته البغيضة للإسلام يأبي أن يصف غيره ولو كان عدوه اللدود بصفة ليست فيه .
فما بال أحفاد أبي لهب قد خانوا الأمانة !؟ وأصبحوا يتحدثون بما تمليه عليهم أهواؤهم ...!.
ففي غزة من نال على ثقة الشعب في أكثر انتخابات الشرق الأوسط نزاهة وشفافية يوصفون بأنهم إنقلابيون قتلة وشيعة !.
وفي تونس ثار الشعب التونسي على نظام ظالم ورئيس طاغية سرق خيرات البلاد والعباد فأصبحوا في نظر إعلام هذا النظام البائد مجموعة من المخربين الذين يسعون لزعزعة استقرار الوطن .
وفي مصر وبعد صمت استمر أكثر من ثلاثين عاماَ كان لا بد للشباب المصري الذي ذاق الويلات في ظل نظام الحكم الظالم من بطالة وضيق في ا لعيش وصعوبة في التعليم أن يقول كلمته فنزل إلى الشارع مطالباً بحقه المشروع في التغيير ودوره المسلوب في بناء الوطن ، فانبرى إعلام الردة المرئي والمقروء والمسموع ليكيل الشتائم بالجملة على هؤلاء الشرفاء ويبث حولهم الإشاعات المغرضة فيتهمون بأنهم عملاء ومندسون جاءوا للانتقام لأسيادهم من صاحب الطلعة الجوية الأولى !.
فتارة يتهمون بأنهم عملاء لإيران وأخرى لأمريكا وتارة يعملون لحساب إسرائيل وأخرى لحزب الله وحماس ..حتى علق أحد المعتصمين في ميدان التحرير ساخراً : الحمد لله الذي جمع المتناقضات كلها في صعيد واحد .
والآن يخرج جحا العصر وبهلول الزمان ليصف المنتفضين من أبناء الشعب الليبي بالفئران والمقملين الذين يتعاطون حبوب الهلوسة والمخدرات ويدعو إلى إبادتهم .
ونكتة الموسم تأتينا هذه المرة من اليمن حيث اكتشف الرئيس على عبد الله صالح أن المظاهرات في الدول العربية تدار من مكتب في تل أبيب بمشاركة من البيت الأبيض .
نعم لقد تخلوا حتى عن بعض المبادئ التي كان أبو لهب وبرغم عدائه للدين محافظاً عليها .
وعلينا أن نتوقع المزيد من الشتائم والاتهامات الباطلة لكل من سيثور على الظلم في باقي الدول العربية .
فقد نسمع غداً وصف من يخرج إلى الشارع للمطالبة بالتغيير في السعودية مثلاً بأنهم مرتدين من أحفاد مسيلمة الكذاب ، أو في سورية من يتظاهر ضد نظام التوريث العلوي بأنهم يعادون القومية العربية .
فلقد قالها الشهيد يوسف ريحان " أبو جندل" احد قادة معركة جنين معلقا على صمت العرب على المجازر الصهيونية المروعة في مخيم جنين قال لو شاهد أبو لهب هذه المجازر لتحركت في دمه النخوة والغيرة على إخوانه في العروبة .
نعم لقد كان أبو لهب على عناده وكفره أفضل كثيرا من هؤلاء المرتزقة الذين ليس لهم من العروبة إلا الاسم فهم موظفون لدى الإدارة الأمريكية ويتقاضون رواتبهم بالدولار .
وينطبق عليهم مقولة " رمتني بدائها وانسلت " فما يتهمون به الآخرين يكون من صفاتهم فهم عملاء ومندسون ومرتزقة وقتلة ومخربون وزناة وظلمة منافقون ومرجفون و لك أن تصفهم بأي صفة ذميمة وصف بها أي إنسان أو أي حيوان على مر العصور والأزمان