في هذا الشهر احتفل العالم بيوم الأرض بطريقة أرادوا فيها إعادة الكون إلى ما قبل ظهور الآلة وما نجم عنها من تلوث للبيئة جعل البشرية جمعاء
مهددة بالزوال.
لم يبالغوا في الاحتفــال ولم يدعُ أحد لحضور المرج والهرج أو سماع الكلمات الرنانة أو الخطابات التي تدخل من أذن وتخرج من الأخرى، بل طالبوا
بإطفاء التيار الكهربائي لمدة ساعة ليعرف من هم في المعمورة الفرق بين الطبيعة وضجيج الآلة التي تسبب بأدخنتها المنبعثة منها توسعاً بثقب
الأوزون وما أدراك ما الأوزون.
أوروبا تفاعلت مع الحدث بدقائق من الظلام على اعتبار الكهرباء تمثل هناك شريان الحياة وتوقفها لا يعني سوى العودة إلى ما قبل الثورة الصناعية،
فكان توقف التيار الكهربائي رسالة من أن الكرة الأرضية إذا ما استمر التلوث يحاصرها يمكن أن تتوقف عن الدوران وينطفئ كل شيء فيها
نحن العرب ـ وبالذات اليمنيين ـ الأمر لم يكن يعنينا كثيراً «وأيش» يعني الكهرباء تنطفئ ساعة أو أياماً، فثوراتنا ليست صناعية، ولو علمت وزارة
الكهرباء أن الدول الكبرى احتفلت بيوم الأرض بإطفاء التيار لتبجحت وطالبتهم بحقوق الملكية على اعتبار أننا ـ اليمنيين ـ أصحاب اختراع «طفي
لصي»، وإذا كانوا هم يحتفلون بساعة إطفاء فنحن نحتفي بالمناسبة يومياً وقد يتعدى الاحتفال عشر مرات في اليوم
نحن مع الأرض وإلى الأرض.. ومادام الصيف قد دخل فلن نجد الوقت الذي لا نعبر عن ابتهاجنا بيوم الأرض مادامت المناسبة تستقبل بإطفاء التيار.
الكهرباء في اليمن لاتزال «قضية ما تحملها ملف» التوسع العمراني في كل المحافظات والطلب على الطاقة متزايد ونحن بدلاً من إيجاد حل للإشكالية
التي شاخت نعقدها أكثر، وآخر صرعة استئجار الطاقة من شركة «أجري كو» والتي هددت قبل فترة بقطع التيار الكهربائي عن عدد من المحافظات
إذا لم تسلم الوزارة مستحقاتها.. فإلى متى سنظل ندفع شهرياً مئات الملايين، وإلى متى سنظل نحتفي بيوم الأرض في موعد غير موعده..