بسم الله الرحمن الرحيم
خــاطـرة راقـت لـي ... فنقلتــها لكــم
لمـاذا نفقـد الثقـة بالآخريـن ممـن حولنـا ؟ !
سؤال خطر لي لفترة طويلة قررت فيها اعتصام الصمت بحثاً له عن إجابة فهل لكم يا سادة أن تخبروني لماذا ؟
لماذا يفقد الآباء ثقتهم بأبنائهم أو بناتهم ؟
لماذا يفقد الأخ ثقته بأخيه ؟ !
لماذا يفقد الزوج ثقته بزوجته أو تفقد الزوجة ثقتها بزوجها ؟
لماذا يفقد الصديق ثقته بصديقه المقرب ؟ !
لماذا يفقد ربّ العمل ثقته بمن يعمل لديه أو معه ؟
هل بدأنا نفقد ثقتنا بمن حولنا تدريجياً ومع مرور الوقت !
عندما تقترب منهم وتمنحهم كل مساحات الثقة البيضاء ظناً منك بهم خيراً متناسياً كل الحواجز والعقبات أو أنه لم يخطر لك يوماً بأن الأمور ستنقلب على عقبيها فتعطي بلا حدود وتمنح دون مقابل وتغفر بعض الهفوات لأنها بنظرك من طبيعة الحياة التي تجبرنا على السقوط في بعض المواقف لننهض من جديد ونكمل دربنا الذي بدأناه ولكن لحظة :
هل فكرنا يا سادة أن هناك حدود للعطاء وشروط للاستمرار بمنح الآخرين أثمن ما نملك أو نمنعهم منه ؟ !
عندما تصبح الحرية باباً إلى ممارسة الرذائل وسوء الصفات
وعندما يصبح الحب مصدراً للغش والخداع وسبباً للألم والعذاب
وعندما تغيب العدالة من قاموس الكائنات ليحل محلها قانون الأنا وحب الذات عندها نقول لقد فسدت الأرض وصار حتماً علينا أن نعود إلى الوراء لنشخّص الدّاء ونحضر الدواء !
فإذا نظرنا في الأسباب التي دفعت الآخرين ممن حولنا للقيام بتصرفات بعيدة عن الأخلاق منافية لمفهوم العقل والإدراك لوجدنا أن من أهمها ورأسها ...
ضعف الوازع الديني الذي يعتبر من أسس التربية النفسية والروحية
وقلة في الوعي والمعرفة التي هي بمثابة قوت وغذاء العقل والفكر
ونقص في العاطفة التي نحن بحاجة إليها من أقرب الناس إلينا
بعد كل ما ذكرت أعود لأسألكم :
هل يجوز للأب أن يمنح ابنه أو ابنته ثقته الكاملة ليتصرف على هواه دون أن ينصحه ويوجهه أو دون مراقبة منه له وإرشاده نحو الصواب !
هل يصحّ أن يترك الزوج لزوجته حرّية التصرف بكل ما يملك دون مشاركتها برأيه ومتابعته لها برفق وحرصه على حمايتها من أهوائها وممن حولها !
أم هل تترك الزوجة لزوجها حرية التصرف بكل ما يتعلق بأمور معيشتهما وتقول أنه رب البيت ويستطيع إدارته وحده دون مشاركتها وتفاعلها مع أبسط الأشياء !
هل يقف الأخ مكتوف الأيدي أمام أخيه الذي ينحدر إلى أسفل الهاوية تاركاً إياه بحجة أن لكل إنسان الحرية المطلقة في أفكاره وسلوكه !!
أم هل يؤيد الصديق صديقه في كل ما يقول سواءاً كان على صواب أم خطأ لئلا يخسره لمجرد حوار أو اختلاف في الرأي !
وهل يتغاضى رب العمل عن تقصير مستخدميه المتكرر في العمل فلا يحاسبهم عند الخطأ أو تهاونهم عن أداء الواجب رأفة بحالهم ؟ !
لقد انتشر المرض في مجتمعاتنا يا سادة إذ أننا كما يقال لم نعط كلّ ذي حقّ حقّه ...
من الرعاية والحماية لسدّ الثغرات والمحاسبة لأنفسنا مع محاسبة الآخرين على ما صدر منهم من إهمال في أداء الواجبات ومراقبة الله تبارك وتعالى في جميع أحوالنا مع الحرص على المصلحة العامة أولاً ونبذ الأنانية التي كادت أن تهلكنا والسعي لإصلاح ما فسد من أمور حياتنا الدنيا التي تقودنا إلى الآخرة ...
فما زالت أمامنا الفرصة لإعادة بناء ما تهدم والحياة تتسع للجميع ...
فلنعمل على الإصلاح بالمحبة والإحسان بحزم وعدل مع المراقبة والمحاسبة دون أن ننسى واجباتنا المترتبة علينا لنعيد الثقة فينا وبمن نحبّ ونهتم لأمره .
نشكو إليك يا ربنا قسوة قلوبنا وكثرة ذنوبنا وطول آمالنا
وفساد أعمالنا وتكاسلنا عن الطاعات وهجومنا على المخالفات
فنعم المشتكى إليه أنت يا رب بك نستنصر على أعدائنا
وأنفسنا فانصرنا وعلى فضلك نتوكل في صلاحنا
فلا تكلنا إلى غيرك يا ربنا وصلِّ اللهم على سيدنا محمد
عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً