نبأ نيوز- خاص/ صنعاء - رغم أنه ثاني أصغر مصحف في العالم، إلاّ أنه الأول من حيث جماليته، وروعة صنعه، ووضوح كلماته، وتقنية قراءته عبر عدسة مكبرة صنعت خصيصاً للمصحف الذي تمتلكه أسرة النهدي بصنعاء، والذي توارثته أباً عن جد.
عبد الناصر النهدي أخبر "نبأ نيوز"- التي كان لها السبق في الكتابة عن المصحف بتقرير نشرته يوم 22 ديسمبر 2009م: أن "أسرته احتفظت بالمصحف كأغلى الموجودات لديها.. وعندما بلغ العلم به لدى بعض الأشقاء الخليجيين عرضوا على الأسرة شرائه بمبالغ مغرية جداً، إلاّ أن أسرة النهدي رأت أن المصحف لا يقدر بثمن، وأن أكبر قيمة يستحقها هو في أن يبقى ثروة لليمن"..
ولكن، ماذا تبــدل بالأمــر ليجـري الحديـث عن صفقـة مع الأمير الوليد بن طلال مقابل مليون دولار..!؟
عبد الناصر النهدي كان قد أفاد "نبأ نيوز": أنه لطالما تمنى لقاء الرئيس علي عبد الله صالح لكي يهديه هذه التحفة النادرة التي لا يضاهيها شئ في العالم بقيمتها- فهو كتاب الله قبل كل شيء- وهو أصغر مصحف في العالم.. وينبغي أن يكون جزء من ثروات اليمن التراثية التي تعرضها أمام أجيالها وضيوفها الوافدين عليها.. لذلك حرصت أسرة النهدي على ألاّ تسلمه إلاّ لأيدي أمينة.. وألاّ ينتقل من يدها إلاّ ليد الرئيس علي عبد الله صالح.. وهم ما زالوا يبحثون عمّن يوصلهم إلى الأخ رئيس الجمهورية..!
ذلك هو ما قاله "النهدي في لقاء يوم 22 ديسمبر 2009م مع "نبأ نيوز".. غير أنه توسل الكبير قبل الصغير ليوصلوه إلى الرئيس صالح ليهديه هذا المصحف.. ولم يترك جهة رسمية أو شخصيات سياسية رفيعة مقربة من الرئيس دون أن يجري اتصال معهم لترتيب اللقاء مع الرئيس.. وكان الجميع يمنيه بالوعود من شهر إلى آخر، ومن أسبوع إلى ثاني، حتى سئم الانتظار، وأيقن أن لا أحد في هذا البلــد يعرف قيمة هذه التحفة القرآنية، أو يقدر معنى أن تمتلك اليمن شيئاً تتفوق به على العالم، ويحمل إسمها الى كل البقاع الاسلامية جيلاً بعد جيل، فيصبح كلما جرى الحديث عن كتاب الله يذكر اسم اليمن بأنها تمتلك أجمل وأصغر المصاحف في العالم..
عندما قصد عبد الناصر النهدي "نبأ نيوز" ليريها مصحفه النادر، لم يكن في رأسه الترويج له من أجل بيعه، فهو أكد حينها أنه "كنز لا يقدر بكنوز الدنيا"، غير أنه كان يريد إيصال رسالة إلى فخامة الرئيس علي عبد الله صالح بأن أسرة النهدي تبحث عنه لتهديه المصحف، وأنهم عجزوا عن وصوله..
ويبدو أن الرسالة وصلت إلى مكتب الأمير الوليد بن طلال قبل وصولها مكتب الرئيس صالح.. فبعد يومين فقط من نشر الخبر على "نبأ نيوز"، كان هناك من يتبادل التعليقات على الخبر على صفحات "نبأ نيوز" باحثاً عن رقم وعنوان أسرة النهدي التي تمتلك المصحف.. وكنا نظن أنه أحد الراغبين بالمساعدة لايصال النهدي الى الرئيس صالح.. غير أننا اكتشفنا لاحقاً أنهم رجال مال وأعمال خليجيين يبحثون عن شراء المصحف، وبينهم الأمير الوليد بن طلال.. فبمجرد كتابة أرقام الهاتف انهالت الاتصالات على "عبد الناصري النهدي"، وكل يقدم عرضه "المغري"، ولم يكن بينهم أحد من اليمن يعرض على "النهدي" إيصاله للرئيس صالح..!!
أما قصة المصحف مع أسرة "النهدي"، فبحسب ما رواها عبد الناصر النهدي هي: أن المصحف تعود طباعة إلى سنة (1317هجرية) في (المطبعة الأميرية بمصر)، تحت إشراف علماء من (الأزهر ألشريف)، حيث أن وبداخله بيان يوضح من كتبه بخط يده، ومن اشرف عليه، وتاريخ طباعته.. وهو النسخة الوحيدة التي طبعت في تلك الفترة، وأيضا من يتميز بأن غلافه الخارجي (مطلي بماء الذهب الخالص).. ويبلغ طول المصحف (3سم وبضعة مليمترات).. وهو كتابة يدوية وطباعه حجرية.. ومرفق مع المصحف عدسة خاصة صنعت خصيصا لأجل قراءة المصحف من خلالها، وعمر هذه العدسة من عمر المصحف، وهي بداخل إطار من الجلد الممتاز والقديم جدا..
هذا المصحف تعود ملكيته الأصلية للحاكم العثماني في اليمن آنذاك (محمود ناصف بك)، والذي قام لاحقاً بإهدائه إلى الأمام يحيى أل حميد الدين سنة 1920 ميلادية.. غير أنه عندما قامت ثورة اليمن الجمهورية في 26 سبتمبر 1962م، وتم اقتحام "قصر البشائر" وجد قائد الحرس في القصر وهو الشاوش (الحاج علي حسين النهدي)- جد عبد الناصر- أن هذا المصحف هو الأنفس بين كل ما حوله من موجودات القصر، فآثر الاحتفاظ به..
أسرة "النهدي" ليست من الأسر الثرية بأموالها في اليمن، غير أنها من الأسر الثرية بأخلاق ابنائها، وسمعهتها التي تفوح كما عبق المسك.. ومع هذا آثرت حينها إهداء هذا الكنز لرئيس الجمهورية الذي تراه هو الأمين على ما تملك..
بعد ان يئست أسرة النهدي من إيصالها للرئيس، وجدت الأمير الوليد بن طلال يعرض مليوني ريال سعودي ثمناً للمصحف، وفي القريب العاجل سيصل مندوب عنه إلى صنعاء للتفاوض بشأن المصحف، وأن ثمة أنباء متداولة تقول أن السعر المطروح حالياً يصل الى مليون دولار وأن الأمير الوليد بن طلال وافق مبدئياً على ذلك.. ليخطف بهذه الصفقة أجمل وأنفس تحفة قرآنية عرفها العالم من بوابة الرئاسة اليمنية التي عجز "النهدي" عن عبورها إلى مكتب الرئيس صالح..!
|