عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك في المنتدى العربي منتديات كل العرب شكرا ادارة المنتدي
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك في المنتدى العربي منتديات كل العرب شكرا ادارة المنتدي
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثورات الشعوب ليست ضد الاستعمار فحسب بل ضد الانظمة الفاسدة التي هي امتداد للأستعمار بأيادي داخليه
موضوع: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت مايو 15, 2010 1:49 am
لا مكانَ في الحياةِ، بالنِّسبةِ للإنسان، أجملُ وأبهى من المكان الذي ولد فيه وترعرع، وتفيأَ ظلالَه وارتوى مائِهِ، فالمكانُ هو تذكُّرٌ لمَراتِع الصِّبا، وضَحكاتِ الطُّفُولةِ البريَئةِ، وهو جزء من كِيانِ الإنسانِ، فمهما ابتعد عنه، وشطت به الدارُ، فلا بد أن تبقى أطلالُ بلادهِ في ثنايا مُخَيّلتِه، وهذا جُزْءٌ يَسِيْرٌ مِنَ الوفاءِ لهذه الأرضِ التي حملتكَ على ظهْرها وأنتَ تحبو، ثم وأنتَ تخطو، ثم تمشي، ثم بعد انتهاء الأجل تدفن فيها. فما أرأفها!
وكثير من الناس من ارتشف شراب الهجر والغربة، في كؤوس من الحنين والأشواق...
وكم من مغترب قال بلوعةٍ بيتَ الطائي: كمْ منزلٍ في الأرضِ يَأْلفهُ الفتَى وحنينهُ أبداً لأوّلِ مَنزلِ والكلُّ يعلم أنّ طريق الهجرة وعرةُ المسلك، ومليئةٌ بالمنغّصات، ومهما بقي الإنسان في بلاد الغربة فاسمه "غريب"، ولن يجد قلباً حنوناً، بين الحجارة الصماء، مما حدا بالقَرويِّ في قروياته أن يقول بعدما أفنَتِ الغربةُ شبابَه دفنتَ ربيعَ عُمرِك في بلادٍ لها طالتْ لياليكَ القِصارُ بلادٌ ربّما فيها كِرامٌ ولكِنَّ اللئامَ بها كثارُ إذا لمْ تحوِ تربتُها حِجارا فبيْنَ ضلوعِ أهليها الحِجارُ
وتبقى ساعةُ الوداع مؤثّرة، والوقوفُ على الأطلال يرافقه البكاء، حتى الصحابة رضي الله عنهم، عندما هاجروا إلى المدينة - كما تذكر عائشة رضي الله عنها - تذكّروا مكة وجبالهَا، وخاصة أنّ المدينة أوبأُ أرض الله من الحمّى، وقد أصابت الحمّى بعضَ الصحابة، وكان بلالٌ إذا أقلع عنهُ الحمّى اضطجعَ بفناء البيت ثمّ يرفعُ عقيرتَه ويقول: ألا ليتَ شِعْري هل أبيتنّ ليلةً بوادٍ وحَوْلي إذْخرٌ وجَليلُ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجنّةٍ وهل يبدوَن ليْ شَامَةٌ وطَفِيلُ قالت عائشة رضي الله عنها: ثم إني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: "اللّهم حبِّبْ إلَينا المدينةَ كحبِّنا مكّةَ، اللّهم وصحّحها وبارك لنا في مُدّها وصاعِها، وانقلْ حُمَّاها واجعَلْها بالجحفَة".
فغرس الله بعد ذلك حبَّ المدينة في قلب الصحابة ومَنْ بعدهم أبدَ الدهر.
ويبقى السؤال لماذا يحنّ الإنسان إلى بلاده؟
" كان الناسُ يتشوّقون إلى أوطانِهم، ولا يفهمونَ العلّةَ في ذلك، حتى أوضحها علي بن العباس الرّومي في قصيدة لسليمان بن عبد الله بن طاهر يستَعدِيه على رجلٍ من التجار، يعرف بابن أبي كامل، أجبَره على بَيْع داره واغتصبه بعض جُدرها، بقوله:
ولي وطنٌ آليتُ ألاّ أَبيعهُ وألاّ أرى غيريْ لهُ - الدهرَ - مالِكا عهِدتُ به شَرْخَ الشبابِ ونعمةً كنِعْمَةِ قوم أصبحُوا في ظِلالِكا وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إليهمُ مآرِبُ قضَّاها الشبابُ هُنالكا إذا ذَكَروا أوطانَهم ذكَّرَتْهُمُ عهودَ الصِّبَا فيها فحنُّوا لذلِكا لقد ألِفَتهُ النفسُ حتى كأنّهُ لها جَسَدٌ إن بانَ غُودِرَ هالكا"
وقال بعض الأعراب قريباً من هذا، وعلّل بكاءَه وشوقه بأمرينِ اثنين ومرحلتين جميلتين في حياة الإنسان، براءةِ الطفولة، وفتوةِ الشباب:
ذكرتُ بلاديْ فاستهلَّتْ مَدَامِعي بشوقي إلى عَهْدِ الصِّبا المتقادِمِ حَنَنْتُ إلى أرضٍ بها اخضرّ شارِبي وقُطِّع عني قَبل عقدِ التّمائمِ
وعندما طال مقام ابنُ الرومي بسُرّ من رأى, قال أيضاً وهو يتشوّق إلى بغداد:
بلدٌ صحِبْتُ به الشبيبة والصِّبا ولَبِسْتُ ثوبَ العيشِ وهْوَ جديدُ فإذا تمثَّلَ في الضميرِ رَأيتُهُ وعلَيهِ أغصانُ الشَّبابِ تمِيدُ وهذا أبو عمرٍو البجليُّ يقول:
أقولُ لصاحبي والعيسُ تَخْدِي بنا بَين المُنِيفة فالضِّمارِ تَمتَّعْ مِن شَمِيم عَرار نَجْدٍ فما بَعْدَ العشِّيةِ مِنْ عرارِ ألا يا حبَّذا نفحاتُ نَجدٍ وريَّا رَوْضِه غبَّ القِطار وأهلك إذ يحلّ القومُ نجداً وأنت على زمانِك غيرُ زَارِ شهورٌ يَنْقَضِينَ وما شعرْنا بأنصافٍ لهن ولا سِرَارِ
وقد يحنُّ الإنسان إلى أرض لم يرَها ولم يسكنْها، ولكن قلبَه تعلق بها أعني مكةَ والمدينةَ المنوَّرة. كيف لا وقد جعل الله القلوب تهوي إليها؟! أمَا قال الله - عز وجل - في كتابه على لسان إبراهيمَ عليه السلام: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [سورة إبراهيم: 37].
فالشاعر محمد إقبال يقول في رائعة من روائعه الشعرية: أشواقُنا نحْوَ الحجازِ تطلَّعَتْ كحَنينِ مُغترِبٍ إلى الأوطانِ إنّ الطُّيورَ وإنْ قصَصْتَ جناحَها تسمُوْ بفطرَتِها إلى الطَّيَرانِ إنْ كان لي نَغَمُ الهُنودِ وَلحنُهُمْ لكنَّ هذا الصّوتَ مِن عدنانِ
ومنهم من قال يا طالَما شاهدتُ طيفَكِ في الكَرى ورأَيْتُ كلَّ الحُسْنِ فِيكِ تَصَوَّرا يا طالما شبَّ الغَرامُ بخافِقِي والجَفْنَ في عينيَّ حبُّكِ أَسهَرا يا طالما حَمَّلتُ يا أقصى المُنَى ريحَ الصَّبا منِّي السَّلامَ إذا سَرَى ولَكَمْ بعثتُ معَ النَّسِيمِ قصيدةً والنَّفسُ وَلْهَى والفؤادُ تَحَسَّرا والقَلْبُ منِّي كم يغادرُ أضلُعِي ويَهِيمُ وجْداً إنْ رُؤَاكِ تذكَّرا! ولكَمْ تشبَّثَ في المطايا مُدْنَفاً وطلبتُ منه العَوْدَ لكِنْ أَنْكَرا! وإذا الحُداةُ ترنَّموا بحُدائهمْ وحُداؤهمْ من غيرِ خَمْرٍ أَسكَرا ألفَيْتِنِي أبكي كطِفلٍ كلّما رحَلوا إليكِ، ونورُ وجهِكِ أسفَرا أتجرَّع الحسراتِ، أرتشفُ الأسى لله كم سَالتْ دموعي أنْهُرا! يا طالَما أرجوْ وصالكِ بُرهةً واليومَ جئتُ إليكِ يا أمَّ القُرى
أما الشاعر اليمني الكبير محمد محمود الزبيري فقد أخذه الحنين إلى وطنه اليمن كل مأخذ وهو مقيم في القاهرة فأنشأ يقول:
ذكريات فاحت بريا الجنان فسبت خاطري وهزت جناني عمر في دقيقة مستعاد ودهور مطلة من ثواني فكأن الماضي تأخر في النفس أو استرجعت صداه الأماني شعلة القلب لو أذيعت لقالوا مر عبر الأثير نصل يماني
كما أن الشاعر اللبنانيَّ رشيدَ أيوبَ، عندما رأى الثلجَ يتساقط في المهجر تذكّر ثلجَ بلاده، وأهلَه وأمَّه وأشياءَ أخرى ذكرها في قصيدته التالية:
يا ثلجُ، قد هيّجتَ أشجاني ذكَرتني أهليْ بلُبنَانِ باللهِ عَنّي قُل لإخواني ما زالَ يرعَى حُرمةَ العهدِ يا ثلجُ قد ذكّرتني الوادي مُتَنَصّتاً لِغَديرِه الشّادي كم قد جَلَستُ بحضنه الهادي فَكأنّني في جَنّةِ الخُلدِ يا ثلجُ قد ذكِرتني أمّي أيّامَ تقضي الليلَ في همّي مشغوفةً وتحَارُ في ضَمّي تحنو عليّ مَخافَةَ البردِ يا ما أُحَيلى النجمَ إنْ لاحا والثلجَ يكسو الأرضَ أشباحَا
والشاعر ابن الأبَّار بكى وطنه بقصيدة رائعة, أكثر فيها من التأوُّهِ ومن ترويع الفراق, ومن عبرات البعد يقول: أَ بَيْنٌ واشتياقٌ وارتياعُ؟ لقد حُمِّلتَ ما لا يُستَطاعُ تملّكني الهوى فأطعتُ قسراً ألاَ إنّ الهوى ملِكٌ مطاعُ وروَّعني الفراقُ على احتمالي ومَن ذا بالتفرُّق لا يُراعُ؟ وليس هوى الأحبة غَير عِلقٍ لديَّ فلا يُعارُ ولا يُباعُ فَلِلعبَراتِ بَعدهمُ انحدارٌ وللزفَرَات إثرَهُمُ ارتفاعُ نأَوْا حقاً ولا أدري أيُقضَى تلاقٍ؟ أو يُباح لنا اجتماعُ؟
وكذلك عندما رأَى عبدُ الرحمن الداخلُ نخلةً برصافته أثارتْ فيه هذه النخلةُ شجونَه فرآها شبيهةً به؛ فكِلاهما غريبٌ عن وطنه، فقال:
تبدَّت لنا وَسْطَ الرّصافةِ نخلةٌ تناءتْ بأرضِ الغَرب عن بلدِ النخْلِ فقلت: شبيهي في التغرّبِ والنّوَى وطولِ اكتئابي عن بنيَّ وعن أهلِيْ نشأتِ بأرضٍ أنتِ فيها غريبةٌ فمثلكِ في الإقصاء والمُنتأَى مِثليْ سقتكِ غواديْ المُزْنِ في المنتأى الّذي يسحُّ ويَستمرِيْ السِّماكَينِ بالوَبْلِ وهو مقسَّمُ القلب بين الأندلس وبين المشرق، لذلك نراه يقول: أيّها الراكبُ الميمِّمُ أرضيْ اِقْرَ منّي بعضَ السلامِ لبعضِيْ إنّ جسميْ - كما تراهُ - بأرضٍ وفؤادِيْ ومالكِيهِ بأرضِ قدّر البين بيننا فافترقْنَا وطوَى البينُ عن جفونيَ غمضِيْ
ولابن خفاجة كذلك قصيدةٌ رائعة في التشوق إلى الوطن مطلعها: أجبتُ وقد نادَى الغرامُ فأسمَعَا عشيةَ غنّانيْ الحمامُ فرجَّعَا والإنسان يتشوق ويحن للوطن والأهل في ديار الغربة بجميع الأحوال فكيف به إذا كان أسيراً وفي ديار الغربة؟! لا بد أنه سوف يتجرع ألم النوى وعلقم البعد والفراق ولا نزال نذكر قصيدة أبي فراس الحمْدانيِّ الرائعةَ التي قالها عندما كان أسيراً، وسمع حمامةً تنوح على شجرةٍ عاليةٍ بقربهِ، فأراد منها أن تشاركه في أحزانه، وتحملَ عنه بعض الهموم، فقال يخاطبها:
يقولُ - وقد ناحتْ بقربي حمامةٌ -: أيا جارَتا، هلْ باتَ حالُكِ حاليْ؟ أتحْمِلُ محزونَ الفؤادِ قوادمٌ على غُصُنٍ نائيْ المسافةِ عاليْ؟ تعالَيْ ترَيْ رُوحاً لديَّ ضعيفةً تَرَدَّدُ في جسمٍ يعذَّبُ، بالِ أيضحَكُ مأسورٌ وتبكي طليقةٌ ويسكتُ محزونٌ ويُندَبُ سالِ؟ لقد كنت أولى منكِ بالدَّمعِ مُقلةً ولكنَّ دمعِي في الحوادثِ غالِ وقد كتب إلى ابنِ عمِّهِ سيفِ الدولة من الأَسْر: وما كنتُ أخشى أنْ أبِيتَ وبينَنا خليجانِ والدَّربُ الأشمُّ وآلسُ تشوّقنيْ الأهلُ الكرام وأوحشَتْ مواكبُ بَعديْ عندَهُمْ ومَجالِسُ وعندما غادرَ مدينة حلب قال: سقى ثَرى حلبٍ ما دمتَ ساكنَها يا بدْرُ غيثانِ: مُنْهَلٌّ ومُنبجسُ أسيرُ عنها وقلبي في المقامِ بِها كأنّ مُهريْ لثقْلِ السَّيرِ محتبسُ
وتبقى الغربة غربةً، والهجرُ هجراً، ويبقى ترابُ الوطن خيراً من الغربة وذهبها فالإنسان يأْلف بلاده ويهواها حتى وإن لم تتوفر فيها مقومات الحياة البسيطة، لذلك قال الشاعر: بلادٌ ألِفناها على كلِّ حالةٍ وقد يؤْلَفُ الشيءُ الّذي ليسَ بالحَسَنْ وتُستعذَبُ الأرضُ التي لا هَوَاْ بها ولا ماؤُهَا عَذْبٌ ولكنّها وطَنْ
ولعلّ خير شِعرٍ يُظهر العلاقة المتينة بين المغترب ووطنه قولُ حاتم الطائي وهو في الحيرة - مخاطباً جبلَي طيئ: فقلت: ألا كيفَ الزّمانُ علَيكُما؟ فقالا: بخيرٍ.. كلُّ أرضكَ سائلُ" ولعلَّ الوقوف على الأطلال، وبكاءَ الديار وأهلِها، من أروع الصفات التي تميز شعرَ الأسى والاغتراب والترحال وكلما ذكر الوقوف على الأطلال والبكاء،
ذُكر الشاعر اليماني امرؤُ القيس ومعلقتُهُ التي مطلعها: قِفَا نَبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بسِقْطِ اللِّوَى بينَ الدَّخُولِ فحَوملِ فتوضحَ فالمقراةِ لمْ يعف رسمُها لما نسجتْها مِن جنوبٍ وشَمألِ وقد عدّ القدماء هذا المطلع من مبتكراته إذ وقف واستوقف وبكى وأبكى من معه وذكر الحبيب والمنزل".
وكذلك النابغة الذبياني فقد بدأ معلقته بالوقوف على الأطلال عندما قال: يا دار ميّة بالعلياء فالسَّنَدِ أقوَتْ وطال عليها سالفُ الأبدِ وقفتُ فيها أصيلاً كي أسائلَها عيّتْ جواباً وما بالرَّبعِ مِن أَحدِ أضحتْ خلاءً وأضحى أهلُها احتمَلُوا أخنَى عليها الّذي أخنَى على لِبَدِ فنادى الديار لا أهلها، أسفاً عليها وتشوّقاً إليها.
ومن أروع ما قرأت في تصوير الوقوف على الأطلال، قولُ جعفر بن أحمد السراج البغدادي: وقفنا وقدْ شطّت بأحبابنا النَّوى على الدّارِ نبكِيها سقى رَبعَها المزْنُ وزادتْ دموعُ الواكفين برسمِها فلو أرسلتْ سُفْنٌ بها جرَتِ السُّفْنُ ولم يبقَ صبرٌ يُستعانُ على النّوى بهِ بعدَ توديع الخليطِ ولا جَفْنُ سألْنا الصَّبا لما رأينا غَرامَنا يزيدُ بسكّانِ الحِمى والهوَى يدنُوْ: أفيكِ لحملِ الشوقِ يا رِيحُ مَوضعٌ فقدْ ضعفتْ عن حملِ أشواقِنا البُدْنُ
وقد يرحل الإنسان عن بلده ولا يعود إليها؛ بل يموت غريباً فامرؤ القيس عندما "صار إلى بلدةٍ من بلاد الروم قديماً تدعى أنقرة احتُضر بها ورأى قبر امرأةٍ من أبناء الملوك هناك، قد دُفنت في سفح جبلٍ يقال له عسيب، فسأل عنها، فأخبر بقصتها فقال: أجارَتَنا إن المزارَ قريبُ وإنّيْ مُقيمٌ ما أقامَ عسيبُ أجارتَنا إنَّا غريبانِ ها هُنا وكلُّ غريبٍ للغَريبِ نَسِيبُ ثم مات فدُفن إلى جنب المرأة، فقبره هناك".
ويطلب مرار بن هباش الطائي ممن يحمل جنازته، أن ينزلوه في وطنه، ويدفنوه تحت ثراه: سقى الله أطلالاً بأخيلةِ الحِمَى و إنْ كنَّ قد أبدَيْنَ للناسِ ما بِيَا منازلُ لوْ مرّتْ بهنَّ جِنازتي لقال صدايَ: حامليَّ انْزِلا بِيَا
وقدْ يعُود الإنسان إلى وطنِه، بعد فراقٍ طويلٍ، وعندما يصِلُ إلى أطلاله تمتزج ذكرياتُ أطلال الهجرة، مع ذكريات أطلال العودة، فيناجيه قائلاً: وطنَ النجومِ، أنا هُنا، حدّقْ.. أتذكُرُ مَن أنا؟ ألمحتَ في الماضيْ البعيدِ فتًى غريراً أَرعنَا؟ جذلانَ يَمرحُ في حقولكَ كالنّسيمِ مُدندِنَا أنا ذلكَ الوَلَدُ الّذي دُنياهُ كانت ههُنَا! أنا مِن مِياهكَ قطرةٌ فاضتْ جداولَ مِن سَنا أنا مِن تُرابكَ ذرّةٌ ماجتْ مواكبَ مِن مُنَى أنا مِن طيوركَ بُلبلٌ غنّى بمجدكَ فاغتنَى حمَلَ الطّلاقة والبشاشةَ مِن ربوعكَ للدُّنا كم عانقتْ روحِيْ رُباكَ وصفّقتْ في المُنحنَى!
وأخيراً؛ وللأمانة: قد يعيش الإنسان لفترةٍ ما في وطنٍ غيرِ وطنه، وأرضٍ غيرِ أرضه ويدخلها بداية غيرَ محبٍّ لها، لظروفٍ أجبرتهُ على الرّحيل ولكنه ربَّما يحبُّ ذاكَ الوطن، ويحب أهله، لأنهم طيبون وجديرون بالمحبة فالمحبة والطِّيب لا يعرفانِ وطناً ولا أرضاً ولكنْ مهْمَا عاش بينهم فلا بدّ أن يفارقهم، ليعودَ إلى وطنه، مردّداً في طريق العودة: دَخَلْنا كارِهينَ لهَا فلمّا ألفْناها خرجنا مُكرَهِينَا وما حبُّ الدِّيارِ بنا، ولكِنْ أَمَرُّ العَيشِ فُرْقَةُ مَن هَوِيْنَا تركتُ أقرَّ ما كانتْ لعَينيْ وخلّفتُ الفؤادَ بها رَهِينَا....
عدل سابقا من قبل الهاشمي في الأحد يناير 02, 2011 5:22 am عدل 1 مرات
حياك الله اخي الهاشمي كلام جميل وشرح مفاصل والله اخي الهاشمي الواحد يشتاق للماكن الذي ولدفية بذات اكثر ليش لانة مسقط راسة وتكون الحنية اكثر فبلاد الواحد غالية علية اينما يكون حتى ولو قسيت علية تضلي يذكرهامشكور موضوع مميز تستاهل علية الشكر وثناء وتقبل تحياتي
عبدالجليل عبدالغني قرطيط قلم ذهبي
تاريخ التسجيل : 17/11/2010 العمر : 47
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار الخميس ديسمبر 30, 2010 6:23 am
مشكور اخي الكريم ( الهاشمي ) على هذا الموضع الجميل الذي يعبر عن معانات الغربة الكئيبة
بك يا زمان أشكو غربتي **
إن كانت الشكوى تداوي مهجتي** قلبي تساوره الهموم توجعا** ويزيد همي إن خلوت بظلمتي** ******* يا قلب إني قد أتيتك ناصحا** فاربأ بنفسك أن تقودك محنتي** إن الغريب سقته أيام الأسى** كأس المرارة في سنين الغربتي** ******* قد كان نومي هانئاً فوق الثرى** من غير شكوى أو عذول شامتِ** من غير هم بالزمان وكربه** من غير تسهادٍ يشتت راحتي**
******* أنا في ابتساماتي عُرِفتُ ولم أزل... حتى أتاني ما ينغص بسمتي** إن أسعفتني دمعتي في فرحتي** أنزلتها طرباً لأرسم بهجتي** أو أسعفتني بالبكاء مرارة** تتسابق العبرات تهجر مقلتي** ******* واليوم أفرغ دمع عيني بالبكاء** ندماً على ما كان مني ويلتي** جفت دموعي من فواجع ما أرى** لكن صبري في الشدائد قوتي*
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار الجمعة ديسمبر 31, 2010 12:11 am
مشكوووووووورين وماقصرتم جميعا بردودكم واطلالتكم التي نورت الصفحه.. دمتم بكل الود والسلامه
عبدالله الشعبي مشرف واحة الرياضة
تاريخ التسجيل : 26/09/2010 العمر : 44
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت يناير 01, 2011 1:25 am
الغربة كربة الله يشلها بس الضروف والا من يحب يفارق احبابة وبلادة وخلانة الحياة حلوة بحلوها ومرها شكرا ايها الهاشمي لسيرة الغربة.
الهاشمي مشرف المنتدى العام
تاريخ التسجيل : 22/05/2009 العمر : 44
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت يناير 01, 2011 1:30 am
عبدالله الشعبي كتب:
الغربة كربة الله يشلها بس الضروف والا من يحب يفارق احبابة وبلادة وخلانة الحياة حلوة بحلوها ومرها شكرا ايها الهاشمي لسيرة الغربة.
اشكرك اخي عبدالله على مرورك الطيب واسعدني وجودك وتعليقك على الموضوع..تحياتي اليك..
salahaldeen اديب المنتدى
تاريخ التسجيل : 14/03/2010 العمر : 66
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت يناير 01, 2011 4:39 am
الهاشمي لو ان لدي متسع من زمان لمررت على بصماتك التي خضبت بها الصفحات ولونتها بمداد قلبك ولثمتها واحدة واحدة ومسحت عبراتها وسقيتها بعض الوان من الصبح وبعض فرح
في الصــــمـــيـم المدير الاعلامي
تاريخ التسجيل : 20/12/2009 العمر : 63
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار الأحد يناير 02, 2011 4:53 am
الله الله ياهاشمي كيف جعلت المهجة ترجف شوقاً لموطنها الغالي ، صدقني لوتعيش في بروج من زجاج لجعلك الشوق الى موطنك ينسيك كل ما انت فيه من بحبوحة العيش ، الحنين دائم في كل قلب مغترب وخاصة الذين زادهم الأشتياق اشتياق هم الذين بدون عائلاتهم ، الله يعين كل مفارق لأوطانه ، تقبل الود والشكر على موضوعك القيم والجميل .
شهاب الدين عضو فعال
تاريخ التسجيل : 13/01/2011 العمر : 54
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت يناير 15, 2011 12:08 am
هذا ماتعودناه من الهاشمي
التميز
الابداع
سلمت اناملك
ذوقك جميل في انتقاء الكلمات ..
يعطيك ربي العافية .. والى الأمام
وربي لا يحرمنا طلتك علينا
(( بـن صيـــّاد )) مشرف سابق
تاريخ التسجيل : 04/07/2009 العمر : 45
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت يناير 15, 2011 3:28 am
واويح نفسي لا ذكرت أوطانها حنت حتى ولو هيه في مطرح الخير رغبانة .. موضوع جميل من الأخ العزيز الهاشمي فلك كل الشكر والثناء كثر حنين وشوق المغترب لبلدة وأهله ..
محمد علي النجار مشرف واحة المهاجر
تاريخ التسجيل : 19/06/2010 العمر : 44
موضوع: رد: أشواق الغربة وبكاء الديار السبت يناير 15, 2011 4:02 am