بسم الله الرحمن الرحيم
أستيقظت من نومي فزعاً ونظرت الى الساعة قلقاً فوجدتها تشير الى العاشرة صباحاً,,, عادت الابتسامة الى شفتي ونهضت من فراشي ,,,, أمتطي صهوة حلم رأيته في منامي كغيمة زرقاء ,,,فتحت نافذت غرفتي لكي استنشق الهواء الطلق لكنه فاتني ذلك كله فالشمس في وسط السماء متربعة والحرارة مرتفعة ,,,غادرت غرفتي الممتلئة بالحر الدافي ... نزلت الى الأسفل واستلقيت على الاريكة التي كانت بقربي شربت كاساً من الشاي وبدأت ُ أحزم أمتعتي الخاصة بالتدريس
وقبل خروجي نظرتُ الى ابني مالك وهو يرتدي نعلية .
سالته لماذا ؟؟
قال لي وهو ينظر الي بعينيه المدورتان كأنه يستعطفني ,,,
اريد الذهاب معك الى الصلاة اخبرته ان وقت الصلاة لم يحن وانما انا ذاهب للتدرس,,,,
فأخبرني بانه يود الذهاب معي ,,,,
قلت له ياولدي لا تزال صغيراً,,,,
فاذا به يقف على أطراف أصابعه لكي يبدو اكبر وأطول ويمد رقبته عاليا ليريني انه صار يرى ماوراى النافذة ,,,,
في مثل هذه اللحظة تذكرت والدي وهو يوقظني من النوم هيا لا تتأخرعن مدرستك
تلمسني يده برفق ,,, فأسقط عن ظهر ( خيولي ) فزعاً ,,,,
وأدرك أنى لازلت صغيراً.. ..
تذكرت رأسي التي لا تلامس كتفيه إلا إذا انحنى,,, ارتمي على تلك الكتف أحبس دمعي ,,,,
ودعت ابني مالك وأخذ وعد مني في المرة القادمة سيأتي معي للتدرس...
أخذ أمتعتي وانطلقت للتدريس في المدرسة الاسلامية الامريكية,,, بدأت بحمد الله أستهليت بالشرح وبدأت في تفسير سورة العصر وفي تلك اللحظة وانا اشاهد ذلك الجمع الغفير من الطلبة واعينهم لا تفارق عيني واذانهم صغاية لكل ما اقول فتارة أتحدث بالعربي وتارة يخذلني لساني فاتكلم بالانجليزي تذكرت وما اجمل الذكرى,,,
تذكرت معلمي ويده تمتد بقسوة تمزق أوراقي فيسخر صديقي منى ,,,
تنهمر دموعي
اكملت حصتي بعد تاكدي من فهم تلامذتي للدرس ,,,
وفي ركني الخاص بدأت باستعادة ماضي القديم وتذكرت ذلك الوقت الذي اصبحت فيه لم اعد استخدم أصابعي في العد لــ العشرة
وباتت يدايّ أكثر ثباتا وسرعة وأنا اسطر سطراً أزرق وأخر احمر منفذاً حكما جزائيا فرضه
معلمي لأنني انشغلت بالرسم بينما كان هويشرح الدروس,,,,
قطع تفكيري؟؟
منظر تتصارع فيه فتاتان تربطان شعرهما بشريط وردى اللون لتمد أحداهما يدها إلى شعرها وتنزع الشريط وترميه على الأرض
متمتمة بحنق لست سوى غبية
بينما تسح دموع الأخرى بــ ( صمت )
قررت أسجنُ الطفلة في الركن واحذرها بحزم كوني عاقلة أصمتي تماما وألوّح بقسوة لا أريد أن اسمع أنفاسك
تلوذ الطفلة بالركن مرتجفة صامتة
قطع ذلك كله صوت المنادي لصلاة الظهر : فتنفست تلك الفتاة الصعداء لقد أتى ماينقذها من عقاب قادم :::
ناديت على الطلاب بصوت يملئه الغضب بنبرة الحنية ,,, على الجميع الذهاب الى دورة المياة للوضوء ومن ثم الدخول بهدوء المسجد
دخلت المسجد بعد أن غيرت ملابسي في غرفتي الخاصة فتقدمت للصلاة أكملت الصلاة
وعدنا جميعاً الى الفصل الدراسي : وفي ذلك الوقت قد انتهى دوامي ,,,
أخذت شنطي وقبل ان أغادرَ الفصل سمعت صوت يناديني,,,,
Brotherسيف قلت نعم قال لي أنا مسافر غداً ممكن أودعك وما ان سمعت كلمة وداع ؟!!
حتى عاد بي شريط الذكريات الى ذلك اليوم الذي رحلت فيه شقيقة روحي الى أعماق النهر بلا رجعة
رحلت عني مدللتي
رحلت عني قبل ان اودعها
رحلت ولكن بلا رجعة
رحل ذلك الثغر الباسم رحلت تلك الشفيتين التين لم تذقا طعم الاحلام يوماً,,,
رحل ذلك الشعر الذي كان كسواد ليل بهيم ,,,رحل ذلك الوجه الذي كان ساطعاً كقرن الشمس ,,,,
كانت أليفة كالحمامة ,,,, كم سمعت منها أعذب الالحان واشجاها ,,, رحل معها تلك الطيبة التي تحب الخير لكل الناس ,,,,رحلت قبل ان تقول الوداع
وتركت في حنجرتي كلمات لكن الكلمات ليس كسابق الكلمات ,,,, والأغنيات ليس كسابق ألأغنيات ,,,,
رحلت وتركت الحزن مرسوم على الشواطىء ,,,, وعلى الاشجار وعلى الأغصان ,,, وفي وجوه كل الحسان,,,
لكن ما زالت في رائحة ِالأرض ,,,, وفي إشراقة ِ الشمس ِ ,,, وفي تفتح الورود ,,, وفي صوت كل طائر,,,
تذكرت ذلك كله ,,و كان الدمع يترقرق من عيني ويتدفق كالشلال الهادئ,,, وجدت تفكيرى يبتعد بعيداً فلم اسمع أدنى همس مما حولى
شعرت بنفسى أحيا فى عالم اخر يمتزج فيه الواقع بالخيال,,,
فاذا بي أجد يداً تلامس خدي وهي تمسح الدمع من عيني فكان ذلك الطالب الذي سيودعني قبلته على جبينه وسلمت عليه ,,, وغادرت مسرعاً الى غرفتي الخاصة ,,,
وقفت امام النافذة ورذاذ المطر يتساقط ,,, يالله ما أجمل هذا المنظر دموع تساقط مع عيني ودموع المطر فما اجملها من لحظات عندما تختلط دموع الارض بدموع السماء
منظر جميل كله اسرار,,, عالم يشدك اليه ,,, تقف مشدوداً أمامه ,,,, كم هي جميلة هذه الحياة التي أراها من حولي ,,, أشجار وشواطيء وبحار وأمطار وعصافير مغردة بلحنها الشادي ,,,,, وأناس يمرحون ويرقصون ,,, ليل ونهار,,,
جثوت ُ على ركبتي مالي قد صرت متشائما ,,,, لماذا لم أعد أعرف كيف افرح ,,,, لماذا لم أعد أضحك ,,, لماذا غابت الإبتسامة عن شفتي ,,,
لماذا لماذا؟؟؟
لماذا أيها الدنيا تحرمي قلبي الغرام,,, لماذا لاتردين السلام ,,,, لماذا أيها الدنيا,,,,
كفى أيها الدنيا ,,, ياأيها الدنيا أزيحي اللثام لأرى صبحاً مشرقاً بعد الظلام,,,, لأرى صبحاً مشرقا بعد الظلام