أقلام وآراء
الجامعة عقل المجتمع !
الثلاثاء , 16 فبراير 2010 م
عبدالعالم عبدالجليل
تعاني الجامعات اليمنية اليوم مجموعة كبيرة من المشكلات في مختلف الجوانب وتشكل حجر عثرة أمام تطورها، وتكشف النقاب عن الخلل في النظام التعليمي الجامعي كنتيجة لافتقاد الحرية والديمقراطية في البلد، وحيثما تفتقد الحرية والديمقراطية من أي نظام سياسي فلنقل على المنظومة التعليمية والحضارية والتنموية والثقافية السلام.
إن نظرة شاملة للجامعات اليمنية تجعلنا نؤكد أن الاستبداد والفساد اللذين يمارسان في هذه الجامعات ومن ثم فشلها في مواكبة العصر يرجعان أولاً لسلطة النظام السياسي القائم، المغيب عنه قيم الحرية والديمقراطية ومن هذا النظام السياسي ينتج الخلل الكبير ممثلاً في تدهور التعليم الجامعي.
كذلك هناك تدهور مخيف للحقوق والحريات في الوطن، وهذا ينعكس على وضع الجامعة التي تتواجد في هذه البيئة المعقدة، ومن مؤشرات ذلك ظاهرة عسكرة الجامعات التي تفشت بقوة وبشكل مريع إضافة إلى الاعتقالات والاعتداءات والانتهاكات التي طالت العديد من الطلاب، وإرهابهم بهراوات الأمن. إن الجامعة أضحت محاطة بعساكر الأمن السياسي والأمن العام الذين يرعبون الحركة الطلابية ويقيدون الحرية الأكاديمية، حتى صارت الجامعة أشبه بثكنة عسكرية، فما تتعرض له الحركة الطلابية من اعتقالات وحملات قمع يمثل اعتداء خطيراً على الحقوق والحريات الأكاديمية، ويفقد استقلالية الجامعة الأكاديمي والمعرفي، ويتنافى واستقلال الجامعات في أنحاء العالم.
إن الجامعة أصبحت تدار بقوة المتنفذ وعقلية الأمني الذي يضع مصالحه فوق كل اعتبار، ويريد إخراج شباب " مدجن" يعتنق أفكار وقيم النخبة الحاكمة، ويسير دائماً في ركابها، ولذلك يعتمد ألا تأتي الديمقراطية السليمة لكي تخرج أجيالاً مسلوبي الإرادة بالتبعية وراء النظام، متشبعين بقيم الوصولية والانتهازية والفساد، وتفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وهنا ينعدم الاعتماد على أهل الخبرة، وينتج عن ذلك نشوء طبقة فاسدة تتولى مقاليد الأمور وتصبح من أصحاب القرار والإرادة وهو ما يحدث ونراه الآن.. إن ما يتعرض له الطالب الجامعي من تعسف واضطهاد وتضييق الخناق عليه ومحاصرته عسكرياً يمثل سابقة خطيرة، وينذر بالوصول إلى حالة لا تحمد عقباها، فسادت ممارسات بوليسية داخل الحرم الجامعي من ملاحقات واعتقالات وقتل وحرمان من دخول الاختبارات.. وكل هذه الظواهر ماهي إلا نتاج وإفراز طبيعي للاستبداد الذي يشهده ويعاني منه الوطن.. ونتيجة لذلك سقط العديد من الطلاب ضحايا للمشاريع البوليسية التي فرضت على الجامعات، وأثبتت الأيام أن ظاهرة عسكرة الجامعات تعد ظاهرة خطيرة ومشروع سلطوي خاطئ وفاشل يتنافى مع كل القيم العلمية الأكاديمية..
وبما أن الجامعة هي عقل المجتمع الذي يفكر فيه وهي نواة التغيير فيه، وعليه فعلماؤها هم أصحاب القرار، فالتعليم ينهض عندما تكون القائمة عليه مؤسسات لها مجموعة من الأفراد لا يجمعهم سوى المعرفة الشخصية أو أنهم يسمون بأهل الثقة.