النظافة كما أمرنا بها الإسلام
الكاتب : فوزي أحمد فراج
إن الإسلام طهارة ونظافة وعبادة .. والنظافة جمال وكمال .. والطهارة ركن وقائي من أغلب الأمراض المنتشرة فيجب أن نتحلى بها وأن نربى أولادنا عليها ونساهم في نشرها في المجتمع مرضاة لله وبلوغاً للمظهر اللائق بنا وتخفيفاً من وطأة الأمراض وانتشارها بيننا .
أوصى نبينا صلى الله عليه وسلم صحابته وهم في بيئة حارة بالثياب البيض لأن اللون الأبيض أقل الألوان اكتنازاً للحرارة وامتصاصاً لها، ولأن الوسخ والنجاسة يظهران عليها بجلاء وذلك مدعاة في تنظيفها وتطهيرها وعدم إهمالها .
قال عليه الصلاة والسلام :
" عليكم بثياب البياض فالبسوها فإنها أطهر وأطيب وكفّنوا موتاكم بها "
* والنفس تنشرح للمكان التنظيف وتنقبض لمنظر القذارة وليتذكر المسلم أن طهارة مكان الصلاة شرط في صحة صلاته لقوله تعالى :
(وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)
وهذا التطهير يشمل التطهير من الأنجاس والأقذار ومن مظاهر الشرك والآثام. وإن بيت المسلم الملتزم لا يخلو من الصلاة فيه أداء لفريضة أو تنقلاً أو تهجداً . ونرى أن الإسلام اهتم بنظافة الطريق فكيف بنظافة المسكن . يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم" .
* ومن تمام نظافة المسكن ومكان العمل، العناية بنظافة دورات المياه وتغطية سلال القمامة والمخلفات منعاً لانتشار الروائح الكريهة ولئلا تقف عليها الحشرات فتكون وسيلة لنقل الجراثيم إلى الأغذية وغيرها فتلوثها يكون سبباً في عدوى الأمراض من ديدان وتيفوئيد وكوليرا وأمراض معوية أخرى .
ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الإنسان في مكان الاستحمام صوناً له من النجاسة وبعداً عن تردد الوسواس ببقاء النجاسة فقال عليه الصلاة والسلام : " لا يبولنَّ أحدكم في مستحمه فإن عامة الوسواس منه " .
* كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمور تنفذ قبل النوم لوقاية البيت وساكنيه قال عليه الصلاة والسلام : " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " ، فقد يتطاير شرر من النار يؤدي إلى حريق البيت وأذية من فيهن وقد ينتشر من النار غاز أول أكسيد الكربون بكمية تؤدي إلى تسمم من في البيت . وتبقى هذه الوصية نافذة بالنسبة للمدافئ المنزلية التي تعمل بالمازوت أوالغاز أو الكهرباء.
* ولئلا يدخل البيت لص أو حيوان مفترس أو حيوان مؤذ أو كلب فيصيب الضرر المباشر أو غير المباشر ساكني المنزل أو محتوياته، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" خمِّروا الآنية وأوكئوا الأسقية وأجيفوا الأبواب وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت " ، أي ربما جرت الفأرة فتيل السراج الزيتي المستعمل في الأزمنة السابقة فيحرق الطرف المشتعل من الفتيل البيت .
وفي إقامة المخيمات والنوم في طريق السفر أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يكون ذلك جوار الطريق مباشرة، لأن الطريق ممر الدواب ومأوى الهوام بالليل إذ تأتي حيث ترمى الفضلات من غذاء المسافرين .
ونظافة الطريق أبهج لنفوس السالكين وأنقى للنسيم وأبعد عن أذى العاثرين ووسيلة هامة للحد من تكاثر الذباب ونقله لجراثيم الأمراض ، وما أقبح عادة من يرمي الأقذار إلى الشارع من شرف الطوابق فتنتشر فيه وتسيء إلى منظره وهوائه وإلى الصحة العامة، فمن فعل ذلك فقد آذى مجتمعه ولوث سمعة بلده وفعل مستهجناً ووقع في الإثم .
* وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، وإن لفاعلها ثواباً عند الله تعالى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان " .
وقال : " بينما رجل يمشي بطريق وجد غُصن شوك على الطريق فأخَّره، فشكر الله له فغفر له "
وقال عليه الصلاة والسلام : " عُرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن".
فالتسبب في اتساخ الطريق وأذى المارة سيئة تنقص من درجة الإيمان الكامل وخاصة التخلي في طريق المارّة أو ظلهم.
قال عليه الصلاة والسلام : " أتقو اللاعنين ، قيل : وما اللاعنان؟ قال : الذي يتخلىّ في طريق الناس أو ظلهم " .
فعلينا أن نهتم بنظافة بلدنا، فلا نلقي الأوساخ من النوافذ والشرفات، بل نضعها في أماكنها من الطريق ليلاً قبل جولة عمال النظافة وهي في أكياس النايلون بعد إحكام ربطها وبعد إضافة شيء من المطهرات إذا أمكن .
ونأمل من رجال النظافة جزاهم الله خيراً وضاعف حسناتهم، أن ينشطوا في إماطة الأوساخ والأذى عن الطريق. ومن الواجب نقل الأقذار في صناديق محكمة الإغلاق، حتى لا تتناثر في الطريق أو تفسد الهواء برائحتها الكريهة وأن يكون النقل في الأوقات التي تكون الطرق والشوارع فيها خالية من المارة كما في آخر الليل .