بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى { سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا }
هذه الآية الكريمة تصف حال بعض المتخلفون عن الحبيب صلى الله عليه وسلم وتثاقلوا عن النفير للجهة المحددة التي حددها صاحبها عليه الصلاة والسلام.
هي مقولةٌ وعذرٌ تفوه به أولئك النفر تجنباً للنفير وخلود الى الراحة وتحايل منهم لكسب ود الحبيب وقبول عذرهم الدنيوي.
حالٌ وواقع يتكرر اليوم وقبل اليوم وفي ماضي الامة وسلفها وعقبها فــ نجد من يكرر هذه المقولة بل صارت شعار له.
لستُ مبالغاً إن قلت بان ما أصاب الأمة اليوم من خور وضعف وذل ومهانة هو بسبب مافرخه أحفاد وبنين بن سلول فنخرو في عظام الأمة وأصابوها في مقتل.
أمة لم تعي من الماضي ولم تعلم بـــ أن على المؤمن الأيلدغ من جحر مرتين وأن الحياة دروس وأن لنا ممن سبقنا عظه وعبره لـــ أولي الألباب وذوي العقول.
مآسي تجرعناها ونكبات حلت بنا والآلام قاسينها منذ قديم الزمن حتى في أفضل العصور كان هناك من ينخر في صفوف الصفوة المباركة وما حادثة الأفك ببعيد بل أن غزوة أحد وماجرى فيها خير دليل بل أن الله يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بـــ أن من الصحابة الكرام من يساهم في هذا الخذلان فخاطبه قائلاً { وفيكم سماعون لهم} أي صدقونهم أحياناً.
بل أن الله سبحانه جعل من غزوة أحد عبرة ودرس لهم فــ الهزيمة ليست من أبي سفيان وليست بقوة قريش وعتادها بل هي كما قال تعالى { قل هو من عند أنفسكم}.
إذا أشد مايفتك صفوف هذه الأمة ويمزقها وأشد خطراً هو من يأتي من داخل البيت السلامي ومن بين الصف فتآمر الأخ على أخيه أشد خطراً ولكم في قصة يوسف عليه السلام خير عبرة لهذا.
ولا نذهب بعيدا فقد أصاب أمتنا اليوم من ذلك العقاب الإلهي ما جعلها قصعة مأكولة:: كما أخبر بذلك سيد الوجود صلى الله عليه وسلم الذي حذر أمته من ذلك العقاب الذي سيصيبها عندما تتنكب سنن الله، وتحيد عن منهاجها المستقيم{ يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة الى قصعتها } الحديث.
أبلغَ منه في تصوير تفكك الأمة::: وانفرام عقدها::: وخفة وزنها::: وَهَوَان قيمتها::: وانسياحها في مجاري التبعية الفكرية والسياسية::: وتكالب أعدائها عليها من جراء ما كسبت أيديها.
سيْل يجرف غثاءً::: مثال ممن أوتي جوامع الكلم كاشفٌ عن مكامن الداء في نفوسنا التي أصبحت تبْنا مجروفا.
اُبتليت الأمة الإسلامية بالوهن الذي ما يزال يدب في جسمها وكان سببًا في انتقاض عروة الحكم وتحول ذلك البناء الشامخ و الحصن المنيع من خلافة راشدة إلى ملك عاض ثم جبري: وهذا أصل البلاء وما الأزمات التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم إلا أعراض لهذا المرض الدفين.
الغثائية والنخر من الداخل وضعف القادة والساسه هو مرض الطفوح والتفرق والتشرذم وخفة الوزن.
وهي صفات ما يضيع ويذهب غيرَ معتَد به وهو ذلك الزبد الذي تحمله الوديان. لا قيمة له ولا أثر..
الوهن حب الدنيا وكراهية الموت.حب الدنيا أثرَةٌ قتلت العدل وطغت في الميزان وسلطوية عاضة جبرية قتلت الشورى وكرست الظلم والاستبداد ونقضت البناء النبوي الراشد فكيان الأمة المعنوي منهار. وأنقاض الجثث الميتة الغثائية لا يمكن أن تحيى وتتحرك إن لم تعد إليها الروح بعودة الشورى والعدل. وهما ممتنعان ما لم نعالج العِلة الكامنَة في النخاع:
أمراض حلة بهذه الأمة
الوهن} ::: { شغلتنا أموالنا وأهلونا}::: {وفيكم سماعون لهم} :: {قل هو من عند أنفسكم}
{حب الدنيا} ::: { الأنشغال ببناء السقف . ونسيان القواعد } فخر عليهم السقف من فوقهم}
فياترى من يأتي ذات يوم ويقول كما قال الكوميدي الأضرعي { عـــلــاجك عندي}
فــــ أين الطبيب وهاتو لي بــ الدواء: