الكل يعرف ماذا يحدث في ربوع الوطن العربي ، وهذا الحدث قد يكون الأول من نوعه على
مر عقود طويلة من الزمن ، وحتى لوحدثت بعض الثورات انما قد تكون محصورة في بعض
الأقطار وقد تنجح وقد تحبط في اكثر الأحيان ، وما حصل وماهو حاصل انما قد تكون معجزة
الشعوب على مر التاريخ ، كون هذه الشعوب انتفضت على حكامها الذين لايقهروا بمناعتهم التي
تزودوا بها من العالم الغربي حتى يكونوا حراساً امينين على مصالح الغرب ، وحتى اذا لزم
الأمر يقوموا مقام تلك الدول لقمع شعوبهم في حالة تململه ضد الدول الأستعمارية ، وقد تقولوا
لماذا اسميها بالأستعمارية ! فأقول لكم ان نحن لازلنا مستعمرين وحتى بعد رحيل تلك الدول ،
وقد نحرر من قبضة تلك الدول مع تحرر شعوبنا من حكامهم ، وقد لانسبق الأحداث كون الوضع
لازال تحت البلورة والتحديث ، ولانعلم هل هذه الشعوب ستنفض رجس الغرب كما نفضت
رجس حكامها من على كاهلها ام لا ونترك الموضوع للوقت الآتي بأذن الله ،
ولكن الفت نظر القراء الكرام نحو مايحدث في ليبيا كون ذلك القطر متلازم مع الوضع العربي ككل ،
وهنا الملفت على مايحدث على انه خرج من مسار الى مسار ومنحى آخر ، منحى القوة التي
تعدت ماننشده وتنشده الشعوب المسالمة لأخذ حريتها بالطرق السلمية التي يكفل ذلك لها القانون
الدولي والشرائع المتفق عليها من قبل كل دول العالم ، وما اراه وحسب رؤيتي انما قد خرج
عن النطاق الذي نقصده وهي انتفاضة شعب سلمياً على حاكمه لأخذ حقوقة المهدورة حسب
مايشوفه ذلك الشعب ، وهذه الحالة محل ترحيب شعبي وقومي وعالمي وحتى انه مكفول
حمايته من قبل المنظمات الدولية ، مجلس الأمن ، ومنظمة الأمم المتحدة بكل فروعها الحقوقية
والأنسانية ، وقد شاهدنا الشعب التونسي والمصري كيف عمل عملته في ظل نظام لايختلف عن
الأنظمة العربية الأخرى وبهذا نال حريته وبصدور عارية ونضال سلمي وراقي ، ولكن
ماحدث في ليبيا للأسف لم يكن ولم يعد كما اسلفنا رغم ماسوف يقال عن النظام الليبي من
قسوة وتجبر ، وهذا ما سوف يجعل مايقوم به الشعب الليبي انما انقلاب مسلح على النظام
وفي هذه الحالة على النظام ان يقابل القوة بالقوة وهذا محسوب في النظام العالمي بأنه ليس
انتفاضة شعب بل عمل مسلح ، لهذا في اعتقادي بأن الأيادي التي دخلت لجعل المسار الشعبي
الليبي يتحول من انتافضة شعبية مسالمة تكفل لنفسها التظامن والتعاطف من جميع الدول
وشعوبها الى مقاوة مسلحة افقدت هذا المحتوى من مضمونه الأنساني الى عدم التدخل
في الشؤن الداخلية لأي بلد ، وهذه ضربة قاضية سددها لهذا الشعب العديد من الذين تدخلوا
واصطادوا في مياه هذا الشعب الذي تعكرت بفعل فاعل ، وهي دول معروفة تكن للنظام الليبي
عداء من خلال مواقفه المتعجرف والجنونية على مر العقود ، ولكن المتدخلين غلطوا غلطة
لاتغفر كونهم لم يحسبوا لما سوف يحصل للشعب الليبي من رد فعل من معمر القذافي ملك
ملوك العرب وعميدهم ، لايختلف اثنان عن جبروت النظام الليبي ولكن قد تكون غلطة
وتسرع لم تكن في مكانها ولم تكن محسوبة دفع ثمنها وسيدفع المزيد من الثمن الشعب
الليبي البريء من ارواحه ومايملك ، والله من ورا القصد .