سأم َ من كثرةِ التفكير
أخذ َيتمتمُ بكلماتٍ وعباراتٍ يبدي بها استياءه
ويكمل بها ما بــدأهُ من تفكير ٍ
" أحبها .. لكن ما بها تجحدني "
" قدمت ُ لها كل ما أستطيع
حملتُ على عاتقي ديوناً لا يعلم بها إلا الله "
" كتمــتُ مشاكلــــنا وسكتُ عنها ولم أخبر حتى أقرب الأقربين إليّ "
" هل أستحق منها كل هــــذا ؟! "
قام من مكانــــه ببطء وهو يمســح دموعه
ويتلفت يمنة ويسرة خوفاً من أن يراه أحد ..
ها هو جواله يرّن ..
- ألو
- السلام عليكم ..
- وعليكم السلام ورحمة الله
- خــالد ؟ لا أدري ماذا أقول لك حقيقة ً
لكنني أرى نفــسي مجبرٌ على ذلك ..
- خيرٌ يا محمد ..؟ ما بك ؟ تكلم
- بـصراحة أنا خجلٌ منك ولكنني بحاجة للمبلغ الذي قمتَ باستدانته مني قبل سنة
ولو نـصفه .. فيعلم الله أنني حالياً بحاجة لكل ريـال فالمصـروفات قد زادت والفواتير لا ترحمنا
والبـنك يقرفُ من راتبي كل شهر لأجل القرضو ... قاطعه خالد بنبرة الواثق:
لا لا عليك يا محمد , أنت لم تقصر معي ولم تطلب مني إلا مالُك
فلا حاجة لك لأن تبرر لي .. سأقوم غداً إن شاء الله بإعادة المبلغ لك وإن استطعت فسأزيده !
انتهت المكالمــة .. ولم تنته ِ هموم خالـــد بعد !
ذهب خالد لسيارته .. فأحــس بالألم الذي اعتاد عليه في بطنــه !!
ثم كالعادة
أشعل سيجارته .. وتلتها سيجارة أخرى وأخرى وأخرى .. !
وكالعادة أيضاً .. أخذ يسعل ويسعل حتى تقيأ كل ما في بطـــنه !
وذهب لمنزله .. وهموم الدنيا كلها فوق رأسه ..
استقبلته زوجته عند باب المنزل فأحس ببعض الارتياح
لكنها فاجأته بقولها : أيــــــــــــن كــــــُنت ؟!
دخل المنزل واتجه لغرفته ورمى بجسده المنهك على السرير علّه يــنام ويرتاح !!
وكالعادة .. لا يشتكي لأحد مهما بلغت به الهموم والغموم !!
يكبت همومه في صدره ولا يسمح لأحد بأن يعطف علــيه , سواها !
لكنها لن تــــــــفعل !
..
إضاءات :
- ما أتعس ذلك الإنســان الذي يعشق إنساناً آخر
ويبذل من أجله الغالي والنفــيس ..
فلا يرى منه غير الجحود والصدود والنكران !
- أي نهج ٌ يتبعه ذلك الإنســان الذي يظل يكبت همومه في صدره
ولا يبــوح بها لأحد متحججاً بالعزة والكرامة ومطبقاً لقول الشاعر:
لن أشكو ففي الشكوى انحناء
وأنا نبض عروقي كبريــاء ..
أما علِم بأن الإنحناء تفعلــه الهموم إذا تكالبت عليه ؟!
- يردد والدي على مسامعنا دائماً : " لا سقم مثل سقم الضرس ولا هم مثل هم الدين " .
- قال تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ) [البلد : 4]
وقال عزّ من قائل: ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3) ) الطلاق
- صدق الشاعر حين قال:
لا تشك للناس جرحاً أنت صاحبه
لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
ولــكن هل جرّب ضيقة الصـدر عندما تغرقه الهموم ؟!