لقد انتهى "عصر الصحابه المبارك دون ان يسأل أحد عن عقيدة ذلك الصحابي أو مذهبه .. حيث كان من يسلم منهم كان يسلم عن قناعة تامّة ، وعن براءة وصفاء ذهن .. فكان كل من يسلم يدخل الى داخل السور العملاق والمضيء ، والمحيط بجماعة المسلمين الأتقياء الصالحين والطاهرين ، ويصبح برعاية وإهتمام الخلفاء وعلماء الصحابة وعامّتهم، رضوان الله عليهم أجمعين..
ثم إنتهى "عصر بني أميّه ولم يتمكّن أهل الأهواء والبدع والزندقة من إعلان أفكاركم الفلسفيّة ، ومن عقائدهم الباطنيّة المنحرفة ..
إنعكست الأمور تماما في "عصر بني العبّاس" ، وبالذات من بعد وصول المأمون إبن هارون الرشيد الى الحكم ، حيث تبنّى أفكار وعقائد الفلاسفة وفرضها بالقوّة على المسلمين في عصره ، وكان من أخبث فتنه وتضليلاته للأمّة هي [قوله بخلق القرآن الكريم] والتي جعلته يبطش ويعذّب ويذلّ كبار علماء المسلمين بسببها ..
وهذا ممّا جعل الناس يجاهرون بإنحرافاتهم ، وجعلوا ينشرون تضليلاتهم في مجالسهم الخاصة والعامّة بأنّ الدين له ظاهرا وباطنا ، وبأنه هناك شريعة وحقيقة ،، فأبعدوا الناس عن شرعهم الصافي الحنيف الذي إرتضاه لهم ربّ العالمين بواسطة رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلم ، ونقلوهم إلى (سفسطات وأكاذيب إخترعوها وسمّوها بعلم "الباطن" وبعلم "الحقيقة") .. وبهذه الخدع والمسمّيات المبتدعة تمكّنوا من تحرير أنفسهم وأتباعهم من الإلتزام والتقيّد بشرع الله تعالى ،، بل تمكنوا من تحويل <الزندقة> الى <اصل الإيمان> ،، وسمّوا كل من يتبع العقيدة الصحيحة بأنه <كافر زنديق> .. وللأسف فإنّ العامّة كانت تصدّق اكاذيبهم وتضليلاتهم ..
ثم إنتهى "عصر الظلام والزندقة" ولله لحمد والمنّة وأشرقت شمس التوحيد والصحوة العالمية المباركة..
وهي تزداد يوما بعد يوم بشكل كبير وملحوظ ..
والذي يثلج الصدر حقّا هو أنّ هذه الصحوة تقوم على منهاج كتاب الله وسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام ، وأنهم يستضيئوا بأنوار الخلفاء الأربعة وأقوالهم وفقههم الرشيد ، وكذلك بكبار علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين..
<(**)> والجميل أيضا فإنّ الأفكار المعتدلة والمتسامحة هي المسيطرة على تلك الصحوة ، وهي في إنتشار دائم بفضل الله تعالى أوّلا ثم بفضل جهود المخلصين من العلماء ، والدعاة ،والمثقّفين ، ومن اصحاب الفطرة السليمة ، وكذلك بمساعدة بعض الدول العربية ، وبأهل الخير من الذين أنعم الله عليهم من خيراته ثم اعانهم ووفـّقهم لحمل هذا اللواء المبارك .. فجزانا الله وجزاهم خير الجزاء ، وجعل ذلك في موازيننا جميعا يوم العرض والحساب
وبالمناسبة فهناك كلامات مضيئة لأحد كبار العلماء وأوردها هنا لأهمّيتها ولتعمّ الفائدة منها
** يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي ؟ رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل ؟
** اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَـولـِه ، لا يَنْـثَني عَنـهُ ولا يَتَبَـدَّل ،،
** حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ ، وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّــل ،،
** وَلِكُلِّهِمْ قَـدْرٌ وَفَضْلٌ سـاطِعٌ ، لكِنَّما الصدِّيقُ مِنْهُمْ أَفـْضَـل ،،
** وأُقِـرُّ بِالقُرآنِ ما جاءَتْ بِـهً آياتُـهُ ، فَهُوَ القَديـمُ المُنْـزَلُ ،،
** وجميعُ آياتِ الصِّفاتِ أُمِرُّهـا حَقـّاً كما نَقَـلَ الطِّرازُ الأَوَّلُ ،،
** وأَرُدُّ عُقْبَتَـهـا إلى نُقَّالِهـا ، وأصونُها عـن كُلِّ ما يُتَخَيَّلُ ،،
** قُبْحاً لِمَنْ نَبَذَ الكِّتابَ وراءَهُ ، وإذا اسْتَدَلَّ يقولُ: قالَ الأخطَلُ ،،
** والمؤمنون يَـرَوْنَ حقـّاً ربَّهُمْ ، وإلى السَّمـاءِ بِغَيْرِ كَيْفٍ يَنْزِلُ ،،
** وأُقِرُ بالميـزانِ والحَوضِ الذي أَرجـو بأنِّي مِنْـهُ رَيّاً أَنْهَـلُ ،،
** وكذا الصِّراطُ يُمَدُّ فوقَ جَهَنَّمٍ ، فَمُوَحِّدٌ نَـاجٍ وآخَـرَ مُهْمِـلُ ،،
** والنَّارُ يَصْلاها الشَّقيُّ بِحِكْمَةٍ ، وكذا التَّقِيُّ إلى الجِنَانِ سَيَدْخُلُ ،،
** ولِكُلِّ حَيٍّ عاقـلٍ في قَبـرِهِ عَمَلٌ يُقارِنُـهُ هنـاك وَيُسْـأَلُ ،،
** هذا اعتقـادُ الشافِعيِّ ومالكٍ وأبي حنيفـةَ ثم أحـمدَ يَنْقِـلُ ،،
** فإِنِ اتَّبَعْتَ سبيلَهُمْ فَمُوَحِّـدٌ ، وإنِ ابْتَدَعْتَ فَما عَلَيْكَ مُعَـوَّلًًًً .
اللهمّ إجعلنا من عبادك الموحّدين على منهاج الصحابة وخيرة القرون ..
وإجعلنا متّبعين لسنّة نبيّك محمد صلّى الله عليه وسلّم ..
وجنّبنا اللهمّ البدع ومحدثات الأمور ..
وإجعلنا من حملة لواء هذا الدين العظيم ..