الإنسان إذا لم يتربَّ على الإيمان، ولم تُغرس فيه القيم الفاضلة، وإذا أمن العقاب فربما تحول إلى وحش كاسر وحيوان مفترس..
وفي أيام العيد السعيد فاجأتنا حوادث القتل المرعبة في الملاح والحبيلين، وقبلها حادثة العسكرية، وأخرى كثيرة هنا وهناك، وهي جرائم بشعة، وتزداد بشاعتها حين تتم ضد أبرياء مسالمين وأمام أعين أهليهم وذويهم، الأمر الذي يجعل من هذه الحوادث ظاهرة تستحق الوقوف أمامها والتصدي لها وقطع دابرها.
الجميع مطالب -أكثر من أي وقت مضى- لفعل أي شيء بوقف هذا الانحدار ويمنع هذا الإجرام: القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية والعلماء والمفكرون وأرباب القلم وذوو الرأي، وقبل أن يستفحل الأمر ونغدو في غابة يبطش فيها القوي بالضعيف..
ولكن المسئولية الأولى تقع على السلطة التي تفقد شرعيتها إذا لم تحافظ على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم، إذا لم تسخر الإمكانات لبسط الأمن والاستقرار، فلا يمكن أن نسمع جعجعة في التلفاز ولا نرى طحيناً في الواقع.
أخبرونا أين أجهزة الأمن المتعددة؟ وأين الاستخبارات العامة والخاصة والعسكرية والأمن القومي والسياسي؟ وأين خطط الانتشار الأمني؟ وأين القوات المسلحة والحرس الجمهوري والقوات الخاصة ومكافحة الإرهاب؟
إذا لم تقم هذه الأجهزة مجتمعة بواجبها، وبالإمكانات الهائلة تحت يدها، إذا عجزت عن تأمين المواطن فماذا تعمل؟ وما جدوى وجودها والاتفاق عليها؟!
من العيب أن يلاحق الصحفيون ويطارد السياسيون، وتنداح الصحف الرسمية في شتم المعارضين بينما تظهر عجزاً مخجلاً في الحفاظ على السلام الاجتماعي؟ أليس من المخجل أن يبقى الأستاذ محمد المقالح غائباً عن أسرته وأولاده ولا نسمع جواباً مقنعاً عن سبب اختفائه؟ أليس من المفارقات بقاء الكثير من القتلة في مأمن فقط لأنهم من أصحاب الحظوة وتقوم الدنيا وتقعد لو كان الجاني بلا ظهر ولا سند؟!
مؤسف أن يتجه الوطن نحو الانحدار والسلطة مشغولة بانتخابات شكلية تخرج عن الاتفاق الوطني ولا تقدم ولا تؤخر وكأنها تبحث عن نصر ضد الوهم، وتغطي عجزها بغربال!!