المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك في المنتدى العربي منتديات كل العرب
شكرا فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 829894
ادارة المنتدي فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 103798
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك في المنتدى العربي منتديات كل العرب
شكرا فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 829894
ادارة المنتدي فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 103798
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثورات الشعوب ليست ضد الاستعمار فحسب بل ضد الانظمة الفاسدة التي هي امتداد للأستعمار بأيادي داخليه
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

» نـــفـحـــــــــــات رمــــــــضـــــــانــــــــــيـةفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالإثنين يونيو 05, 2017 12:29 am من طرفابوعماد» مناجاة رمضانية فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالإثنين يونيو 05, 2017 12:27 am من طرفابوعماد» الوحده اليمنيهفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة مايو 23, 2014 6:26 am من طرفابوعماد» الوحده اليمنيه في التاريخفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة مايو 23, 2014 6:22 am من طرفابوعماد» على كل حال تحياتي لسعادة المدير ابو عمادفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 17, 2013 7:26 am من طرفالمتميز» الشيخ/ظيف اللةمحمدعبدالرحمن الظبيانيفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 4:14 am من طرفاميرباخلاقي» اسمحولي على الغياب الطويلفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 4:00 am من طرفاميرباخلاقي» اجمل ترحيب بالاخ عبدالوهاب عبدالكريمفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2013 12:18 pm من طرفebraheem algobany» تصعيد مسلح في الحصبة يُهدد بحرف مسار مؤتمر الحوار الوطني الشاملفهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالخميس مارس 28, 2013 12:36 pm من طرفالجبني 2011» الرئيس السابق " صالح " يحارب وقت الفراغ بافتتاح صفحة رسمية على موقع ( فيسبوك )فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالخميس مارس 28, 2013 12:31 pm من طرفالجبني 2011

 

 فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 10:26 pm



فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 80645b58d8
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين


حيثما قلّبت النظر في سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – تجد الكمال في الأخلاق ، والعدل في الأحكام ، والحلم في التعامل ، فصلوات الله وسلامه عليه .


اما بعد

نشأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أول أمره إلى آخر لحظة من لحظاته متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، فهو أعلم الناس، وأفصحهم لساناً، وأقواهم بياناً، وأكثرهم حياءً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق والعفاف، أدبه الله فأحسن تأديبه، فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأكملهم قوة وشجاعة، وأصدقهم حديثاً، وأوسعهم رحمة وشفقة، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلة، ويكفيه شهادة ربه عز وجل له بقوله:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4).

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

إن المنصفين من المشاهير المعاصرين عندما اطلعوا على سيرة رسول الله محمد لم يملكوا إلا الاعتراف له بالفضل والنبل والسيادة، وهذا طرفٌ من أقوال بعضهم :


1- يقول مايكل هارت في كتابه "الخالدون مئة" ص13،
وقد جعل على رأس المئة سيدَنا محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يقول:


(( لقد اخترت محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أول هذه القائمة ... لأن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي , وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا، وبعد 13 سنة من وفاته، فإن أثر محمد عليه السلام ما يزال قويا متجددا ))

" وقال ص 18:

((ولما كان الرسول صلي الله عليه وسلم قوة جبارة لا يستهان بها فيمكن أن يقال أيضا إنه أعظم زعيم سياسي عرفه التاريخ))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

2- برناردشو الإنكليزي , له مؤلف أسماه (محمد)،
وقد أحرقته السلطة البريطانية ، يقول :


(( إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، وإنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

3- ويقول آن بيزيت :

(( من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء... ))

ويكمل بقوله عن زواج النبى صلى الله عليه وسلم

((هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره - السن التي تخبو فيها شهوات الجسد - تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص ))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

4- تولستوي (الأديب العالمي)

(( يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

5- شبرك النمساوي :

(( إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

6- الدكتور زويمر الكندي ،مستشرق كندي :

(( إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

7- الفيلسوف إدوار مونته الفرنسي :

(( عُرِف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق.))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

8- الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل الحائز على جائزة نوبل
يقول في كتابه الأبطال :


(( لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .

وقد رأيناه طول حياته راسخ المبدأ ، صادق العزم بعيداً ، كريماً بَرًّا ، رؤوفاً ، تقياً ، فاضلاً ، حراً ، رجلاً ، شديد الجد ، مخلصاً ، وهو مع ذلك سهل الجانب ، ليِّن العريكة ، جم البشر والطلاقة ، حميد العشرة ، حلو الإيناس ، بل ربما مازح وداعب. وكان عادلاً ، صادق النية ، ذكي اللب ، شهم الفؤاد ، لوذعياً ، كأنما بين جنبيه مصابيح كل ليل بهيم ، ممتلئاً نوراً ، رجلاً عظيماً بفطرته ، لم تثقفه مدرسة ، ولا هذبه معلم ، وهو غني عن ذلك"


و بعد أن أفاض كارليل في إنصاف النبي محمد ختم حديثه بهذه الكلمات :

"هكذا تكون العظمة· هكذا تكون البطولة·هكذا تكون العبقرية))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

9- ويقول جوتة الأديب الألماني :

(( إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد"

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

10- وقال شاتليه الفرنسي :

(( إن رسالة محمد هي أفضل الرسالات التي جاء بها الأنبياء قبله))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

11- يقول وليم المؤرخ الإنجليزي الكبير في كتابه - حياة محمد-

(( لقد امتاز محمد عليه السلام بوضوح كلامه ويسر دينه و قد أتم في الأعمال ما يدهش العقول و لم يعهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس أحيا الأخلاق و أرفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلام محمد))

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

12- قالت الدكتورة زيجرد هونكة الألمانية :

(( أن محمد و الإسلام شمس الله على الغرب))


فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

فإن كان ذلك كذلك فإن من واجب العالم كله – ولا محيص لهم عن ذلك – أن يجعل عظمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الخلق جميعًا فوق كل عظمة، وفضله فوق كل فضل، وتقديره أكبر من كل تقدير، ولو لم يكن له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مؤيدات نبوته وأدلة رسالته إلا سيرته المطهرة وتشريعه الخالد لكانا كافيين، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.


وان شاء الله سيكون هذا الموضوع فهرسا
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 4564w

وعلى بركة الله نبدأ


فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Jt4ccy

صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخَلْقية


حبى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بصفاتٍ عظيمة جليلة، صفاتٍ خُلُقية ظهرت على سلوكه القويم ، وصفاتٍ خَلْقية ظهرت على بدنه الشريف وجوارحه الطاهرة، ونحن أخي الزائر الكريم نتذاكر وإياك من خلال هذا المقال بعض تلك الصفات الخَلْقية التي وهبها الله لرسوله المرتضى، ونبيه المجتبى، والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



فقد كان صلى الله عليه وسلم متوسط القامة ، لا بالطويل ولا بالقصير، بل بين بين،

كما أخبر بذلك البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً-متوسط القامة-، بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلةٍ حمراء، لم أر شيئاً قط أحسن منه ) متفق عليه.


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان صلى الله عليه وسلم أبيض اللون، ليِّن الكف، طيب الرائحة،

دلَّ على ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون- أبيض مستدير- ، كأنَّ عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، ولا مَسَسْتُ ديباجة - نوع نفيس من الحرير- ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم .


وكانت أم سُليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم، فقد روى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:َ ( دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال -أي نام نومة القيلولة- عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت -تجمع- العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب ) رواه مسلم .


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان بصاقه طيباً طاهراً،

فعن عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهلي عن أبي قال: ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فشرب منه، ثم مجّ في الدلو، ثم صُبّ، في البئر، أو شرب من الدلو، ثم مج في البئر، ففاح منها مثل ريح المسك ) رواه أحمد وحسنه الأرنؤوط.


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان وجهه صلى الله عليه وسلم جميلاً مستنيراً، وخاصة إذا سُرَّ،

فعن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك قال: ( فلما سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه ) رواه البخاري .


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان وجهه صلى الله عليه وسلم مستديراً كالقمر والشمس ،

فقد سُئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: (لا بل مثل القمر ) رواه البخاري ، وفي مسلم ( كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديراً ) .


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية،


كما وصفه أحد أصحابه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: ( وكان كثير شعر اللحية ) رواه مسلم .


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين، ذو شَعرٍ جميل،

ففي الخبر عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لم أرَ بعده مثله، وكان شَعْرُ النبي صلى الله عليه وسلم رَجِلاً لا جَعْدَ - أي لا التواء فيه ولا تقبض- وَلا سَبِطَ - أي ولامسترسل- ) رواه البخاري .

ووصفه الصحابي الجليل جابر بن سمرة رضي الله عنه فقال:
( كان رسول صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ - واسع - الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنِ - حمرة في بياض العينين - مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْن- قليل لحم العقب- ) رواه مسلم .



₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



وكان له خاتم النبوة بين كتفيه،
وهو شئ بارز في جسده صلى الله عليه وسلم كالشامة ،


فعن جابر بن سمرة قال:
( ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة، يشبه جسده ) رواه مسلم .


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



ومن صفاته صلى الله عليه وسلم أنه أُعطي قوةً أكثر من الآخرين،


من ذلك قوته في الحرب فعن علي رضي الله عنه قال: ( كنا إذا حمي البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكون أحد منا أدنى إلى القوم منه ) رواه أحمد و الحاكم .


₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪₪۩₪



تلك هي بعض صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم الخَلْقية التي نُقلت إلينا ممن رآه وصاحبه، نقلاً صحيحاً ثابتاً، إنها صفات طيبة، وصدق الصديق أبو بكر رضي الله عنه عندما قال عنه وهو يُقبِّله بعد موته صلى الله عليه وسلم: (طبت حياً وميتاً يارسول الله)، فعليك أخي الزائر الكريم أن تكون قوي الصلة بصاحب تلك الصفات من خلال اتباعه، والسير على هديه، وتعميق حبه، والإكثار من الصلاة والسلام عليه، والله أعلم.

==============================




عدل سابقا من قبل الهاشمي في السبت أكتوبر 31, 2009 11:53 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: أخلاق الحبيب صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 10:32 pm



أخلاق الحبيب صلى الله عليه وسلم



نشأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أول أمره إلى آخر لحظة من لحظاته متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، فهو أعلم الناس، وأفصحهم لساناً، وأقواهم بياناً، وأكثرهم حياءً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق والعفاف، أدبه الله فأحسن تأديبه، فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأكملهم قوة وشجاعة، وأصدقهم حديثاً، وأوسعهم رحمة وشفقة، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلة، ويكفيه شهادة ربه عز وجل له بقوله:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4).


وبالجملة فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله - صلى الله عليه وسلم - منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه، وأبعدهم عنه، شهد له بذلك القاصي والداني، والعدو والصديق، ومن ثم كانت مكارم الأخلاق، سمة بارزة في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفعله وسيرته .


فعن ابن عباس رضي الله عنهما قالSad لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق )( البخاري ).


ولما سأل النجاشي ـ ملك الحبشة ـ جعفر بن أبي طالب : ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من الملل؟، قال جعفر : أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات .. .


وكانت أخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهم وسائل دعوته للناس، وخاصة قريش الذين عايشوه صبيا وشابا قبل بعثته، وكانوا يسمونه "محمد الأمين"، ومن ثم أعلنها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واضحةSad إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ( أحمد ).


وقال أنس ـ رضي الله عنه ـSad خدمت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين، فما قال لي أف قط، وما قال لشيء صنعتُه لم صنعتَه، ولا لشيء تركته لِم تركته، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خُلقا ) ( البخاري ).


ويقول عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـSad لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ) (متفق عليه).


وكيف لا يشهد له العدو والصديق بمكارم الأخلاق، وقد هذبه القرآن وربَّاه، ولما سأل سعد بن هشام ، أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن خلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟، قالت له: ( ألست تقرأ القرآن؟، قال: بلى، قالت: فإن خلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان القرآن ) ( مسلم ).


وكان حسن أخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشمل ويعم جميع من حوله، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعامل زوجته بالإكرام، والود والحب، والتلطف والمداعبة،ويقولSad خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) ( الترمذي )، وكان يعين أهله ويساعدهم، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالتSad كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخيط ثوبه، ويخصف نعله ) ( أحمد ). فكان عطوفا ودودا طوال حياته مع أهله، حتى مع مرضعته حليمة السعدية ـ رضي الله عنهاـ، كان يفرش لها رداءه، ويعطيها من الإبل ما يغنيها في السنة الجدباء.


وكذلك كان مع أصحابه يؤلفهم ولا ينفرهم، ويتفقدهم ويعودهم، ويعطى كلَّ مَنْ جالسه نصيبه من العناية والاهتمام، حتى يظن جليسه أنه ليس أحدٌ أكرم منه، وكان لا يواجه أحداً منهم بما يكره.


وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع كثرة أعبائه ومسئولياته، يداعب طفلا ويسأله عن عصفور لديه، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير، كان يقول له: يا أبا عمير ما فعل النغير(طائر صغير يشبه العصفور) ) ( البخاري ).


بل شمل عطفه ووده وحسن خلقه الحيوان، فكان يقرب للهرة(القطة) الإناء لتشرب .

ومن حياته وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ نرى حسن أخلاقه حتى مع أعدائه، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـSad أن يهود أتوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقالوا السام (الموت) عليكم، فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: عليكم، ولعنكم الله وغضب الله عليكم، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : مهلا يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، قالت: أولم تسمع ما قالوا؟، قال: أولم تسمعي ما قلتُ؟، رددت عليهم فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في ) ( البخاري ).


بل انظر إلى شفقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع من آذاه.. فعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قالSad كأني أنظر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحكي نبيا من الأنبياء (يعني نفسه)، ضربه قومه فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) ( البخاري ).. وحينما تعرض له أهل الطائف بالضرب والإيذاء، جاءه ملَك الجبال ليطبق عليهم الجبلين، فرفض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال : ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا )( البخاري ) .


قال القاضي عياض رحمه الله: وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ..



نسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يوفقنا جميعا للتخلق بأخلاق هذا النبي الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأن يمن علينا بالتوفيق لاقتفاء آثاره، والسير على نهجه، وأن يميتنا على سنته، ويحشرنا في زمرته، ويجعلنا من الفائزين بشفاعته .

==============================

تابع موضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 10:45 pm


تواضع الحبيب صلى الله عليه وسلم




خلق التواضع من الأخلاق الفاضلة الكريمة ، والشيم العظيمة التي حث عليها الإسلام ورغَّب فيها، وتمثله رسول الله صلى الله عليه وسلم منهجاً عملياً في حياته، وفي ثنايا الأسطر التالية نقف عند بعض ملامح هذا المنهج العملي لنرى تواضعه صلى الله عليه وسلم.


فقد كان صلى الله عليه وسلم مع علو قدره ، ورفعة منصبه أشد الناس تواضعاً، وألينهم جانباً، وحسبك دليلاً على هذا أن الله سبحانه وتعالي خيَّره بين أن يكون نبياً ملكاً ، أو نبياً عبداً ، فأختار أن يكون نبياً عبداً صلوات الله وسلامه عليه.


وكان صلى الله عليه وسلم يمنع أصحابه من القيام له، وما ذلك إلا لشدة تواضعه فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على عصاً ، فقمنا له ، قال Sad لا تقوموا كما يقوم الأعاجم ، يعظِّم بعضهم بعضاً) رواهأحمد وأبو داود وهذا خلاف ما يفعله بعض المتكبرين من حبهم لتعظيم الناس لهم ، وغضبهم عليهم إذا لم يقوموا لهم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من أحب أن يتمثَّل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار) رواه أحمد والترمذي و أبو داوود.


وخلق التواضع كان سمةً ملازمةً له صلى الله عليه وسلم في حياته كلها، في جلوسه ، وفي ركوبه ، وفي أكله ، وفي شأنه كله ، ففي أكله وجلوسه نجده يقول (إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) رواه ابن حبان ، وفي ركوبه يركب ما يركب عامة الناس، فركب صلى الله عليه وسلم البعير و الحمار والبغلة والفرس، قال أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف ) رواه الترمذي.


وفي "سنن" ابن ماجه عن قيس بن أبي حازم : أن رجلاً أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين يديه فأخذته رعدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هوّن عليك فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) ـ والقديد هو اللحم المجفف - وهذا من تمام تواضعه صلى الله عليه وسلم حيث بين له أنه ليس بملك، وذكر له ما كانت تأكله أمه لبيان أنه رجل منهم ، وليس بمتجبر يُخاف منه.


وبالجملة فإن الناظر إلى ما تقدم بعين البصيرة والاعتبار يعلم علم اليقين، أن خلق التواضع كان خلقاً ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه من الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها و يحرص عليها إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كي ينال خيريِّ الدنيا والآخرة.

==============================

تابع موضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: آداب نبوية في الاستئذان   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 11:02 pm


آداب نبوية في الاستئذان



عندما يأوي الناس إلى منازلهم فإنهم يطرحون عنهم أعباء الكلفة ويتخفّفون من ملابسهم ، ويظهر منهم ما لا يرغبون أن يطّلع عليه الآخرون ، فجاءت الشريعة لترشد الناس إلى أدب الاستئذان صيانةً لتلك البيوت ورعايةً لأهلها .



والمقصود بالاستئذان : طلب الإذن بالدخول ، خوفاً من الاطلاع على عورات المسلمين ، أو وقوع النظر على ما لا يرغبه صاحب البيت ، ويقرّر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ( إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ) متفق عليه .



وإذا نظرنا إلى الآداب المتعلّقة بالاستئذان وجدنا أنها تنقسم إلى قسمين : قسمٌ يتعلّق بالدخول إلى البيت ، وآخر بالحركة داخله ، أما الأوّل ، فقد جاء النهي عن دخول البيوت قبل استئذان أهلها ، فقال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون } ( النور : 27 ) .



ويظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تعويد أصحابه على الاستئذان لا سيّما مع حديثي العهد بالإسلام والجهلة من الأعراب ، فقد جاء في سنن الترمذي أن صفوان بن أمية ذهب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد إسلامه بشيءٍ من الطعام ، فدخل عليه ولم يسلّم ولم يستأذن ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ارجع ، فقل: السلام عليكم ، أأدخل ؟ ) .



وفي سنن أبي داود أن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت فقال : ألج ؟ ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه : ( اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان ، فقل له : قل السلام عليكم ، أأدخل ) ، فسمعه الرجل فقال : السلام عليكم ، أأدخل ؟ ، فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل .



وينبّه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ضرورة حفظ النظر عند الوقوف والانتظار فيقول : ( لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيتٍ حتى يستأذن ، فإن فعل فقد دخل ) رواه البخاري في الأدب المفرد .



ولخطورة النظر على العورات والاطلاع عليها ، أهدر النبي – صلى الله عليه وسلم – عين الناظر إلى بيوت الآخرين وأسقط عنها الدية فقال : ( لو أن رجلا اطّلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة – أي رميته بها - ففقأت عينه ، ما كان عليك من جناح ) متفق عليه ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلي ، فاطّلع رجل في بيته ، فأخذ سهماً من كنانته فسدّد نحو عينيه ، رواه البخاري في الأدب المفرد .



وأخبر سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن موقفٍ آخر ، حين اطّلع رجلٌ من ثقبٍ في باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يسرّح شعره بمشطٍ في يده ، فقال للرجل : ( لو أعلم أنك تنظر طعنت به في عينك ؛ إنما جعل الله الإذن من أجل البصر ) رواه مسلم .



ولأجل هذا المقصد جاء النهي أيضاً عن استقبال الباب والوقوف أمامه ، والإرشاد إلى أخذ جانبه الأيمن أو الأيسر ، فقد جاء عن طلحة عن هزيل رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذن بالدخول ، فوقف مستقبل الباب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( هكذا عنك أو هكذا – أي اذهب يميناً أو شمالاً - فإنما الاستئذان من النظر ) رواه أبو داود .



وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء الباب يستأذن ،لم يستقبله ، يمشي مع الحائط حتى يستأذن ، فيؤذن له أو ينصرف ، رواه أحمد ، وعند البخاري في الأدب المفرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا أتى بابا يريد أن يستأذن لم يستقبله ، وجاء يمينا أوشمالا ، فإن أذن له وإلا انصرف .



ومن سنن الاستئذان ألا يزيد عن ثلاث مرّات ، فإن أذن صاحب البيت وإلا انصرف ، يشير إلى ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد سعد بن عبادة ، حتى أتاه فسلّم فلم يؤذن له ، ثم سلّم الثانية ثم الثالثة ، فلم يؤذن له ، فقال : ( قضينا ما علينا ) ، ثم رجع فأدركه سعد فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ما سلّمت من مرة إلا وأنا أسمع وأرد عليك ، ولكن أحببت أن تكثر من السلام عليّ وعلى أهل بيتي ، رواه البخاري في الأدب المفرد .



ويُستثنى من ذلك إذا دعى صاحب البيت الزائر وأرسل إليه من يطلبه ، فلا داعي حينئذٍ من الاستئذان ، ويدلّ على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فهو إذنه ) ، رواه الطبراني ، وبهذا المعنى يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( رسول الرجل إلى الرجل إذنه ) رواه أبو داوود .



ويمكن لصاحب البيت أن يستثني من أراد في الدخول عليه بدون إذن ، أو يجعل له علامةً يتفقان عليها للدلالة على الإذن ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( آذنك على أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادى – يعني الخاصّ من الكلام - حتى أنهاك ) رواه مسلم ، يقول الإمام النووي تعليقاً على الحديث : " وفيه دليل لجواز اعتماد العلامة في الأذن فى الدخول ، فإذا جعل الأمير والقاضى ونحوهما وغيرهما رفع الستر الذي على بابه علامة فى الأذن فى الدخول عليه ، للناس عامة ، أو لطائفة خاصة ، أو لشخص ، أو جعل علامةً غير ذلك ، جاز اعتمادها والدخول إذا وجدت بغير استئذان " .



ومن الآداب الشرعيّة في الاستئذان ، عدم رفع الصوت أو إزعاج أهل البيت ، ولذلك نرى من أدب الصحابة أنهم كانوا يقرعون أبواب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأظافير ، رواه البخاري في الأدب المفرد ، يقول الإمام ابن العربي : " وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب ، وهو حسن لمن قرب محله من بابه ، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه " .



وينبغي للمستأذن أن يُفصح عن اسمه حتى يعرفه صاحب البيت فيتهيّأ له ، وبذلك نفهم سرّ غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما استأذنه جابر رضي الله عنه بالدخول ، فسأله عن اسمه ، فقال : أنا ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( أنا أنا ) كأنه كرهها ، متفق عليه .



وإذا قال أهل المنزل للمستأذن : ارجع ، وجب عليه الرجوع ؛ لأنهم ما طلبوا منه الرجوع إلا لعدم تهيّئهم لاستقباله وحصول الضرر والإحراج من دخوله ، قال تعالى : { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم } ( النور : 28 ) .



وللمعاني العظيمة التي شُرع لها الاستئذان جاء النهي عن الدخول على أهل البيت عند القدوم من السفر دون إشعارٍ سابقٍ ، حتى تتهيّأ المرأة لزوجها ولا يطّلع منها على ما يكره ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحدّ المغيبة وتمتشط الشعثة ) متفق عليه .



وكما يُشرع الاستئذان عند الدخول ، يُشرع كذلك عند الانصراف ، وقد امتدح الله المؤمنين في سورة النور بقوله : { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله } ( النور : 62 ) .



وتلك الآداب متعلّقة بالبيوت المسكونة دون غيرها ، أما البيوت غير المأهولة كالتي تكون على الطريق أو المعدّة للتأجير فلا استئذان لها ، كما قال تعالى : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } ( النور :29 ) .



وفيما يتعلّق بآداب الحركة داخل البيت فقد جاء التخفيف للمماليك والصغار أن يتنقّلوا في البيت دون استئذانٍ للحاجة إلى ذلك ، سوى ثلاثة أوقات : قبل الفجر ، ووقت الظهيرة ، وبعد صلاة العشاء ، ففي هذه الأوقات يغلب على أهل البيت نزع ثيابهم واللجوء إلى الفراش ، فشرع الاستئذان حينئذٍ .



وفي ثنايا التوجيهات الربّانية والسنن النبويّة التي مرّت بنا ، تظهر عظمة الإسلام في حرصه على حفظ العرض ، واحترام الخصوصيّة ، ومراعاة مشاعر الناس ،

والله الموفق .


==============================

تابع موضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: الهدي النبوي في الاستشارة   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 11:06 pm


الهدي النبوي في الاستشارة



الإسلام في شريعته المنزّلة ومنهجه المرسوم عقدٌ تنتظم فيه صور الكمال في المقاصد ، والسمو في المباديء ، والإحكام في القواعد ، وما مبدأ الشورى إلا صورة من صور هذا الكمال ، فمن خلاله تُبسط الآراء وتناقش القضايا ، بين النُخبة من أفراد الأمة ، لتقرير ما يرتّب شؤون الحياة ويحفظ توازن المجتمع .



والشورى هي نظامٌ اجتماعي ، وأصلٌ من أصول الحكم ، يسعى لتلبية حاجات الناس المتجدّدة وحلّ مشكلاتهم المختلفة ، بإشراك أرباب العقول وذوي الأفهام في الفكر والرأي .



وتظهر مكانة الشورى في الإسلام من خلال اقترانها بأوصاف المؤمنين الصادقين في قوله تعالى : { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم } ( الشورى : 38 ) ، يقول الإمام الجصاص : " هذا يدل على جلالة موقع المشورة لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة " ، علاوةً على كونها السبيل لاستقرار الأسرة المسلمة وائتلافها ، قال تعالى : { فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } ( البقرة : 233) .



ثم إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيّه بمشاورة أصحابه بالرغم من استغنائه عن آرائهم ، فقد تكفّل الله بإرشاده وتوجيهه ، ولكنّه إرشادٌ للأمة بضرورة العمل بهذا المبدأ ، قال تعالى : { وشاورهم في الأمر } ( آل عمران : 159 ) .



فكان – صلى الله عليه وسلم – أكثر الناس مشورة في أحواله كلّها ، في السلم والحرم ، وأمور الخاصّة والعامة ، حتى شهد أصحابه بذلك .



ففي أمور الحرب ، تبرز مواقف النبي – صلى الله عليه وسلم – التي شاور أصحابه فيها ، ابتداء بغزوة بدر ، حيث شاورهم فيها حول الخروج لملاقاة العدو ، واختيار المكان الذي ينزلون فيه ، وفي شأن الأسرى وكيفيّة التعامل معهم .



وفي غزوة أحد ، استشار النبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار المكان الذي يحارب منه المسلمون ، ونزل على رأي من أراد الخروج ، كما أخذ عليه الصلاة والسلام بمشورة صاحبيه بعد المعركة في ملاحقة فلول قريش ومطاردتها .



وعندما أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بفكرة بناء الخندق ، استحسن النبي – صلى الله عليه وسلم – فكرته وأمر بتنفيذها ، فكانت سبباً رئيسياً من أسباب النصر في تلك الغزوة.



وكثيراً ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأخذ بمشورة أصحابه حتى وإن خالفت رأيه ، فقد نزل على رأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما في عدم إعطاء ثمار المدينة لغطفان ، وأخذ بمشورة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بقصد المسجد الحرام لأداء العمرة وترك قتال قريش يوم الحديبية ، ومشورة الحباب بن المنذر رضي الله عنه في اختيار معسكر المسلمين في غزوة الطائف ، ورأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدم ملاحقة جيش الروم في أرض الشام وضرورة العودة إلى المدينة ، ومنع الصحابة من نحر الإبل حينما اشتدّ بهم الجوع ، وغير ذلك من المواقف الكثيرة التي ذكرها علماء السيرة .



وبعيداً عن شؤون الحرب ، فقد وردت في السيرة النبوية مجموعة من القضايا استشار فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – الآخرين واستمع إلى آرائهم ، ففي يوم الإسراء والمعراج شاور عليه الصلاة والسلام جبريل في تخفيف الصلاة ، وشاور كلاً من علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما في قضيّة الإفك ، وشاور الناس في كيفيّة التعامل مع من آذاه في عرضه الشريف ، وفي غزوة الحديبية نزل عند رأي زوجته أم سلمة رضي الله عنها بمباشرة النحر وحلق الشعر بنفسه عندما تثاقل الناس عن فعل ذلك .



وعند استعراض مبدأ الشورى في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، نجد أن لها مجالاً معيّناً ونطاقاً محدّداً لا تتعدّاه ، وهي الأمور التي لم يرد فيها نصٌّ شرعيٌّ من الكتاب والسنّة ، وأما ما ورد فيه نصٌّ فليس أمام المسلم سوى القبول والتسليم ، ولا سبيل إلى تعطيله أو معارضته ، وإنما تكون الشورى في البحث عن كيفيّة تنفيذه بما يتوافق مع أصول الإسلام وقواعده ، وبما يراعي مقتضى الظروف المحيطة وواقع الحال .



وللشورى في حياة الصحابة رضوان الله عليهم مكانةٌ عظيمة ، فقد كانوا حريصين أشدّ الحرص على معرفة رأي النبي – صلى الله عليه وسلم – في مختلف القضايا ليأخذوا به ، فمن ذلك استشارة أبي هيثم رضي الله عنه للنبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار خادمه من السبي ، رواه الترمذي ، واستشارة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها للنبي عليه الصلاة والسلام فيمن تقدّم لخطبتها ، فأشار لها بقبول أسامة رضي الله عنه ، فكان زواجها منه سبباً في سعادتها وحلول البركة في بيتها ، رواه مسلم .



وعن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه أن والده جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا رسول الله ، أردت أن أغزو ، وقد جئت أستشيرك " ، فقال له : ( هل لك من أم ؟ ) ، قال : نعم ، فقال له : ( فالزمها فإن الجنة تحت رجليها ) رواه النسائي .



ومن بعد عصر النبوّة أرسى الصحابة رضوان الله عليهم مبدأ الشورى منذ اللحظة الأولى ، فما كان اختيار خليفة المسلمين يوم السقيفة إلا نتاج المشورة بينهم ، ولا إنفاق أموال الفتوحات الإسلامية على الدولة في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه إلا بمشورة أصحابه ، وبذلك صارت الشورى ركيزة أساسية في حياتهم .



وعندما نعود إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم : ( إن المستشار مؤتمن ) رواه الترمذي ، أدركنا ضرورة الصدق والإخلاص في المشورة ليتحقّق المقصود منها ، وفي هذا المعنى يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : ( من استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ) رواه أحمد .



وهكذا أصبحت المباديء التي قرّرها النبي – صلى الله عليه وسلم – دستوراً للبشريّة ، ومنهاجاً للإنسانيّة ، وعنواناً للأمم الراقية على مرّ العصور.

==============================

تابع موضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - في البيع والشراء   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 11:11 pm


هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - في البيع والشراء


حياة الأنبياء عليهم السلام حياةٌ كاملة ، تجمع بين الجوانب الإنسانيّة والخصائص الرسالية ، وشأن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك كشأن من سبقه في النبوّة والرسالة ، فبشريّته عليه الصلاة والسلام حاضرةٌ في سيرته ، يُدركها كل من قرأها ، فنراه كغيره من الناس يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق ، ويسعى للرزق ، كما قال الله تعالى :
{ وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } (الفرقان : 7 ) .



وبين يدينا حديثٌ عن أحد الجوانب البشريّة في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وهي علاقته – صلى الله عليه وسلم – بقضايا الكسب والمعاش ، والبيع والشراء ، فقد بدأت تلك العلاقة في سنٍّ مبكرة ومرّت بمراحل عديدة ، فكان عليه الصلاة والسلام يرعى الغنم في بني سعد وهو غلامٌ مع إخوانه من الرضاعة ، مقابل شيءٍ يسير من المال .



ومع مرور الأيّام استفاد النبي – صلى الله عليه وسلم – من قربه من عمّه أبي طالب آراءه وخبرته ، فتعلّم منه فنون التجارة وأساليبها ، فما بلغ سنّ الشباب إلا وقد حاز على شهرةٍ واسعة في مكّة وما حولها ، حتى سمعت به خديجة رضي الله عنها ، فتعاقدت معه على التجارة بمالها ، فخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الشام مع غلامها ميسرة ، وعاد لها بربح وفير ، وسرعان ما توطّدت العلاقة التجارية بينهما حتى تُوّجت بالزواج ، وظلّ الأمر كذلك إلى أن أكرم الله نبيّه – صلى الله عليه وسلم – بالرّسالة .



وفي تلك الأثناء كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم – شراكاتٌ تجاريّةٌ أخرى مع بعض أهل مكّة ، يشير إلى ذلك حديث الذي رواه الإمام أحمد أن السائب بن أبي السائب رضي الله عنه كان شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الإسلام في التجارة ، فلما كان يوم الفتح رآه النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له : ( قال مرحبا بأخي وشريكي ) .



أما بعد نزول الوحي فقد كان شراؤه– صلى الله عليه وسلم – أكثر من بيعه ، لما تتطلّبه أعباء الرسالة من متابعة وتفرّغٍ لشؤون الدعوة وتوجيه الناس والفصل بينهم ، وغير ذلك من الأمور المهمّة .



ومن الصور التي حُفظت في بيع النبي – صلى الله عليه وسلم – ما حدّث به جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلا أراد عتق غلامٍ له بعد موته ، ثم احتاج للمال ، فأراد النبي – صلى الله عليه وسلّم – أن يفكّ عنه حاجته فعرض ذلك الغلام للبيع ، فاشتراه نعيم بن عبد الله رضي الله عنه بثمانمائة درهم ، ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم – تلك الدراهم إلى صاحب العبد ، والحديث رواه البخاري ومسلم .



وفيما يتعلّق بشرائه – صلى الله عليه وسلم – فهناك العديد من المواقف التي تدلّ على أنه كان يباشر ذلك بنفسه ، أو يوكل ذلك إلى أحدٍ من أصحابه ، فمن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ، ورهنه درعاً من حديد ، رواه البخاري .



وفي طريق العودة من إحدى الغزوات اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم – من جابر بن عبدالله رضي الله عنه جملاً كان يركبه ، وعند وصولهم إلى المدينة أعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم – الثمن وزاده ، ثم أرجع إليه جمله ، والقصّة بتمامها في الصحيحين.



و أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه دينارا ليشتري له أضحية ، فاشترى عروة شاتين بالثمن ثم باع إحداهما بدينار ، ورجع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - بشاة ودينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، رواه أبو داود .



وربما احتاج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المال فيقترض أو يرهن شيئاً عنده من سلاحٍ ونحوه ، وقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ، رواه البخاري .



وتعاقد النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أهل خيبر لممارسة النشاط الزراعي لصالح المسلمين ، مقابل أن يأخذوا شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ، رواه مسلم .



وقد أسّس النبي – صلى الله عليه وسلم – منهجاً متكاملاً يسير عليه الناس في تعاملاتهم ، فحرّم جملةً من المعاملات التي فيها ضررٌ أو غبن ، كالتعامل بالربا ، وبيع الغرر ، وبيع العِينة ، والتجارة بالمحرّمات ، وبيّن أهميّة التقابض بين البائع والمشتري ، وحدّد أنواع الخيار عند الرغبة في التراجع عن الصفقة ، إلى غير ذلك من الأسس والضوابط المقرّرة في سنته .



وبالجملة فإن كل ما أوردناه من أمثلة تدور حول محور واحد ، يتلخّص في أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أراد أن يعلّم أمته أن السعي في الرزق وتحصيل القوت لا يتنافى مع الإقبال على الآخرة ، بل هو مطلبٌ من مطالبها ، علاوةً على كونه سبباً في نهوض الأمة ورقيّها ، لتنال بذلك مكانةً سامية بين الأمم ،

والله الموفق .


==============================

تابع موضوع


عدل سابقا من قبل الهاشمي في السبت أكتوبر 31, 2009 11:13 pm عدل 1 مرات (السبب : تابع الموضوع)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نومه وانتباهه   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 11:19 pm



هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نومه وانتباهه



مهما بلغ الإنسان من القوّة والنشاط فلابدّ له أن يأوي إلى فراشه أخيراً ، وهذه ضرورةٌ لا يمكن الاستغناء عنها ، فالنوم فرصةٌ تتيح للجسد الراحة والاسترخاء ، وللفكر أن يبتعد قليلاً عن مطارق الهواجس والخواطر التي ترهق العقل وتشغل البال ، وهو السكون الذي امتنّ الله به على عباده في قوله تعالى : { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } ( يونس : 67 )

وقوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا } ( الفرقان : 47 ) .



وجوانب القدوة والأسوة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – امتدّت لتشمل هديه في نومه واستيقاظه ، فقد أحاط عليه الصلاة والسلام هذه الحاجة الإنسانية بجملة من الآداب ، ورتّب عليها عددا من الأحكام .



وفي هذه الآداب وتلك الأحكام يظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على ربط المسلم بخالقه في كل الأحوال ، فعندما كان عليه الصلاة والسلام يريد أن يعطي جسده حقه من الراحة بعد عناء نهار طويل يستحضر عظمة الله ، ويستذكر جملة النعم التي أنعم الله بها عليه في يومه وليلته ، ويظهر ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام عندما يأوي إلى فراشه ( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) رواه مسلم فهي ألوانٌ من النعم المستوجبة للحمد والشكر لمعطيها ومانحها .



وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم – إذا أسلم النفس لراحتها ذكَّرها بأن أمرها أولاً وآخراً بيد بارئها لا بيد أحدٍ غيره، فيقول داعياً: ( اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ) متفق عليه ، وقد علّم النبي عليه الصلاة والسلام البراء بن عازب رضي الله عنه هذا الدعاء وأمره أن يجعله آخر ما يتكلّم به ، وبشّر قائلها أن من مات على تلك الحال بأنه يموت على الفطرة كما جاء في نص الحديث .



وفي هذا الدعاء بيان للحال الذي على المسلم أن يكون عليها وهو على فراش نومه ، إنه حال الاستسلام والتسليم إلى خالق النفس وبارئها، وقريب من هذا الدعاء دعائه - صلى الله عليه وسلم - على تلك الحال بقوله : (باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) متفق عليه.



وهناك العديد من الأذكار والأدعية التي جاءت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل النوم ، منها قوله : ( اللهم اغفر لي ذنبي ، وأخسئ شيطاني ، وفك رهاني ، واجعلني في الندي الأعلى ) كما ثبت في سنن أبي داود .



ومن الأدعية الواردة كذلك عند النوم ، قوله – صلى الله عليه وسلم –: ( اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر ) رواه مسلم .



كذلك كان من هديه - صلى الله عليه وسلم – بعد الوضوء والاستعداد للنوم أن يجمع كفيه ، وينفث فيهما قارئاً سور الإخلاص والمعوّذتين ، ثم يمسح بكفّيه ما وصل إليه من جسده ، وبعد ذلك يضع يده تحت خده الأيمن ثم يدعو ثلاث مرّات : ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) رواه أبو داود وأحمد .



وفي سياق أحاديث نبويّةٍ أخرى ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قراءة سور أخرى من القرآن الكريم ، كسورة الملك وسورة السجدة ، وسورة الإسراء والزمر ، وآخر آيتين من سورة البقرة ، و"المسبّحات" وهي سور الحديد والحشر ، والصف والجمعة ، والتغابن و الأعلى .



ومن الأذكار الواردة كذلك التسبيح والتكبير والتحميد ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً وفاطمة رضي الله عنهما إذا جلسا على الفراش أن يكبّرا أربعا وثلاثين ، ويسبحا ثلاثا وثلاثين ، ويحمدا ثلاثا وثلاثين ، متفق عليه .



وفي المقابل جاء النهي عن النوم في أوضاعٍ معيّنة لمشابهتها لأحوال المعذّبين يوم القيامة ، ومن ذلك النوم على البطن ، فقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال : ( إن هذه ضجعة لا يحبها الله ) رواه الترمذي ، وفي رواية ابن ماجة : ( إنما هذه ضجعة أهل النار ) .



وأرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – الناس إلى بعض التدابير الاحتياطيّة قبل الذهاب إلى النوم ، من إطفاء السرج وإغلاق الآنية وإخماد النيران ، حمايةً للبيوت من خطر بعض الهوام والحيوانات الصغيرة التي قد تعبث بمتاع الناس أو تكون سبباً في اشتعال الحرائق ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون ) متفق عليه ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( أغلقوا الباب ، وأوكئوا السقاء ، وأكفئوا الإناء أو خمّروا الإناء – أي : قوموا بتغطيته - ، وأطفئوا المصباح ؛ فإن الشيطان لا يفتح غلقا – أي بابا مغلقا - ولا يحلّ وكاء ، ولا يكشف آنية ، وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم) رواه الترمذي ،ويقصد بالفويسقة الفأرة .



ومن هذه التدابير الواقية التي جاء الأمر بها : غسل اليدين قبل النوم إذا كان بهما شيءٌ من بقايا الطعام ، ويؤكّد النبي – صلى الله عليه وسلم - على ذلك بقوله: ( من نام وبيده غمر – أي دسومة وشحم - قبل أن يغسله فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه ) رواه البخاري في الأدب المفرد .



وإذا استيقظ الإنسان أثناء نومه فزعاً ، فعليه أن يقول : ( أعوذ بكلمات الله التامات ، من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) كما ثبت بذلك الحديث في مسند الإمام أحمد .



ومن خصوصيّات النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، وذلك لحضور قلبه ودوام استشعاره عليه الصلاة والسلام لعظمة خالقه وبارئه .



أما حاله - صلى الله عليه وسلم – عند الاستيقاظ من النوم فكان كحاله قبله ، دوام ذكرٍ ومزيد شكرٍ للخالق سبحانه وتعالى على نعمة الحياة بعد الممات ، فكان يقول : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) رواه أبوداود .



ولما كان من طبيعة النائم عدم التحكّم في تصرّفاته جاء الأمر بغسل اليدين قبل الوضوء أو استخدام الآنية لإزالة ما قد يكون أصابها من نجاسة حال النوم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه ؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) متفق عليه .



ومن السنّة أيضاً نوم القيلولة ، وهو الاستراحة في نصف النهار ، وذلك في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ) رواه الطبراني .



وبعد : فهذه إشراقةٌ من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في نومه ويقظته ، جاءت لتؤكّد أن حياته عليه الصلاة والسلام لم تخلُ في لحظة من لحظاتها ، أو حالة من حالاتها ، من ذكر الله سبحانه وتعالى ، والتعلّق به ، وتفويض الأمر إليه .

==============================

تابع موضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: النبي صلى الله عليه وسلم مع الموالي   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالسبت أكتوبر 31, 2009 11:41 pm

النبي صلى الله عليه وسلم مع الموالي

إذا ذُكرت الجاهلية ، سرعان ما تقفز إلى الأذهان تلك الصورة السوداء ، والمليئة بمشاهد الاستضعاف للطبقة العاملة والمملوكة ، والهضم المستمر لحقوقها ، والنظرة الدونية التي يُنظر بها إلى أصحابها ، والمواقف التي تنطق بالاحتقار والكراهية ، واعتبار أن هذه الفئة من البشر ليست سوى آلات لم تُخلق إلا لخدمة أسيادها ، حتى أصبح الحديث عن حقوقهم مجرّد حلم يداعب الخيال ويُنسي مرارة الحرمان .



كان ذلك حتى أشرقت شمس الإسلام بمبعث خير الرسل – صلى الله عليه وسلم - ، والذي جاء برسالة الهدى والحق ، والخير والعدل ، ليعيد الحقوق إلى تلك الفئة المهضومة ، ويعيد لها اعتبارها ، من خلال الآداب والتوجيهات التي تجلب النفع لها ، وتدفع الضر عنها .




وكم كان الأثر عظيماً في نفوس من تعاملوا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – من العبيد ، فقد استطاع أن يأسر قلوبهم ويملك مشاعرهم بسماحة أخلاقه وكريم شمائله ، ولننظر إلى قصّة زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فقد استقرّ في بيته عليه الصلاة والسلام قبل البعثة ، وظلّ هناك يقوم على خدمته ويرعى شؤونه ، حتى بلغت الأخبار إلى والده بوجوده عند النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فانطلق مسرعاً إليه ، وطلب منه أن يرد ولده ، فنظر النبي عليه الصلاة والسلام إلى زيد وقال : ( إن شئت فأقم عندي ، وإن شئت فانطلق مع أبيك ) ، ولم يطل اختيار زيد رضي الله عنه ، فلم يكن ليفضّل عليه أحداً ، فقال : بل أقيم عندك ، فسُرّ النبي – صلى الله عليه وسلم – من موقفه فقرّر أن يتبنّاه ، وهكذا عاش زيد رضي الله عنه عيشةً هانئةً راضية ، ينسبه الناس فيقولون : زيد بن محمد حتى أبطل الله عادة التبني ، والقصة مذكورة في معجم الطبراني .



والذين تشرّفوا بخدمة النبي – صلى الله عليه وسلم - من العبيد والإماء وغيرهم من الأحرار جمعٌ كبير ، ويمكن العودة إلى كتاب " زاد المعاد " للإمام ابن القيم لمعرفة أسمائهم ، حيث عقد فصلاً بيّن فيه أسماءهم جميعاً .



وإذا تتبعنا التوجيهات والحقوق التي قرّرها النبي – صلى الله عليه وسلم – للموالي والخدم فسنعرف مقدار الاهتمام الذي حازته هذه الفئة في شريعة الإسلام ، فقد جعل لهم حقّاً في المأكل والمشرب والملبس ، ودعا عليه الصلاة والسلام إلى إشراكهم في الجلوس ، فقال في وصيّته الشهيرة : ( إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ) رواه البخاري ، وصحّ عنه عليه الصلاة والسلام قوله : ( للمملوك طعامه وكسوته ) رواه أحمد ، وينقل لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يوصى بالمملوكين خيراً ويقول : ( أطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم من لبوسكم ، ولا تعذبوا خلق الله عز وجل ) رواه البخاري في الأدب المفرد ، وفي المشاركة في الجلوس قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه فليجلسه ، فإن لم يقبل فليناوله منه ) رواه البخاري في الأدب المفرد .



ويؤكد النبي – صلى الله عليه وسلم – على ضرورة الإحسان إلى الخدم والعبيد ، وأن ذلك من أبواب الصدقة فيقول : ( وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة ) رواه أحمد ، وجاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : عندي دينار ، فقال له : ( أنفقه على نفسك ) ، قال : عندي آخر ، فقال له : ( أنفقه على زوجتك ) ، قال : عندي آخر ، فقال له : ( أنفقه على خادمك ، ثم أنت أبصر ) رواه البخاري في الأدب المفرد .



ولما كان الخدم وغيرهم من الضعفاء مظنّة الهضم والظلم ، شدّد النبي – صلى الله عليه وسلم – على تحريم أكل أموالهم أو تأخيرها فقال : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) رواه ابن ماجة .



وسلك النبي – صلى الله عليه وسلم – مع هؤلاء مسلك التعليم والإرشاد ، والابتعاد عن التوبيخ والتقريع تجاه ما يصدر منهم من هفوات بشريّة لا يسلم منها أحد ، يقول أنس رضي الله عنه : خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين ، والله ما سبني سبة قط ، ولا قال لي أفًّ قط ، ولا قال لي لشيء فعلته : (لم فعلته ) ، ولا لشيء لم أفعله : ( ألا فعلته ) ، رواه أحمد .



كما نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن تكليف الموالي بالأعمال فوق طاقتهم ، فقال : ( لا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) رواه البخاري .



وإبطالاً لما كان عليه أهل الجاهلية من ضرب الموالي وتعذيبهم ، نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك فقال : ( ولا تعذبوا خلق الله عز وجل ) رواه البخاري في الأدب المفرد ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تضربوا المسلمين ) رواه أحمد .



وكان عليه الصلاة والسلام يعظ أصحابه إذا رآهم يعتدون على مواليهم بالضرب ، كما حصل مع أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه حين ضرب غلاماً له ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( اعلم أبا مسعود ، لله أقدر عليك منك عليه ) ، فقال أبو مسعود رضي الله عنه : يا رسول الله ، هو حر لوجه الله ، فقال له : ( أما لو لم تفعل لمسّتك النار ) رواه مسلم .



وقد جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – ضرب الموالي بغير حقٍ ذنباً يستوجب الكفارة ، وجعل الكفارة هي العتق ، قال – صلى الله عليه وسلم - : ( من ضرب غلاما له حداً لم يأته – أي بغير حدٍ - أو لطمه ، فإن كفارته أن يعتقه ) رواه مسلم ، وأمر عليه الصلاة والسلام سويد بن مقرن بإعتاق خادمة له قام بضربها ، فقيل له : ليس له خادم غيرها ، فقال : ( فليستخدموها ، فإذا استغنوا خلوا سبيلها ) رواه البخاري في الأدب المفرد .



ومن الآداب اللفظية التي جاء التنبيه عنها ، النهي عن استخدام ألفاظٍ في حق الموالي والخدم لا تليق إلا بالله عزوجل ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( لا يقل أحدكم : أطعم ربك ، وضّئ ربك ، اسق ربك ، وليقل : سيدي ، مولاي ، ولا يقل أحدكم : عبدي ، أمتي ، وليقل : فتاي ، وفتاتي ، وغلامي ) متفق عليه ، والسبب في النهي أن حقيقة الربوبيّة لله تعالى ؛ فمنع المضاهاة في الاسم ، ومثلها العبوديّة ، فالمستحقّ لها حقيقةً هو الله جلّ وعلا ، فنُهي عن ذلك لما فيه من تعظيم لا يليق بالمخلوق .



وفي تزويج النبي – صلى الله عليه وسلم – لعددٍ من أصحابه الموالي رسالةٌ واضحةٌ في أن العبرة والمعوّل عليه إنما هو الدين والخلق والتقوى ، بغضّ النظر عن المكانة الاجتماعيّة ، فقد زوّج مولاه زيد بن حارثة بقريبته زينب بنت جحش الهاشمية رضي الله عنهما ، وزوّج أسامة بن زيد بفاطمة ينت قيس القرشية ، فكان هذا النموذجان أسوة للأمة من بعده.



وكما قرّر النبي – صلى الله عليه وسلم –الحقوق ، بيّن في المقابل الواجبات التي ينبغي على المملوك أو الخادم مراعاتها ، فقال عليه الصلاة والسلام مذكّراً وناصحاً : ( ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ) رواه البخاري .



وهكذا حيثما قلّبت النظر في سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – تجد الكمال في الأخلاق ، والعدل في الأحكام ، والحلم في التعامل ، فصلوات الله وسلامه عليه .

==============================

تابع موضوع

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Img101416g0y23iv5ls7um2
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: الهدي النبوي في المجالس   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 12:01 am


الهدي النبوي في المجالس


جرت عادة الناس على اللقاء في المجامع والمنتديات للنقاش حول شؤون الحياة ومجرياتها واستعراض ما يُثار من القضايا والأخبار ، ويحلو السمر ويطيب اللقاء بذكر القصص والطرائف والذكريات .



والإسلام يعلم حاجة الناس إلى مثل هذه اللقاءات ولا يمنع منها ، لكنّه يسعى من خلال تعاليمه ومبادئه إلى الرقيّ بها ، وتصحيح مسارها ، وتنظيم شؤونها ، وتخليصها من مساوئ الأخلاق ورذائل الأفعال ، حتى تكون أنموذجاً تسود فيه ألوان القيم والفضائل.



وإذا كان الناس يتفاوتون في طبائعهم وأخلاقهم وإيمانهم ضعفاً وقوّة ، فقد جاء التوجيه النبوي باختيار الأفاضل من الناس ، من العلماء والصالحين وذوي المروءة ، ففي مجالسة أمثال هؤلاء حياة للقلوب وتنوير للعقول وتهذيبٌ للأرواح ، ويضرب لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مثلاً للجليس الصالح وجليس السوء في قوله : ( مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثا ) متفق عليه .


وحرصاً على البعد عن معاني اللهو والغفلة جاءت النصوص الشرعيّة لتحذّر من المجالس التي تخلو من ذكر الله ، ونلمس هذا في قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه الا رأوه حسرة يوم القيامة ) رواه أحمد ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما اجتمع قوم فتفرقوا عن غير ذكر الله ، إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار ، وكان ذلك المجلس عليهم حسرة ) رواه أحمد .



وخير المجالس هي التي تكون قائمةً على ذكر الله وتلاوة القرآن ، وكفى بهذه المجالس فضلاً أن يُذكر أصحابها في الملأ الأعلى كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيّارة يتبعون مجالس الذكر ، فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر قعدوا معهم ، وحفّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم ، حتى يملؤا ما بينهم وبين السماء الدنيا ، فإذا تفرّقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء ، فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم : من أين جئتم ؟ ، فيقولون : جئنا من عند عباد لك في الأرض ، يسبّحونك ويكبّرونك ، ويهلّلونك ويحمدونك ويسألونك ، قال : وماذا يسألوني ؟ ، قالوا : يسألونك جنتك ، قال : وهل رأوا جنّتي ؟ ، قالوا : لا أي رب ، قال : فكيف لو رأوا جنّتي ؟ ، قالوا : ويستجيرونك ، قال : ومم يستجيرونني ؟ ، قالوا : من نارك يا رب ، قال : وهل رأوا ناري ؟ ، قالوا : لا ، قال : فكيف لو رأوا ناري ؟ ، قالوا : ويستغفرونك ، فيقول : قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا ، وأجرتهم مما استجاروا ، فيقولون : رب فيهم فلان ، عبد خطّاء ، إنما مرّ فجلس معهم ، فيقول : وله غفرت ؛ هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) رواه مسلم .



وليس معنى ذلك النهي عن مجالس الأنس المباح وأحاديث الدنيا على العموم ، فإن النفس لا غنى لها عما يسلّيها ويعيد لها نشاطها ، ومواعظ النبي – صلى الله عليه وسلم – لم تكن على الدوام بل كانت بين الحين والآخر خشية السآمة والملل ، ثم إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يمتنع عن مجالسة أصحابه حينما كانوا يتذاكرون أمور الجاهليّة ، ويمزحون في أوقات راحتهم ، فإذا كان وقت الجدّ رأيت الرجولة والهمّة والنشاط ، والعبادة والذكر والطاعة ، يقول بكر بن عبد الله رضي الله عنه : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ – أي يترامون به - ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال " رواه البخاري في الأدب المفرد .



والمقصود هو الابتعاد عن مقارفة الآثام والمعاصي كالاستماع إلى الغناء المحرّم ، أو النيل من أعراض الناس بالغيبة والنميمة ، والسخرية والاستهزاء ، وغيرها من الأخلاق الذميمة التي جاء الوعيد الشديد عليها ، فإذا طهّرت المجالس من تلك الآفات فقد تحقّق مراد الشارع .



ولأن مجالس الناس لا تخلو - عادة - من الغفلة أو وقوع الزلّة ، شرع النبي – صلى الله عليه وسلم – كفّارة المجلس حيث قال : ( من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك ) رواه الترمذي ولنا في نبيّنا عليه الصلاة والسلام أسوةٌ حسنة فقد كان يستغفر الله تعالى في المجلس الواحد أكثر من مائة مرّة .



ومن الأدعية المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله في ختام مجالسه : ( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ، ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ) رواه الترمذي .



وقد وضع النبي – صلى الله عليه وسلم – جملةً من الآداب التي ينبغي مراعاتها في المجالس ، منها الإفساح للقادمين وتوسيع المكان لهم ، وهو أدبٌ قرآني رفيع كما في قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا } ( المجادلة : 12) ، وخير المجالس أوسعها كما جاء في الحديث الصحيح .



ومن محاسن الآداب التي جاء الأمر بها : السلام عند القدوم وعند الذهاب ، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم ، فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، ثم إذا قام فليسلم ؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة ) رواه الترمذي ، وكذلك الجلوس حيث ينتهي المجلس ، وهكذا كان حال الصحابة في مجالس النبي – صلى الله عليه وسلم – كما روى ذلك أبو داود في سننه .



وقد أرشد الهدي النبوي بخصوص آداب المجلس إلى أن من قام من مجلسه فهو أحق بالعودة إليه ، وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم – : ( إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به ) رواه مسلم .



وليس في الجلوس على الطرقات مانعٌ إذا تمّت مراعاة حقوق الطريق ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إياكم والجلوس بالطرقات ) فقالوا : يا رسول الله ، ما لنا من مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها ، فقال : ( فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) ، قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ ، قال : ( غض البصر ، وكفّ الأذى ، وردّ السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ) متفق عليه .



وهناك عدد من الأمور التي جاء النهي عنها مما يكون في مجالس الناس ، كالنهي عن إقامة الرجل من مجلسه ليجلس فيه آخر ، وذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم – ( نهى أن ُيقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر ) متفق عليه ، كذلك النهي عن التفريق بين الجالِسيْن في قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما ) رواه الترمذي ، والنهي عن الجلوس بين الظل والشمس في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقعد بين الظل والشمس رواه الحاكم .



ومما جاء في آداب المجالس – علاوة على ما تقدّم – النهي عن تبادل الجالسين الحديث سرّاً دون أحدهم إلا بإذنه ، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما ؛ فإن ذلك يحزنه ) متفق عليه واللفظ لمسلم .



وحفاظاً على خصوصيّات الناس جاء النهي عن الاستماع إلى الآخرين من غير إذنهم ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرّون منه ، صُبّ في أذنه الآنك يوم القيامة ) رواه البخاري ، والآنك هو الرصاص المذاب ، وجاء من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا كان اثنان يتناجيان فلا تدخل بينهما ) رواه ابن عساكر .



وللمرء أن يجلس على الوضعية التي يرتاح لها ، فإن شاء جلس متربّعاً ، وإن شاء جلس متكئاً ، وكلّ ذلك ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم - ، إلا أنه قد جاء النهي عن جلساتٍ بعينها ، فجاء النهي عن الاعتماد على اليد اليمني وجعل اليُسرى خلف الظهر لأنها تشبه جلسة المغضوب عليهم ، فقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أحد الصحابة وقد وضع يده اليسرى خلف ظهره ، واتكأ على ألية يده اليُمنى فقال له : ( أتقعد قعدة المغضوب عليهم ؟ ) رواه أبو داود .



كما نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الاحتباء ، وهو أن يقعد الرجل على أليتيه وينصب ساقيه ويلفّ عليه ثوباً لا يكون ساتراً لعورته ، وجاء النهي عنه في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اشتمال الصمّاء ، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء ، متفق عليه.



وبمثل هذه الآداب قدّم النبي – صلى الله عليه وسلم - للناس صورة مثاليّةً في مضمونها وطبيعتها وما تحقّقه من التوازن بين متطلّبات الدنيا وأمور الآخرة

==============================

تابع موضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: مفاخر الكرم النبوي   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 12:27 am


مفاخر الكرم النبوي


" أجود الناس " هكذا عبّر ابن عبّاس رضي الله عنه عن شخصيّة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، لتكون كلماته تلك شاهدةً على مدى كرمه – عليه الصلاة والسلام - وجوده ، ولا عجب في ذلك ، فقد كانت تلك الخصلة خُلقاً أصيلاً جُبِل عليه ، ثم ازداد رسوخاً من خلال البيئة العربية التي نشأ فيها وتربّى في أحضانها ، والشهيرة بألوان الجود والعطاء .



وتبيّن لنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها تحلّيه –صلى الله عليه وسلم - بهذه الخصلة قبل بعثته بقولها الشهير : " إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف "، وكلها صفات تحمل في طيّاتها معاني الكرم والجود .



وعندما نستنطق ذاكرة الأيام ستحكي لنا عن جوانب العظمة في كرم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، يستوي في ذلك عنده حالة الفقر والغنى ، وهذا البذل والعطاء كان يتضاعف في مواسم الخير والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان ، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ... فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة " متفق عليه .



ولقد نال النبي – صلى الله عليه وسلم – أعظم المنازل وأشرفها في صفوف أهل الكرم والجود ؛ فلم يكن يردّ سائلاً أو محتاجاً ، وكان يُعطي بسخاءٍ قلّ أن يُوجد مثله ، وقد عبّر أحد الأعراب عن ذلك حينما ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فرأى قطيعاً من الأغنام ملأت وادياً بأكمله ، فطمع في كرم النبي – صلى الله عليه وسلم – فسأله أن يعطيه كلّ ما في الوادي ، فأعطاه إياه ، فعاد الرجل مستبشراً إلى قومه ، وقال : " يا قوم ! أسلموا ؛ فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر " رواه مسلم .



وكان لمثل هذه المواقف أثرٌ بالغٌ في نفوس الأعراب ، الذين كانوا يأتون إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – قاصدين بادئ الأمر العودة بالشاة والبعير ، والدينار والدرهم ، فسرعان ما تنشرح صدورهم لقبول الإسلام والتمسّك به ، ولذلك يقول أنس رضي الله عنه معلّقاً على الموقف السابق : " إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا ، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها " .



وكثيراً ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يمنح العطايا يتألّف بها قلوب المسلمين الجدد ، ففي غزوة حنين أعطى كلاًّ من عيينة بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس وأبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية رضي الله عنهم عدداً كبيراً من الإبل ، وعند عودته – عليه الصلاة والسلام – من تلك الغزوة تبعه بعض الأعراب يسألونه ، فقال لهم : ( أتخشون عليّ البخل ؟ فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نَعَماً – أي : أنعام - لقسمته بينكم ، ثم لا لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً ) رواه أحمد .



ومن المواقف الدالة على كرمه – صلى الله عليه وسلم – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : " أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال من البحرين ، فقال : ( انثروه في المسجد ) ، وكان أكثر مال أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ولم يلتفت إليه ، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه ، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه ، وما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثمّ منها درهم " رواه البخاري .



وعنه رضي الله عنه قال : " كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه بُرد –أي: رداء - نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبه شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال له : مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء " متفق عليه .



وربما أحسّ النبي – صلى الله عليه وسلم – بحاجة أحدٍ من أصحابه وعرف ذلك في وجهه ، فيوصل إليه العطاء بطريقة لا تجرح مشاعره ، ولا تُوقعه في الإحراج ، كما فعل مع جابر بن عبدالله رضي الله عنه حينما كانا عائدين من أحد الأسفار ، وقد علم النبي – صلى الله عليه وسلم – بزواج جابر رضي الله عنه ، فعرض عليه أن يشتري منه بعيره بأربعة دنانير ، ولما قدم المدينة أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بلالا أن يعيد الدنانير إلى جابر ويزيده ، وأن يردّ عليه بعيره ، متفق عليه .



ومرةً رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في وجه أبي هريرة رضي الله عنه الجوع ، فتبسّم ودعاه إلى إناء فيه لبن ، ثم أمره أن يشرب منه ، فشرب حتى ارتوى ، وظلّ النبي – صلى الله عليه وسلم – يعيد له الإناء حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه : " والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا " رواه البخاري .



وقد ألقت سحائب جود النبي – صلى الله عليه وسلم – بظلالها على كلّ من حوله ، حتى شملت أعداءه ، فحينما مات رأس المنافقين عبدالله بن أبيّ بن سلول ، جاء ولده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا رسول الله أعطني قميصك أكفّنه فيه ، وصلّ عليه واستغفر له " ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، رواه البخاري .



وعلى مثل هذا الخلق النبيل كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يربّي أصحابه ، فقد قال لأحد أصحابه يوما : ( أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا ) رواه أبو يعلى في مسنده .



وهكذا كان سخاؤه – صلى الله عليه وسلم – برهانا على شرفه ، وعلو مكانته ، وأصالة معدنه ، وطهارة نفسه ، وصدق الشاعر إذ يقول :

هو البحر من أي النواحي أتيته .... فلجته المعروف والجود ساحله

تـراه إذا ما جئتـه متهـللاً ..... كأنك تعطيه الذي أنت سائله



==============================

تابع موضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 12:34 am


هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض


إذا كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها ، فإنّ هذه المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري ، حين يلزم المرء الفراش ، وتصيبه العلل ، وتنهكه الأدواء ، عندها يكون للزيارة أثرٌ بالغٌ ومدلولٌ عميقٌ على مدى التعاطف والمواساة التي يقدّمها الزائر لمريضه ، مما يسهم في تقوية الروابط بينهما .



لهذا السبب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على زيارة المرضى وتفقّد أحوالهم ، بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( حق المسلم على المسلم خمس - وذكر منها - عيادة المريض ) رواه البخاري .



وقد عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – على ترسيخ هذا المبدأ في نفوس أصحابه من خلال ذكر الفضائل العظيمة التي يجنيها المسلم إذا زار أخاه ، فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من أتى أخاه المسلم عائدا ، مشى في خرافة الجنة – أي طرق الجنة - حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوةً صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) رواه ابن ماجة ، وقوله : ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ، ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلاً ) رواه الترمذي ، وقوله: ( ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله ، فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي ) رواه الترمذي .



والأخبار في زيارة النبي – صلى الله عليه وسلم - للمرضى كثيرة ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتفقّد أحوال أصحابه ويسأل عنهم ، ويطمئن على صحّتهم ، ويشملهم بالرعاية ، ومن أولئك سعد بن أبي وقاص ، و زيد بن الأرقم ، و جابر بن عبد الله ، رضي الله عنهم أجمعين .



ولم تكن زياراته - صلى الله عليه وسلم - مقتصرة على أصحابه الذين آمنوا به ، بل امتدت لتشمل غير المؤمنين طمعاً في هدايتهم ، كما فعل مع الغلام اليهودي الذي كان يعمل عنده خادماً ، فقد مرض الغلام مرضاً شديداً ، فظلّ النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره ويتعاهده ، حتى إذا شارف على الموت عاده وجلس عند رأسه ، ثم دعاه إلى الإسلام ، فنظر الغلام إلى أبيه متسائلاً ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فأسلم ثم فاضت روحه ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : ( الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .



وتطلعنا سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – على هديه النبوي في زيارة المرضى ، فكان إذا سمع بمرض أحد بادر إلى زيارته والوقوف بجانبه ، وتلبية رغباته واحتياجاته ، ثم الدعاء له بالشفاء وتكفير الذنوب إن كان مسلما ، ودعوته للإسلام إن كان غير ذلك ، ومن دعائه ما ذكرته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا أتى مريضا : ( أذهبِ البأس ، رب الناس ، اشفِ وأنت الشافي ، لا شفاء الا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ) متفق عليه .



وإذا احتاج المريض إلى رقية بادر عليه الصلاة والسلام إليها ، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض : ( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) متفق عليه ، وربما صبّ على بعضهم من ماء وضوئه المبارك فيشفى بإذن الله ، كما فعل مع جابر بن عبد الله رضي الله عنه .



ومن السنن القولية التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخفّف بها عن المرضى ، تذكيرهم بالأجر الذي يلقاه العبد المبتلى ، للتخفيف من معاناتهم ، وتربّيتهم على الصبر واحتساب الأجر ، ومن جملة هذه السنن قوله – صلى الله عليه وسلم – : ( ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة ) رواه ابن ماجة ، وقوله : ( ما من عبد يبتليه الله عز وجل ببلاء في جسده ، إلا قال الله عز وجل للملك : " اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله " ، فإن شفاه الله غسله وطهّره ، وإن قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد ، وعندما قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بزيارة أم السائب رضي الله عنها فسمعها تسبّ الحمى التي أصابتها ، فقال لها : ( لا تسّبي الحمى ؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ) رواه مسلم .



ومن ذلك أيضاً إرشاده عليه الصلاة والسلام إلى التداوي بأنواع العلاجات المختلفة التي يعرفها ، كالحثّ على الحجامة ، ووضع الماء البارد على المحموم ، والإرشاد إلى العلاج بالعسل والحبة السوداء ، وغير ذلك من العلاجات المباحة غير المحرّمة التي يشملها قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً ) رواه الترمذي .



ولم يكن عليه الصلاة والسلام يغفل جانب التذكير والنصح بما يناسب المقام ، فمرّةً يذكّر بحق الأقرباء في الإرث وينهى عن الوصية بما يزيد عن الثلث – كما فعل مع سعد بن أبي وقاص - ، ومرة يشير إلى أهمية اجتماع الخوف والرجاء في مرض الموت كما حصل عند احتضار أحد الصحابة ، وثالثة ينهى عن تمنّي الموت وضرورة الاستعداد للقاء الله كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه .



وهكذا ضرب لنا عليه الصلاة والسلام أعظم الأسوة في أهمية كسب القلوب واستغلال الأحوال المختلفة في دعوة الناس وهدايتهم ، لعل مغاليق القلوب تفتح أبوابها للهدى والحق .

==============================
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a
تابع موضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: دموع في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 12:39 am


دموع في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم

البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده ، قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى } ( النجم : 43 ) ،

فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ، والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .



ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ،

حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ،
فتهتزّ لأجلها مشاعره ، وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر .



ودموع النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ،

ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين ،
والشوق والمحبّة ، وفوق ذلك كلّه : الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .



فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي – صلى الله عليه وسلم -

شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ، وهيبته من جلاله ،
عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ، ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء –
وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه - " رواه النسائي .



وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفاً آخر فتقول :

" قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ليلةً من الليالي فقال : ( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ،
فتطهّر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ،
ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ،
وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال :
يا رسول الله ، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال له :
( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) " رواه ابن حبّان .



وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن ،

روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال :
" قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اقرأ عليّ ) ،
قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ، فقال : ( نعم
فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآيه ..
{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ( النساء : 41 )
فقال : ( حسبك الآن ) ، فالتفتّ إليه ، فإذا عيناه تذرفان " ، رواه البخاري .



كما بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ،

فعن البراء بن عازب ضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في جنازة ، فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ، فبكى حتى بلّ الثرى ،
ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا ) رواه ابن ماجة ،
وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ،
ولذلك قال في موضعٍ آخر : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ) متفق عليه.



وبكى النبي – صلى الله عليه وسلم – رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه

، يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ( المائدة : 118 ) ،
.. ثم رفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى .



وفي غزوة بدر دمعت عينه - صلى الله عليه وسلم –

خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم ،
كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : "
ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) رواه أحمد .



وفي ذات المعركة بكى النبي – صلى الله عليه وسلم - يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء من الأسرى ،

قال تعالى : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ( الأنفال : 67 )
حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة بكائه.



ولم تخلُ حياته – صلى الله عليه وسلم – من فراق قريبٍ أو حبيب ،

كمثل أمه آمنة بنت وهب ، وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ،
وولده إبراهيم عليه السلام ، أوفراق غيرهم من أصحابه ، فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه .



فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم – بكى وقال :

( إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) متفق عليه.


ولما أراد النبي – صلى الله عليه وسلم - زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً حتى أبكى من حوله ،

ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم .



ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبياً لها يوشك أن يموت ، لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ،

ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ، خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي – صلى الله عليه وسلم -
الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان جوابه عن سرّ بكائه : ( هذه رحمة جعلها الله ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه مسلم .



ويذكر أنس رضي الله عنه نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد وجعفر وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة ،

حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب -
وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ) رواه البخاري .



ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهراً من مظاهر النقص ،

ولا دليلاً على الضعف ، بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس ويقظة القلب وقوّة العاطفة ،
بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطاً بالصبر ، وغير مصحوبٍ بالنياحة ، أو قول ما لا يرضاه الله تعالى .

==============================

تابع موضوع
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: ابتسامات في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 12:56 am

ابتسامات في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم

لا يخفى على أحدٍ ما للابتسامة من تأثير بالغ ومفعول ساحرٍ على الآخرين ، فقد فطر الله الخلق على محبة صاحب الوجه المشرق ، الذي يلقى من حوله بابتسامة تذهب عن النفوس هموم الحياة ومتاعبها ، وتشيع أجواء من الطمأنينة ، وتلك من الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها .



وقد كانت البسمة إحدى صفات نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – التي تحلّى بها ، حتى لم تعد الابتسامة تفارق محيّاه ، حتى صارت عنواناً له وعلامةً عليه ، يُدرك ذلك كل من صاحبه وخالطه ، كما قال عبد الله بن الحارث بن حزم رضي الله عنه : " ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه الترمذي ، وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : " ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك " متفق عليه ، وبذلك استطاع كسب مودّة من حوله ليتقبّلوا الحق الذي جاء به .



وباستقراء كتب السنة نجد أن أكثر أحوال النبي – صلى الله عليه وسلم – هي الابتسامة ، وفي بعض الأحيان كان يزيد على ذلك فيضحك باعتدال دون إكثارٍ منه أو علوّ في الصوت ، وهذه هي سنة الأنبياء كما قال الإمام الزجّاج : " التبسّم أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام " .



ومما يؤكد ما سبق قول عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا حتى أرى منه لهواته - وهي اللحمة الموجودة في أعلى الحنجرة - إنما كان يتبسم " متفق عليه ، وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصفه: " وكان جُلّ – أي معظم - ضحكه التبسّم ، يفترّ عن مِثل حبّ الغمام – يعني بذلك بياض أسنانه - " ، وعلى ضوئه يمكن فهم قول جابر بن سمرة رضي الله عنه : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويل الصمت قليل الضحك " .



يقول الإمام ابن حجر تعليقاً على ذلك : " والذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزيد في معظم أحواله عن التبسّم ، وربما زاد على ذلك فضحك ؛ والمكروه في ذلك إنما هو الإكثار من الضحك أو الإفراط ؛ لأنه يُذهب الوقار " .



وكتب السير مليئة بالمواقف التي ذُكرت فيها طلاقة وجه النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فتراه يخاطب من حوله فيبتسم ، أو يُفتي الناس فيضحك ، أو تمرّ به الأحداث المختلفة فيُقابلها بإشراقة نفسٍ وبشاشة روح .



فمن ذلك ما رواه الإمام البخاري و مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة ، فقام الناس فصاحوا وقالوا : يا رسول الله قحط المطر ، واحمرّت الشجر ، وهلكت البهائم ، فادع الله أن يسقينا ، فقال : ( اللهم اسقنا ) مرتين ، فنشأت سحابة وأمطرت ، ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر فصلى ، فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها ، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب صاحوا إليه : تهدمت البيوت ، وانقطعت السبل ، فادع الله يحبسها عنا ، فتبسّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : ( اللهم حوالينا ولا علينا ) ، فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت ، فجعلت تمطر حول المدينة ولا تمطر بالمدينة معجزةً لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإجابةً لدعوته .



وكذلك ما رواه الإمام أحمد أن صهيب بن سنان رضي الله عنه قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه تمر وخبز ، فقال له : ( ادن فكل ) ، فأخذ يأكل من التمر ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن بعينك رمدا ) ، فقال : يا رسول الله ، إنما آكل من الناحية الأخرى ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم .



وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : " وقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحد ، فبينما أنا أسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ قد خفقت برأسي من الهمّ ، إذ أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرك أذني وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا " رواه الترمذي .



وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدُن ، فقال للناس : ( تقدموا ) ، فتقدموا ، ثم قال لي : ( تعالي حتى أسابقك ) ، فسابقته فسبقته ، فسكت عني ، حتى إذا حملت اللحم وبدنتُ ونسيتُ خرجت معه في بعض أسفاره ، فقال للناس : ( تقدموا ) ، فتقدموا ، ثم قال : ( تعالي حتى أسابقك) ، فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك وهو يقول : ( هذه بتلك ) رواه أحمد .



وعن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، رأيت في المنام كأن رأسي قُطع ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم – وقال : ( إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس ) " ، رواه مسلم .



وتُشير بعض الأحاديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – تبسّم عندما جاءت إليه امرأة رفاعة القرظي وقالت : " إني كنت عند رفاعة فطلّقني فبتّ طلاقي ، فتزوجتُ عبد الرحمن بن الزبير " ، فقال لها : ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ ، لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) متفق عليه .



وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أصبحت أنا وحفصة صائمتين ، فأهدي لنا طعام فأكلنا منه ، ودخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فابتدرتني حفصة فقالت : " يا رسول الله ، أصبحنا صائمتين ، فأهدي لنا طعام فأكلنا منه " ، فتبسّم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( صوما يوما مكانه ) رواه البيهقي .



ومن هذا الباب أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكتُ ، فقال له : ( ما لك ؟) ، قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل تجد رقبة تعتقها ؟) ، قال : لا ، قال : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟) ، قال : لا ، فقال : ( فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟) ، قال : لا ، فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أُتي بتمر فقال : ( أين السائل ؟) ، فقال : أنا ، قال : ( خذ هذا فتصدق به ) ، فقال الرجل : أعلى أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها – أي المدينة - أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ، ثم قال : ( أطعمه أهلك ) متفق عليه .



وأحيانا كان النبي – صلى الله عليه وسلم يروي أخبارا فيبتسم عند ذكرها أو يضحك عند روايتها ، كضحكه – صلى الله عليه وسلم – عند ذكره بشارة الله عزوجل له بركوب أناس من أمته للبحر غازين في سبيل الله ، وعند ذكر حال آخِر من يدخل الجنة من أهل الدنيا ، و عند سماعه لقول أحد الأحبار في وصف عظمة الله عزوجل ، وفي قصّة الرجل الذي استأذن ربّه أن يزرع في الجنّة ، إلى غير تلك الروايات .



وأخيرا : فالابتسامة هي أسرع وسيلة للوصول إلى قلوب الخلق وتوصيل الحق ، وحسبنا وصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأمته : ( تبسّمك في وجه أخيك صدقة ) رواه ابن حبّان .


==============================

تابع موضوع

?? شمائل وصفات النبى صلى الله عليه وسلم ?? متجدد ان شاء الله

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد عباد الجبري
مشرف واحة ملتقى الأعضــــــــــــــــاء
مشرف واحة ملتقى الأعضــــــــــــــــاء
محمد عباد الجبري


تاريخ التسجيل : 06/07/2009
العمر : 60

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 1:59 am

بسم الله الرحمن الرحيم ...... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( تبسّمك في وجه أخيك صدقة )

اخي الهاشمي
موضوعك مميز ورائع
وينشر بالنفس الفرح والسرور
بارك الله فيك ولا عدمناك يالطيب[/size]
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الديم

يجزاك الله خير اخي الهاشمي على نقلك المبارك .....الله يوفقك لما يحبه ويرضاه



فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Mathel22
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 2:14 am

بارك الله فيك اخي العزيز محمد عباد الجبري

على هذه الاطلاله المنيرة الرائعة

تشرفت بمرورك الرائع

دمت فى حفظ الرحمن



فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 139928_1202087463
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - في الزينة   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة نوفمبر 06, 2009 10:14 pm

من محاسن
الإسلام وكمال الشريعة إيمانها بقيمة الجمال والاهتمام به ، من خلال عددٍ
من الأوامر الشرعية والأحكام التعبدية ، التي تدعو إلى التزيّن وحسن
المظهر واعتبار ذلك من الأمور الممدوحة شرعاً ، كقوله – صلى الله عليه
وسلم - قال : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم ، وقوله أيضاً : ( إن
الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) رواه الترمذي .




من هذا المنطلق كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خير أسوةٍ وأفضل
قدوة ، بما اشتُهر به من جمال الهيئة ، وحسن السمت ، والاعتناء بالزينة ،
ليجمع بين جمال الروح وأناقة المظهر ، وطيب الرائحة .



فكان – صلى الله عليه وسلم – يعتني بترجيل شعره ،
وتسريح لحيته ، وكان لديه شعرٌ طويل يصل إلى أذنيه ، كما قال البراء بن
عازب رضي الله عنه : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - له شعر يبلغ شحمة
أذنيه " متفق عليه .




وعندما يطول شعر – صلى الله عليه وسلم – كان يربطه على شكل ضفائر ، ويدلّ
عليه قول أم هانئ رضي الله عنها : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مكة وله أربع غدائر ) رواه أبو داود .



وفي أوّل أمره كان – صلى الله عليه وسلم - يسدل
شعره مخالفةً لمشركي مكّة ، وموافقةً لأهل الكتاب ، والمقصود بإسدال الشعر
إرساله دون تفريق ، وبعد ذلك صار يفرق رأسه فرقتين ، مبتدئاً بالجهة
اليُمنى كعادته في التيامن ، ودليل ما سبق قول ابن عباس رضي الله عنه : "
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسدل شعره ، وكان المشركون
يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم فرق
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه " رواه البخاري .




وكان - صلى الله عليه وسلم – يحبّ التيمّن في شأنه كلّه ، تقول عائشة رضي
الله عنها : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحب التيمن في
طهّوره إذا تطهّر ، وفي ترجّله إذا ترجّل ، وفي انتعاله إذا انتعل " رواه
مسلم ، والترجّل هو تسريح الشعر .



وفي كلّ الأحوال ، لم يكن اهتمام النبي – صلى الله
عليه وسلم – بشعره مبالغاً فيه ، بل كان يحذّر من الإفراط في ذلك ، كما
روى عبدالله بن مغفل أن النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن الترجّل إلا
غبّا – أي بين الحين والآخر - ، رواه الترمذي .




واختلف أصحابه رضي الله عنهم في استعمال النبي –
صلى الله عليه وسلم – للخضاب ، فقال بعضهم : خضب ، وقال آخرون : لم يخضب ،
والجمع بينها كما قال الإمام النووي : " والمختار أنه - صلى الله عليه
وسلم - صبغ في وقتٍ وتركه في معظم الأوقات ، فأخبر كلٌّ بما رأى وهو صادق
، وهذا التأويل كالمتعيّن " .




وعندما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحلق رأسه لا يترك من شعره شيئاً
، يقول الإمام ابن القيم : " وكان هديه – صلى الله عليه وسلم – في حلق
الرأس تركه كله ، أو أخذه كله ، ولم يكن يحلق بعضه ، ويدع بعضه ، ولم يحفظ
عنه حلقه إلا في نسك " .



ومن هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الزينة
، استعماله للكحل ،وكانت لديه مكحلة يكتحل منها كل ليلة ، ويفضّل استخدام
(الإثمد) وهو أجود أنواع الكحل ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (
اكتحلوا بالإثمد ؛ فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر ) رواه الترمذي .




كذلك كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم – عنايةٌ
خاصة بسنن الفطرة ، كتوفير لحيته وإعفائها ، وكان الصحابة رضوان الله
عليهم يرون لحيته من وراء ظهره ، يشير إليه قول خباب بن الأرت رضي الله
عنه عندما سأله أبو معمر عن كيفيّة معرفتهم بقراءة النبي - صلى الله عليه
وسلم - في الظهر والعصر ، فقال له : باضطراب لحيته – أي تحرّكها - ، رواه
البخاري .




ومن سنن الفطرة التي عمل بها النبي - صلى الله عليه
وسلم - قص الشارب ، وكان يأمر بذلك أصحابه ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( قصوا الشوارب ،
وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ) بل صحّ عنه عليه الصلاة والسلام قوله : (
من لم يأخذ شاربه فليس منا ) رواه أحمد .




وكذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعتني
بنظافة فمه ، ويُكثر من استخدام السواك ، حال إفطاره وصومه ، وعند وضوئه
أو صلاته ، وعند استيقاظه من نومه ، وحين دخوله لمنزله ، حتى في لحظاته
الأخيرة أمر عائشة أن تأتيه بالسواك ، ليلقى ربّه بأطيب رائحة.




وأما عن ملابسه فقد كان – صلى الله عليه وسلم – يلبس من الثياب أحلاها ،
سواءٌ في ذلك عمامته وإزاره وكساؤه ، وبردته وعمامته ، وخفّه ونعله .



كما اتخذ النبي – صلى الله عليه وسلم – خاتماً
من فضّة ، وكان فصّه من الحبشة يجعله مما يلي كفّه ، ويلبس الخاتم في
خنصره ، وقد اتخذه ليختم به الرسائل التي كان يُرسلها إلى الملوك والأمراء
.




وللطيب في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – شأنٌ آخر ، فقد أحبّه حبّاً
شديداً لا يكاد يوازيه شيء من أمور الدنيا ، وقال في ذلك : ( حُبّب إليّ
من الدنيا النساء والطيب ) رواه النسائي ، ولذلك كان لا يردّ الطيب من
أحدٍ أبداً .



وكان له – صلى الله عليه وسلم – سُكّة يتطيّب منها –
وهي نوعٌ من الطيب أو وعاء فيه طيب مجتمع - ، وكان أحبّ الطيب إليه المسك
ـ ، وتذكر عائشة رضي الله عنها عن تطيّبه حال إحرامه فتقول : ( كأني انظر
إلى وبيص المسك – أي بريقه - في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو محرم ) رواه مسلم .




وهكذا يعلّمنا النبي – صلى الله عليه وسلم – بسنّته
العملية كيف يكون المؤمن معتنياً بمظهره كاعتنائه بمخبره ، ليتحقّق
التوازن المنشود في الشخصيّة المسلمة ، والذي تفتقده المناهج الأرضيّة
والديانات المحرّفة .


==============================

۞۞ شمائل وصفات النبى صلى الله عليه وسلم ۞۞ متجدد ان شاء الله

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a


عدل سابقا من قبل الهاشمي في الجمعة نوفمبر 06, 2009 10:48 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة نوفمبر 06, 2009 10:18 pm



الطعام والشراب حاجتان أساسيّتان لا يمكن
الاستغناء عنها مهما كانت الأحوال والأوضاع ، فهما سرّ الحياة ، ومن أعظم
النعم التي امتنّ الله بها على عباده ، ووجّه الأنظار إليها في كثير من
الآيات القرآنية ، للعظة والعبرة ، والشكر والامتنان ، قال تعالى: {
فلينظر الإِنسان إلى طعامه * أنَّا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا
* فأنبتنا فِيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا *
وفاكهة وَأبا * متاعا لكم ولأنعامكم } (عبس:24-23) .



وقد جاء الهدي النبوي فوضع لهذا المظهر الإنساني جملةً من الآداب التي
ترفع من قيمة المسلم ، وتحقّق له التميّز على بقيّة الشعوب والأمم.



وأول من يُذكر في هذا الباب ، القاعدة النبويّة
العظيمة التي قرّرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بقوله: ( ما ملأ
ابن آدم وعاءً شرا من بطن ، بحسب ابن آدم لقيماتٍ يقمن صلبه ، فإن كان لا
بد فاعلا ، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) أخرجه أحمد و الترمذي ،
فالمهم إذاً أن يجد الإنسان ما يحفظ له حياته ، لا أن يكون تناول الطعام
وتنويعه هدفاً بحدّ ذاته .




وقد حرص النبي – صلى الله عليه وسلم على تطبيق ذلك ، فلم يكن يكثر من
تناول الطعام ويتتبّع أنواعه ، بل كانت تمرّ عليه الأيام الطويلة دون أن
يُطبخ في بيوت نسائه شيء ، ويكتفي بالخبز الذي كان أكثر أكله .



وكان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - غسل
اليدين قبل الطعام وبعده، فقد قال: – صلى الله عليه وسلم- ( من نام وفي
يده ريح غمر وأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه ) رواه أبو داود ، ومعنى(
الغمر ) : دسم ووسخ ، وغيرهما من الشحوم .



أما عن صفة جلوسه – صلى الله عليه وسلم – على مائدة الطعام فقدكان يجثو
على ركبتيه عند الأكل ، أو يَنصِبُ رجله اليمنى ويجلس على اليسرى، فعن أنس
رضي الله عنه قال: " رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – جالساً مقعياً
يأكل تمراً " رواه مسلم .



وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأكل على
الأرض ولا يتّخذ مائدة ، فقد روى ابن عباس رضي الله عنه فقال : كان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس على الأرض ويأكل على الأرض ، رواه
الطبراني .




وكان عليه الصلاة والسلام لا يأكل متكئاً ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم
- : ( لا آكل متكئاً ) رواه البخاري ومعنى ( المتكئ ): هو المعتمد على
الوِسادة تحته .



وكان لا يأكل – صلى الله عليه وسلم – منبطحاً،
ومعنى ( منبطحاً ): أي مستلقياً على بطنه ووجهه ، فقد جاء النهي عن ذلك
،كما روى ذلك ابن ماجة .




وكان من هديه – صلى الله عليه وسلم – في هذا
الشأن أنه يسمي الله تعالى في أول طعامه ويحمده في آخره ، فعن عائشة رضي
الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا أكل أحدكم
فليذكر اسم الله ، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله أوله
وآخره ) رواه أبو داود ، وعند الفراغ من الطعام يقول : : ( الحمد لله
كثيراً طيباً مباركاً فيه ، غير مَكْفِي – أي لا يستغني عنه الخلق - ، ولا
مودّع ولا مستغنى عنه ربنا ) رواه البخاري ، ويقول : ( الحمد لله الذي
كفانا وأروانا ، غير مكفيّ ولا مكفور ) رواه البخاري ، ويقول : ( الحمد
لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ) رواه ابن ماجة ، ويقول : ( اللهم
أطعمت وأسقيت ، وأغنيت وأقنيت ، وهديت وأحييت ، فلك الحمد على ما أعطيت )
رواه النسائي ، ويقول : ( الحمد لله الذي أطعم وسقى ، وسَوّغه وجعل له
مخرجاً ) رواه أبو داود ، ويقول : ( الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من
غير حول مني ولا قوة ) رواه الترمذي ، وأحيانا يقول : ( الحمد لله الذي
يطعم ولا يطعم ، منّ علينا فهدانا ، وأطعمنا وسقانا ، وكل بلاء حسن أبلانا
، الحمد لله الذي أطعم من الطعام ، وسقى من الشراب ، وكسا من العري ، وهدى
من الضلالة ، وبصر من العمى ، وفضل على كثير ممن خلق تفضيلا ، الحمد لله
رب العالمين ) رواه ابن حبان في صحيحه .




ثم إن من هديه – صلى الله عليه وسلم – الأكل باليمين ومما يليه، فقد
جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إذا أكل أحدكم فليأكل
بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله )
رواه مسلم ، وثبت عن عمر بن أبي سلمة قال : أكلت مع النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: ( سَمََّ الله وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك ) متفق عليه.



وكان من هديه – صلى الله عليه وسلم – في تناوله
طعامه ، أنه يأكل بأصابعه الثلاثة، وكان يلعقها إذا فرغ من طعامه ، فعن
كعب بن مالك رضي الله عنه قال: ( رأيت رسول الله – صلى الله عليه
وسلم-يأكل بثلاث أصابع ، فإن فرغ لعقها ) رواه مسلم ، يقول الإمام ابن
القيم في زاد المعاد: " وهو أشرف ما يكون من الأكلة ، فإن المتكبر يأكل
بأصبع واحدة ، والجشع الحريص يأكل بالخمس ، ويدفع بالراحة " .




وإذا تتبّعنا ما كان يأكله النبي – صلى الله عليه وسلم – لمسنا عدم تكلّفه
، فقد ورد عنه أكل الحلوى والعسل ، وأكل الرطب والتمر ، وشرب اللبن خالصا
ومشوباً –أي مخلوطاً بغيره - ، والسويق – وهو طعام يُصنع من الحنطة
والشعير - ، وأكل الأقط – اللبن المجفف - ، وأكل التمر بالخبز ، وأكل
الخبز بالخل أو الزيت ، وأكل الثريد - وهو الخبز باللحم - ، وأكل الخبز
بالشحم المذاب ، وغير ذلك مما ورد في السنّة .



لكنه عليه الصلاة والسلام كان يفضّل أنواعاً من
الأطعمة ، فقد كان يحب البقل والقثّاء – وهو الخيار - ، والدّباء (وهو
القرع) ، وروى عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يتتبّع الدباء
من حوالي القصعة ، متفق عليه .




وكان عليه الصلاة والسلام يحبّ الثريد بشكلٍ خاص
، حتى جعل فضل عائشة رضي الله عنها على سائر نسائه كفضل الثريد على سائر
الطعام ، متفق عليه ، وكان – صلى الله عليه وسلم يحبّ من اللحم الظهر
والكتف ، وكان يقول : (أطيب اللحم لحم الظهر ) صححه الحاكم ووافقه الذهبي
، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في
دعوة ، فرُفع إليه الذراع وكانت تعجبه ، متفق عليه .




وكثيراً ما كان الصحابة يدعون النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فيقبل
دعوتهم ، ويأكل من ولائمهم ، كما حصل في غزوة الخندق وغيرها ، وكان عليه
الصلاة والسلام يدعو لصاحب الطعام فيقول: ( أفطر عندك الصائمون ، وأكل
طعامكم الأبرار ، وصلّت عليكم الملائكة ) رواه أبو داود .



لكنّه عليه الصلاة والسلام لم يكن يقبل الطعام
الذي جاء على سبيل الصدقة بخلاف ماجاء عن طريق الهديّة ، فإنّ الصدقة تحمل
في معانيها الرحمة والمسكنة ، فلذلك كانت الصدقة محرّمة عليه وعلى ذرّيته
صيانةً لهم وإعلاءً لشأنهم كما صحّ بذلك الحديث ، والحال أن النبي – صلى
الله عليه وسلم – كان يسأل عن الطعام الذي يأتيه ، فإن كان هدية قبله ،
وإن كان صدقة قال لأصاحبه : (كلوا) رواه البخاري .




ومن كمال هديه – صلى الله عليه وسلم – في الطعام
أنه كان لايرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً ، فما قُرَّب إليه شيء من
الطيبات إلا أكله ، إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم ، فعن أبي
هريرة رضي الله عنه أنه قال: " ما عاب النبي- صلى الله عليه وسلم - طعاماً
قط ، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه " رواه البخاري و مسلم .




ومن الأطعمة التي ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يكرهها ويعافها
، لحم الضبّ ، ويبيّن سبب ذلك بقوله : ( ...ولكنه لا يكون بأرض قومي
فأجدني أعافه ) متفق عليه .



وصحّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – كراهيّته
لأكل الثوم ، وذلك لأجل ريحه ، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل طعاماً بعث بفضله إلى أبي
أيوب ، فأتى يوماً بقصعة فيها ثوم فبعث بها ، فقال أبو أيوب : يا رسول
الله ، أحرام هو ؟ ، فقال له : ( لا ، ولكني أكره ريحه ) رواه أحمد .




ويظهر من سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه لم يكن يأنف من تناول
الطعام مع أيّ شخص ، مهما كان عمره أو وضعه الاجتماعي ، تواضعاً منه عليه
الصلاة والسلام .



أما عن هديه – صلى الله عليه وسلم – في شرابه
فقد كان يشرب باليمين ،كما ورد ذلك في الأكل ، وكان يشرب الماء على ثلاث
دفعات ، كما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله
عليه وسلم- كان يتنفس إذا شرب ثلاثاً رواه البخاري و مسلم ، وفي رواية
أخرى: كان رسول الله يتنفس في الشراب ثلاثاً ويقول : ( إنه أروى وأبرأ
وأمرأ ) ، فهديه – صلى الله عليه وسلم - في شرب الماء أنه يقسم شرابه إلى
ثلاثة أجزاء يتنفس بينها، مبعداً الإناء عن فيه وعن نفسه وقاية له من
التلوث ، وكان ينهى عن التنفس في الإناء ، كما ثبت ذلك عنه بقوله – صلى
الله عليه وسلم - : ( إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ) رواه البخاري .




ومن هديه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، أنه كان قليلاً ما يشرب قائماً
، حتى قال - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يشربن أحدكم قائماً ) رواه مسلم ،
وورد عنه أنه شرب قائماً ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "
سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فشرب وهو قائم" رواه البخاري و مسلم
، وذكر العلماء في الجمع بين أحاديث النهي والإباحه أن النهي محمول على
كراهة التنزيه ، وشربه – صلى الله عليه وسلم - قائماً بيان للجواز.



ومن الآداب التي سنّها رسول الله – صلى الله عليه
وسلم - والمتعلّقة بالشرب عند اجتماع الناس - أن يكون ساقي القوم هو آخر
من يشرب ، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم –
قال : ( إن ساقي القوم آخرهم شربا ) رواه مسلم ، وأن يكون تقديم الشراب
باعتبار الجهة لا السنّ والمكانة ، يوضّح ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله
عنه أن شاةً حُلبت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم – ، وكان على يساره
عليه الصلاة والسلام أبو بكر ، وعن يمينه أعرابي ، فأمر أنس أن يعطي
الأعرابي ، وقال له : ( الأيمن فالأيمن ) متفق عليه .




وأكثر ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحبّ
شربه : اللبن ، حتى كان يقول في حقّه : ( ليس شيء يجزئ مكان الطعام
والشراب غير اللبن ) رواه الترمذي ، وكان يخصّص له من الشكر ما ليس لغيره
من الأطعمة ، وقد روى ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم – قال : ( من أطعمه الله الطعام فليقل : اللهم بارك لنا فيه ،
وأطعمنا خيراً منه ، ومن سقاه الله لبناً فليقل : اللهم بارك لنا فيه
وزدنا منه ) رواه الترمذي .




وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يعجبه شرب الماء العذب البارد ، ويطلب أن يُحضر له من الآبار ، كما ثبت في السنن .



وهكذا تبقى السنة النبوية هي الأكمل أدباً ، والأعظم
أجراً ، والأحفظ لمكارم الأخلاق ، إضافةً إلى ما يترتّب عليها من المحافظة
على صحّة البدن ونضارته ، فصلوات الله وسلامه على معلّم البشريّة .


==============================

تابع موضوع

?? شمائل وصفات النبى صلى الله عليه وسلم ?? متجدد ان شاء الله

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: النبي – صلى الله عليه وسلم – مع الرؤى والأحلام   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة نوفمبر 06, 2009 10:21 pm

ما إن
يضع الإنسان جنبه على الفراش ويخضع لسلطان النوم حتى تنطلق روحه لتجوب
عالماً آخر يختلف بحدوده ومقاييسه وطبيعته عن عالم اليقظة ، فلا تعترف
روحه بحواجز الزمان والمكان ، فالعين ترى والأذن تسمع واللسان ينطق والجسد
ساكنٌ في محلّه ، إنه عالم الرؤى والأحلام الذي كان ولا يزال مثار اهتمام
الأفراد والشعوب على مرّ العصور.








وإن نظرةً إلى التراث النبوي الذي تركه النبي – صلى الله عليه وسلم –،
تبيّن لنا الكثير مما يتعلّق بهديه عليه الصلاة والسلام في قضيّة الرؤى
والأحلام ، وكيفيّة التعامل معها.








وإذا تحدّثنا عن علاقة النبي – صلى الله عليه
وسلم – مع عالم الأحلام والرؤى فقد بدأت في وقتٍ مبكّر من عمره ، فقد كانت
أولى علامات صدق نبوّته ومبعثه ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( أول ما
بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة في
النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ) متفق عليه .








والرؤى في الأصل تُطلق على ما يراه الإنسان في نومه ، وتكون حقّاً من عند
الله تعالى بما تحمله من بشارة أو نذارة ، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً
من النبوّة .








ويبيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ( الرؤيا الصادقة من
الله ) رواه البخاري ، وقوله : ( رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من
النبوة ) متفق عليه .








وفي المقابل هنالك منامات مبعثها وساوس الشيطان
وعبثه ببني آدم ، ويعبّر عنها بالأحلام ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم
- : ( الحلم من الشيطان ) متفق عليه ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن
الرؤيا ثلاث ، منها : أهاويل من الشيطان ليحزن بها بن آدم ) رواه ابن حبان
، ومثل ذلك ما رآه أحد الصحابة في المنام أن عنقه سقط من رأسه فاتبعه
وأعاده إلى مكانه ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم : ( إذا لعب
الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدثنّ به الناس ) رواه مسلم .








وبين هذين النوعين نوعٌ ثالث ، هو مجرّد تفاعلٍ
للنفس تجاه الواقع الذي تعيشه ، والمواقف التي تمرّ بها ، فتستخرج مخزون
ما تراه أو تعايشه في نومها ، فذلك ما يسمّى بأضغاث الأحلام وأحاديث النفس
التي لا تعبير لها ، قال – صلى الله عليه وسلم : ( ..ومنها ما يهم به
الرجل في يقظته ، فيراه في منامه ) رواه ابن حبان .








لكن السؤال الذي يرد في الأذهان : كيف يتعامل المرء
مع هذه الأنواع ؟ لقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن على من رأى
الرؤيا الصالحة أن يستبشر بها ، وألا يحدّث بها إلا لمحب أو عالم أو ناصح
، فقد قال – صلى الله عليه وسلم - : ( الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى
أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب ) رواه البخاري ، وقال– صلى الله
عليه وسلم - : ( لم يبق من النبوة إلا المبشرات : الرؤيا الصالحة ) رواه
البخاري ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها
إلا ناصحاً أو عالماً ) رواه أحمد .








أما إن كان ما رآه من جنس الأحلام المزعجة
وتلاعبات الشيطان ، فقد أرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – صاحبها بأحد
أربعة أمور : أن يتعوّذ بالله من شرّ الشيطان وشرّ ما رآه ، وأن يبصق عن
يساره ثلاثاً ، وأن يتحوّل من شقّه الذي ينام عليه إلى الشق الآخر ، وألا
يخبر بها أحداً ، ويستفاد ذلك من قوله – صلى الله عليه وسلم : ( وإن رأى
ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً ، وليتعوّذ بالله من شر الشيطان وشرها ،
ولا يحدث بها أحداً ؛ فإنها لن تضره ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم ،
وزاد في رواية أخرى : ( وليتحول عن جنبه الذي كان عليه ) .








ومن مسائل الرؤى أن من رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام فقد
رآه حقّاً ، بشرط أن يكون قد رآه على صفته الحقيقيّة المذكورة في كتب
الشمائل وغيرها ، ودليل ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( من رآني في
المنام فقد رآني ؛ فإن الشيطان لا يتمثّل في صورتي ) متفق عليه








ومن الخطورة أن يستوضح صاحب الرؤيا أو يطلب تأويلها
من أي أحد ؛ فقد تكون سبباً في هلاكه أو وقوع الضرر به ، فعليه ألا يسأل
إلا من يثق بعلمه ودينه ، ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : (
الرؤيا تقع على ما تعبر ، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها
، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً ) رواه الحاكم .








ومن الأمور التي جاء التنبيه عليها حرمة ما يقوم
به بعض ضعاف النفوس من اختلاق بعض الرؤى والأحلام رغبةً في الإثارة أو
التشويق ، فقد ورد الوعيد الشديد على ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من تحلّم بحلم لم يره كُلِّّف أن
يعقد بين شعيرتين ، ولن يفعل ) رواه البخاري ، وفي حديث ابن عمر رضي الله
عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن من أفرى الفرى أن
يُري عينيه في المنام ما لم ترى ) رواه أحمد .








وكتب الحديث والسنة تذكر جانباً من منامات الرسول – صلى الله عليه وسلم -
، كمثل رؤيته لدار الهجرة قبل ذهابه إليها ، وما أصاب المؤمنين يوم أحد من
قتل ، ورؤيته لبعض أصحابه الذين سيغزون بعد موته ويركبون البحر ، ورؤيته
عليه الصلاة والسلام لمفاتيح خزائن الأرض التي وضعت بين يديه ، وللملائكة
وهي تحمل له عائشة رضي الله عنها قبل زواجه بها وتقول له : " هذه امرأتك "
، ورؤيته لجانبٍ من عذاب البرزخ ، ورؤيته لعيسى عليه السلام وهو يطوف
بالكعبة ، ومشاهدته للمسيح الدجّال ، ولموضع السحر الذي أصيب به ، ولرجلين
من مدّعي النبوّة في عهده .








وكان للنبي – صلى الله عليه وسلم – نصيبٌ من
تأويل الرؤى ، فقد أوّل عرض الناس عليه وعليهم ثيابٌ منها ما يبلغ الصدر ،
ومنها ما هو دون ذلك ، وعرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعليه قميص يجره ،
أنه الدين ، وأوّل عليه الصلاة والسلام رؤيا له تتعلّق بشربه لوعاء من لبن
ثم إعطائه لما بقي في الوعاء لعمربن الخطاب رضي الله عنه أنه العلم ،
وأوّل رؤياه لدار عقبة بن رافع رضي الله عنه وتناوله للرطب بالرفعة في
الدنيا والعاقبة في الآخرة ، وأن الدين قد طاب ، وغير ذلك من الرؤى
المبثوثة في كتب السنة .








وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – حريصاً على الاستماع إلى ما يراه
أصحابه في منامهم ، ويكثر من سؤالهم – خصوصاً بعد صلاة الفجر – عمّا رأوه
في منامهم ، ومن ذلك رؤيا كلمات الأذان المعروفة ، ومنها كذلك : رؤيا
عبدالله بن سلام رضي الله عنه إمساكه بالعروة الوثقى وتأويل ذلك بموته على
الإسلام ، ورؤيا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما للجنّة وما فيها من
العجائب.








لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو عدم التعلق بالرؤى
والمسارعة إلى تصديقها واستظهار الغيب بها ، ولا يخفى على عاقلٍ الفتن
التي حصلت للأمة وما صاحبها من إراقة للدماء بسبب رؤى وأوهام حملت محملاً
خاطئا ، ولكن تبقى تلك المنامات في إطارها الشرعي المحدّد : مبشرات ، أو
منذرات ، أو أضغاث أحلام لا حقيقة لها.




==============================




تابع موضوع




۞۞ شمائل وصفات النبى صلى الله عليه وسلم ۞۞ متجدد ان شاء الله




فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a






عدل سابقا من قبل الهاشمي في الجمعة نوفمبر 06, 2009 10:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهاشمي
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام
الهاشمي


تاريخ التسجيل : 22/05/2009
العمر : 44

فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سفره وترحاله   فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة نوفمبر 06, 2009 10:24 pm

يجد
الناس في الأسفار والرحلة إلى الأمصار فرصة للاستجمام والراحة من متاعب
الحياة ومشاغلها ، وسبيلاً إلى الوقوف على عجائب البلدان ، وبدائع الأوطان
، ومصارع الأمم الغابرة ، مما يزيد العبد يقيناً بعظمة خالقه وبديع صنعه ،
كما قال ربنا في محكم كتابه : { وفي الأرض آيات للموقنين } ( الذاريات:20)
، وقال أيضاً : { قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } (
الأنعام : 11 ) .




وإذا كان الترحال من جملة الحاجات البشرية التي لا غنى عنها ، فقد وضعت
الشريعة له من الضوابط والآداب التي تجعله لا يخرج عن إطار التعبّد لله
جلّ وعلا.


فعند العزم على المسير ، جاءت السنّة النبوية
بالإرشاد إلى صلاة الاستخارة ، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم –
يعلّم أصحابه الاستخارة في الأسفار بل في شؤون الحياة كلّها ، كما جاء في
حديث جابر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن " رواه البخاري .




والاستخارة سنّة نبوية يعلم منها المسافر إن كان الخير في بقائه أو رحيله
، وفيها تربيةٌ للمسلم أن يربط أمورها كلّها بخالقه ومدبّر أموره ، فلا
يُقدم على شيء ولا يتأخّر عنه إلا بعد أن يستخير الله ويفعل ما ينشرح له
صدره ، ثم إن في الاستخارة إبطالٌ لما كان يفعله أهل الجاهليّة من زجر
الطير أو سؤال الكهّان والعرّافين ، أو غير ذلك من أنواع الدجل والخرافة .



ومن وصايا النبي – صلى الله عليه وسلم – للمسافر
تعهّد المركبة وإعداد العدّة ، اختيار الرفقة الصالحة ، والسفر مع الجماعة
، والنهي عن الوحدة ، حمايةً من الأخطار المحتملة ، ووقاية من كيد الشيطان
ووسواسه ، فقد جاء في الحديث الصحيح : ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما
أعلم، ما سار راكب بليلٍ وحده ) رواه البخاري ، وهذا هو المقصود من قوله –
صلى الله عليه وسلم – في الحديث الآخر : ( الراكب شيطان ، والراكبان
شيطانان ، والثلاثة ركب ) رواه أبو داود والترمذي ، يقول الإمام الخطابي :
" معناه أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان ، وهو شيء يحمله
عليه الشيطان ويدعوه إليه ، وكذلك الاثنان ، فإذا صاروا ثلاثة فهو ركب :
أي جماعة وصحب ".




ومن سنن النبوة الإمارة في السفر باختيار من يتولّى شؤون الرحلة ويحدّد
مسيرتها ، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأمر أصحابه إذا ارتحلوا
أن يجعلوا عليهم أميراً، حتى يكون رأيهم واحداً، ولا يقع بينهم الاختلاف،
وكل ذلك حرصاً منه عليه الصلاة والسلام على لزوم الجماعة وتجنب أسباب
الفرقة.



وكان من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – أيضاً
السفر يوم الخميس في أول النهار، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : "
لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم
الخميس " رواه البخاري ، ويكون خروجه أوّل النهار ووقت البكور لفضله
وبركته ، كما قال – صلى الله عليه وسلم - : ( بورك لأمتي في بكورها ) رواه
الطبراني .




كما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – جملة
من الأذكار والأدعية التي يقولها المسافر ، وتكون بإذن الله سبباً في حفظه
وتوفيقه ، منها أن يقول إذا ركب على دابته، واستقر عليها : ( الحمد لله،
سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا الى ربنا لمنقلبون، ثم
يقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،
سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) رواه أبو
داود ثم يقول: ( اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما
ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطْوِ عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في
السفر ، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وَعْثَاء السفر، وكآبة
المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل ) رواه مسلم ، وفي رواية الإمام
أحمد : ( اللهم اقبض لنا الأرض ، وهوّن علينا السفر ) ، وله أن ينوّع في
الدعاء فيقول : ( اللهم اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا ، اللهم أني
أعوذ بك من الحور بعد الكور ، ودعوة المظلوم ، ومن سوء المنظر في الأهل
والمال ) رواه الترمذي ، والمقصود بالحور بعد الكور : فساد الأمور بعد
صلاحها .




ومما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم - من
الأذكار أثناء المسير التكبير عند الصعود والتسبيح عند الهبوط ، ففي حديث
جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: ( كنا إذا
صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا ) رواه البخاري ، وعن عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان إذا قفل – أي : رجع -
من غزو أو حج أو عمرة ، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات" رواه
البخاري ، وكان عليه الصلاة والسلام يوصي بذلك ، كما جاء عن أبي هريرة رضي
الله عنه أن رجلا قال : " يا رسول الله ، إني أريد أن أسافر فأوصني " ،
فقال له : ( عليك بتقوى الله ، والتكبير على كل شرف ) .




وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل قرية أو شارف على دخولها،
قال:- ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن،
ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية،
وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها ) رواه النسائي .



ومن سنن النبي – صلى الله عليه وسلم – الاستعاذة عند النزول في أرضٍ من
شرّ ما فيها من المخلوقات الضارّة ، فكان يقول : ( أعوذ بكلمات الله
التامات من شر ما خلق ) رواه مسلم .



وفي وقت السحر كان النبي - صلى الله عليه وسلم –
يقول : ( سمع سامع بحمد الله ، وحسن بلائه علينا ، ربنا صاحبنا وأفضل
علينا ، عائذا بالله من النار ) رواه مسلم ، ومعنى الدعاء : شهد الناس على
حمدنا لله تعالى على نعمه وأفضاله وحسن بلائه ، اللهم صاحبنا في السفر ،
وأجزل علينا نعمك ، واحفظنا من كل سوء ، وأعذنا من النار .




فإذا عاد المسافر إلى وطنه ، ورجع إلى أهله، دعا بنحو ما دعا به عند خروجه
، ويزيد عليه قوله : ( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ) رواه البخاري .



ومن الهدي النبوي الدعاء للمسافرين عند وداعهم ،
والوصية بتقوى الله عزوجل ، كما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه
كان يدعو للمسافر بقوله : ( أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ) رواه
الترمذي ، ودعا عليه الصلاة والسلام لأحدهم فقال : ( اللهم اطو له الأرض ،
وهوّن عليه السفر ) رواه الترمذي ، وجاء إليه رجل فقال : يا رسول الله ،
إني أريد سفرا فزودني ، فقال له : ( زوّدك الله التقوى ، وغفر ذنبك ، ويسر
لك الخير حيثما كنت ) رواه الترمذي .




وإذا كان السفر قطعة من العذاب -كما صحّّ بذلك الحديث – فقد جاءت الشريعة
بالتخفيف في الأحكام والترخيص في العبادات ، من ذلك قصر الصلاة الرباعية
ركعتين والجمع بين الصلاتين ، والفطر إذا شق الصوم، والمسح على الخفين مدة
ثلاث أيام بلياليهن ، ولم يحفظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلّى في
أسفاره السنن الرواتب، إلا سنة الفجر والوتر، فإنه لم يكن يدعهما في حضر
ولا سفر.



ومن جملة التخفيفات التي حفلت بها السنّة : إباحة
الصلاة على الراحلة للمسافر في النفل دون الفريضة ، فعن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في السفر على راحلته
حيث توجهت به ، يومئ إيماء ، صلاة الليل إلا الفرائض ، ويوتر على راحلته "
رواه البخاري .




وبيّن – صلى الله عليه وسلم – أن المسافر يُكتب له أجر ما كان يعمله من
عملٍ صالح في حال إقامته ، ، فضلاً من الله ونعمة ، فقال – صلى الله عليه
وسلم - : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا )
رواه البخاري .



كما حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تطبيق
مبدأ التكافل في أسفاره ، فكان الناس يتعاقبون في غزواته على ركوب الرواحل
عند قلّتها ، كما حصل في غزوة تبوك وغيرها ، وحثّ الموسرين على الإيثار
بما فضل من زادهم ومركوبهم ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : "
بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة
له ، فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً ، فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - : ( من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان له
فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له ) ، فذكر من أصناف المال ما ذكر ،
حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل " رواه مسلم .




وأرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى إعطاء الراحلة نصيبها من الراحة
والغذاء خصوصاً في مواسم الخصب ، حتى تتمكّن من متابعة السير ، كما نهى عن
النزول في وسط الطريق فقال : ( إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من
الأرض ، وإذا سافرتم في السنة -أيام القحط - فأسرعوا عليها السير ، وإذا
عرستم بالليل – أي نزلتم في الليل منزلاً - فاجتنبوا الطريق ؛ فإنها مأوى
الهوام بالليل ) رواه مسلم .



وجاء النهي أيضاً عن المرور على المواضع التي نزل
فيها العذاب إلا أن يكون ذلك على سبيل الاتعاظ والاعتبار ، فعندما مر
النبي - صلى الله عليه وسلم - بحجر ثمود قال لأصحابه : ( لا تدخلوا مساكن
الذين ظلموا أنفسهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم ، إلا أن تكونوا باكين ) ثم
قنّع رأسه – أي غطّاه - وأسرع السير حتى أجاز الوادي ، متفق عليه .




وإذا نظرنها إلى أسفار النبي – صلى الله عليه وسلم – وجدنا أنها تتعلق
بأحد أربعة أسباب : السفر للهجرة، والسفر للجهاد، والسفر للعمرة والسفر
للحج ، وأحياناً كان يسافر مصطحباً إحدى زوجاته ، وكان عليه الصلاة
والسلام يختار من ترافقه بالقرعة كما تقول عائشة رضي الله عنها : " كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج
سهمها خرج بها معه " متفق عليه .



وقد ترك النبي – صلى الله عليه وسلم – مساحةً
للترويح عن النفس باللهو البريء والحداء الجميل ليستعين الناس بذلك على
عناء السفر ، فجاء عنه مسابقته لعائشة رضي الله عنه في إحدى أسفاره ، وسمح
لغلام له يقال عنه أنجشة بالحداء وذكر الأشعار .




وعند عودة النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى دياره كان يبتديء بزيارة
المسجد والصلاة فيه ، ثم يتلقّاه الناس بالغلمان حتى يحضنهم ويقبّلهم ،
ويذكر عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أحد تلك المواقف فيقول : " كان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر تُلُقِّيَ بصبيان أهل بيته ،
وإنه قدم من سفر فسُبِق بي إليه ، فحملني بين يديه ، ثم جيء بأحد ابني
فاطمة فأردفه خلفه ، فأدخلنا المدينة ثلاثةً على دابة " رواه مسلم .



وقد نهى – صلى الله عليه وسلم- عن أمورٍ في
السفر، مثل اصطحاب الكلب والجرس ، وفي هذا جاء قوله عليه الصلاة والسلام :
( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) رواه مسلم .




ومما نهى عنه عليه الصلاة والسلام سفر المرأة بدون محرم، لما يترتب عليه
من حصول الفتنة والأذية لها، فقد قال – صلى الله عليه وسلم: ( لا تسافر
امرأة إلا ومعها محرم ) رواه البخاري .



كذلك نهى – صلى الله عليه وسلم – أن يأتي المسافر
أهله ليلاً، ففي الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( إذا طال أحدكم الغيبة ، فلا يطرق أهله
ليلاً ) رواه البخاري ، وعنه أيضاً أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم ) رواه
البخاري ، وبالمقابل فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – المسافر أن
يتعجّل في العودة إلى أهله بعد قضاء حاجته من السفر فقال : (.. فإذا قضى
نهمته فليعجل إلى أهله ) متفق عليه.




فصلوات الله على من كان الخير في حله وترحاله ، وإقامته وسفره ،
فكان للحق نبراساً ، وللفضائل تاجاً .



==============================

تابع موضوع

شمائل وصفات النبى صلى الله عليه وسلم ?? متجدد ان شاء الله


فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم 553132fe9a


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فهرس شمائل وصفات النبي صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لـــــــــــــمــاذا بــــــكــى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
» صوت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
» لماذا نحبه صلى الله عليه وسلم
» العدل فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
» معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للخدمـ ..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب  :: المنتدى الإسلامي :: قسم الدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى: