المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك في المنتدى العربي منتديات كل العرب
شكرا الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات 829894
ادارة المنتدي الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات 103798
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك في المنتدى العربي منتديات كل العرب
شكرا الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات 829894
ادارة المنتدي الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات 103798
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثورات الشعوب ليست ضد الاستعمار فحسب بل ضد الانظمة الفاسدة التي هي امتداد للأستعمار بأيادي داخليه
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

» نـــفـحـــــــــــات رمــــــــضـــــــانــــــــــيـةالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالإثنين يونيو 05, 2017 12:29 am من طرفابوعماد» مناجاة رمضانية الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالإثنين يونيو 05, 2017 12:27 am من طرفابوعماد» الوحده اليمنيهالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالجمعة مايو 23, 2014 6:26 am من طرفابوعماد» الوحده اليمنيه في التاريخالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالجمعة مايو 23, 2014 6:22 am من طرفابوعماد» على كل حال تحياتي لسعادة المدير ابو عمادالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالأحد نوفمبر 17, 2013 7:26 am من طرفالمتميز» الشيخ/ظيف اللةمحمدعبدالرحمن الظبيانيالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 4:14 am من طرفاميرباخلاقي» اسمحولي على الغياب الطويلالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 4:00 am من طرفاميرباخلاقي» اجمل ترحيب بالاخ عبدالوهاب عبدالكريمالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2013 12:18 pm من طرفebraheem algobany» تصعيد مسلح في الحصبة يُهدد بحرف مسار مؤتمر الحوار الوطني الشاملالكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالخميس مارس 28, 2013 12:36 pm من طرفالجبني 2011» الرئيس السابق " صالح " يحارب وقت الفراغ بافتتاح صفحة رسمية على موقع ( فيسبوك )الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالخميس مارس 28, 2013 12:31 pm من طرفالجبني 2011

 

 الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
طارق
عضو مميز
عضو مميز



تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمر : 64

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالسبت أبريل 24, 2010 6:57 pm




الحلقة الأولى

عن العروبة والاسلام




د.عصمت سيف الدولة











بسم الله الرحمن الرحيم


( فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض)


( الرعد : 17 )


صدق الله العظيم


المحتويات


بيان


5


الفصل الأول


الظالمون


لزوم ما لايلزم


5


الإنتماء المتعدد


7


عن الأمة


10


الدين والمجتمع


16


أمة الإسلام


21


أول دستور


24


العدوان


33


الوحدة


37


دولة الخلافة


42


الإمبراطورية


46


الدولة الممكنة


52


الهروب إلى الماضي


63


الفصل الثاني


المنافقون


لماذا المنافقون


66


قصة "العلمانية"


71


في اليهودية


73


أزدواج السلطة


75


الصراع


79


النهاية


82


الدولة ، ما الدولة ؟


83


عودة إلى الوطن


89


وفي الإسلام


90


النفاق


91


الإسلام وأصول الحكم


94


الخليفة والسلطان


97


متى ؟


100


دين للدنيا


104


قصة حياة مسلم


111


التقدم والعلم


118


آية المناهضة


123


الفصل الثالث


الجواب


أغتصاب العقول


126


الإمبريالية الحضارية


127


قادة الرأي العام


130


الإنسان الهدف


131


إعتراض جانبي


135


ذو الحدين


136


الشخصية العربية


138


مصر العربية


139


عن الماضي الاقليمي


140


الانتماء القومي


144


اتجاهات الشباب العربي


148


مشكلات الحياة


150


القهر المادَي


151


التخريب والتغريب


159


خلاصة


163


الاستعمار الجديد


163


فهل يفلحون ؟


172


ثورة الشباب


173


اسطورة الامام شامل


175


لماذا إذن؟


180


هل يعرفون ؟


180


بيــــان


في الوطن العربي طائفتان اختلفتا فاتفقتا . طائفة تناهض الاسلام بالعروبة وطائفة تناهض العروبة بالاسلام . فهما مختلفتان . وتجهل كلتاهما العروبة والاسلام كليهما فهما متفقتان . وإنهما لتثيران في الوطن العربي عاصفة غبراء من الجدل تكاد تضل الشعب العربي المسلم عن سبيله القويم . وانهما لتحرضان الشباب العربي على معارك نكراء تكاد تلهيه عن معركة تحرير أمته .


هذا حديث الى الشعب العربي عن الطائفتين تباعاً . سيقول نفر ممن يقرأونه : مابال هذا الرجل يتلو آيات الكتاب لايلتمس فيها عوناً من رجال الدين ، فنقول لأننامسلمون ، ولاكهانة في الاسلام . وسيقول نفر : ماباله يتحدث عن الأمة العربية لايلتمس عوناً من مفكريها ؟ فنقول لهم : هذا مذهبنا . مذهبنا الاسلامي في القومية ومذهبنا القومي في الاسلام ، فلينظروا ماذا هم فاعلون . أما الطائفتان فسينظرهم الشعب العربي إلى حين


( إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ) { يونس : 49 } صدق الله العظيم .


د . عصمت سيف الدولة


القاهرة : ايلول / سبتمبر 1985



عدل سابقا من قبل طارق في الثلاثاء أبريل 27, 2010 12:42 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق
عضو مميز
عضو مميز



تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمر : 64

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالسبت أبريل 24, 2010 7:00 pm

الحلقة الثانية : من كتاب عن العروبة والأسلام
للدكتور عصمت سيف الدولة

الفصل الأول

الظــــالمــــــون


لزوم مالايلزم


1 - إن الحديث عن " العروبة والاسلام " ليس حديثاً عن كل من الاسلام والعروبة بل هو حديث عن العلاقة بينهما . فهل يحتاج الشعب العربي ، في هذة المرحلة من تاريخه ، إلى معرفة العلاقة بين العروبة والاسلام ليحل مشكلات تحرره وتقدمه ؟ هل يقف الشعب العربي ، في هذه المرحلة من تاريخه ، موقف الاختيار الملزم بين العروبة والاسلام ليدافع عن حرية أمته ووحدتها وتقدمها ؟ ... هل تلزمه العروبة بغير مايلزمه به الاسلام ، فعليه أن يختار فيما بينهما لتحرر وطناً ومواطناً ؟ ... أبداً إنه شعب معتدى عليه من خارجه ، اغتصاباً واحتلالا وهيمنة وتبعية . ومعتدى عليه من داخله ، قهرا وظلما واذلالا واستغلالا .


فإن هو استجاب لما تلزمه به العروبة ، ولو لم يع من العروبة إلا انها انتماء إلى احياء من البشر كفته أدنى قوانين الحركة . إن كل الكائنات الحية مسلحة بقانون " الفعل المنعكس الشرطي " للدفاع عن ذواتها إذا ما أحاط بذواتها الخطر ؛ تردَ الفعل حتى لولم تكن فاعلة . فما بال العربي تكاد المخاطر المحيطة به أن تعصف بوجوده ذاته . ومابال الانسان العربي ، وهو المسلَح ، دون الكائنات جميعاً ، بقانون الجدل الذي يملك به المقدرة على إدراك التناقض بين واقعه وحاجته ، ويعرف به اسباب حل هذا التناقض ، ويستطيع به أن يجسد بعمله في الواقع مايوقف به معاناته ويفرض به ارادته . فإن وعى العروبة انتماء إلى أمته لعرف معرفة اليقين ان التناقض الاساسي بين واقعه وحاجته يتمثل في أن ليس كل ماهو متاح في أمته من أسباب التحرر والتقدم متاحاً له ليتحرر ويتقدم ، لأن العدوان الخارجي يسلبه إمكانات مادية وبشرية هو صاحبها بحكم أنها إمكانات أمته ، فيحول دون أن يطَور حياته بما هو ممكن ومتاح لاأكثر ولاأقل ، ولأن العدوان الداخلي يسلبه القدر الأكبر مما أفلت من العدوان الخارجي فيستأثر به من دونه احتكارا واستغلالا ، ثم يفرض عليه تلك القسمة الضيزى بالقهر والظلم والاذلال ، ويحول دون ثورته بما يبقيه عليه من جهل وفقر ومرض فيبقيه عاجزاً عن استرداد امكانات مادية وبشرية هو صاحبها بحكم أنها إمكانات أمته فلا يستطيع أن يطور حياته بماهو ممكن ومتاح ، لاأكثر ولاأقل . وإنه ليعرف معرفة اليقين ان العدوان الخارجي والعدوان الداخلي حليفان عليه يحقق كل منهما بعدوانه مايمكَن الآخر من العدوان ، ولو لم يكونا متحالفين . فإن كان أكثروعياً لوعى دلالة الدروس الصارمة التي يتلقاها كل يوم من أحداث عصره ، لعرف معرفة اليقين أن لاأمل ، لاأمل على الاطلاق ، في أن يتقدم حرية ورخاء بقدر ماهو متاح في أمته إلا بأن يواجه أعداءه جميعاً فيسترد حريته ويقيم وحدته القومية . وإنه ليتعلم كل يوم أن البشرية قد دخلت عصر الانتاج الكبير والدول العملاقة ، وان مصير الاقزام من الدول أن تحتمي ، راغبة أو كارهة ، بمظلة التبعية السياسية لدفع خطر العدوان ، والتبعية الاقتصادية لدفع غائلة الجوع ، وأن تدفع من حرية وطنها اثماناً باهظة لمن يحميها أو يغذيها . يحميها ولو من بطشه ذاته . ويغذيها ولو من ثروتها ذاتها . وإن بعض هذا ، وليس كله لقمين بأن يحدد للشعب العربي اعداءه بأسمائهم ودولهم ونظمهم ، وبأن يحفزه ويحرضه على سحقهم سحقاً ، إذ أن سحقهم سحقا هو الطريق الوحيد المفتوح إلى التحرر والوحدة والتقدم ثم الرخاء .


أما إن استجاب الشعب العربي لما يلزمه به الاسلام فقد تلقى من الله أمراً صريحاً بالقتال ضد المعتدين : قال تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه ) { البقرة : 194 } ، وقال : ( ومالكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ) { النساء : 75 } . ثم قضى، سبحانه ، بأن من سكت على الظلم قد ظلم نفسه ، وأنذره بجهنم مع الظالمين أنفسهم . قال


( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم ؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) { النساء : 97 } . إنه سبحانه ، لايحرض على الهجرة ، بل يتحدى بها مماحكات الأذلاء . قبل الهجرة المقاومة . بكل حيلة وكل سبيل . قال تعالى مكملا نذيره : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلا . فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفواً غفورا) { النساء : 98 ،99 } .


ثم انه سبحانه ، قد حرَم السلبية والتواكل ، وانذر بأن شيئا من الحياة التي يكرهها الناس لن يتغير إلا إذا غيَر الناس مابأنفسهم . قال ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) { الرعد :11 } . وقال : ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) { هود : 117 } . وذهب في تحريض المظلومين على المقاومة الى حد أنه علَمهم أنه ، سبحانه ، يحب منهم المقاومة حتى لو كانت أداتها سيئة ، وإن مقاومة الظلم تبيح كل الوسائل وتطهرها مما يكون في طبيعتها من سوء . قال ( لايحب الله الحهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) {النساء : 148 } . ثم انه قد أخبر بأن الاعتذار عن التقصير فيما يجب ، بأن ثمة من ضلل المقصرين ، اعتذارغير مقبول . وانه لايقبل من أحد أن يتهم غيره بأنه قد أضله ليبرىء نفسه من الضلال . قال تعالى :


( كلما دخلت أمة لعنت أختها ، حتى إذا ادَاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلَونا فآتهم عذابا ضعفا من النار ، قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون ) { الأعراف : 38 } . فدل على أن الغفلة التي تمكَن المضللين من ضحاياهم ذنب من ذنوب الضحايا انفسهم يضاف الى ماظلموا به أنفسهم ، فيضاعف لهم العذاب وأخيرا قضى بأن من قبل الذل كفر حين قضى بأن : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) { المنافقون : 8 } .


وإن بعض هذا وليس كله لقمين بأن يحدد للشعب العربي اعداءه باسمائهم ودولهم ونظمهم ، وأن يحفزه ويحرضه على سحقهم سحقا ، إذ أن سحقهم سحقا هو الطريق الوحيد المفتوح إلى طاعة الله ورضوانه .


إذن ، لايقف الشعب العربي ، في هذه المرحلة من تاريخه ، موقف الاختيار الملزم بين العروبة والاسلام ليدافع عن أمته وحريته وتقدمه . يكفيه ايهما . أمَا هما معاففوق كفايته . ومع ذلك ، أو بالرغم من ذلك ، فإن الشعب العربي في حاجة الى الحديث عن العلاقة بين العروبة والاسلام .





الانتماء المتعـدد


فهل يكون ذلك لأن كلاً من الاسلام والعروبة علاقة انتماء الى مضمون واحد أو مضامين متشابهة ، مما قد يؤدي الى الخلط بينهما فيلزم تحديد العلاقة بينهما منعا للخلط ؟ ... أبداً أيضاً . إن الاسلام علاقة انتماء إلى دين ( عقيدة ) . هكذا جاء رسالة ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ) {الصف : 9 } . وهكذا ارتضاه الله لنا حين اكتمل . ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) { المائدة :3 } . ثم وصانا بالابقاء على علاقة الانتماء الى الدين هذه والمحافظة عليها (شرع لكم من الدين ماوَصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى: أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه ) { الشورى : 13 } . أما العروبة فعلاقة انتماء إلى أمة بشطري تكوينها : الشعب والأرض ، وما أثمرشطراها على مدى التاريخ من حضارة : إنها انتماء إلى وضع تاريخي بينما الدين وضع إلهي .


وقد تلتقي القبائل والشعوب والامم في علاقة انتماء إلى دين واحد . ألم تر كيف تحدث القرآن عن الرسل والانبياء واقوامهم ثم وحد بينهم في الدين فكانوا مسلمين . ( ماكان ابراهيم يهودياً ولانصرانياً ولكن كان حنيفا ً مسلماً ) { آل عمران : 67 } . ( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب : يابنيَ إ ن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) { البقرة : 132 } . ( قولوا آمنَا بالله وماأنزل إلينا وما أنزل إلى ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) { البقرة : 136 } . ( فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا به واشهد بأنا مسلمون ) { آل عمران : 52 } . إذ ( إن الدين عند الله الاسلام ) { آل عمران : 19 } مع انه ، سبحانه ، قد شاء أن تتعدد الأمم . ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين ) { هود : 118 } . ثم ألم تر أن الله يقول عن كتاب المسلمين ( أأعجمي وعربي ؟ قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) { فصلت : 44 } . وحدة الكتاب هنا لم تلغ تمايز الناس عجما ً وعرباً وإن التقوا عليه هدى وشفاء . وقال الله تعالى ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) { الحجرات : 13 } . فأقر التمايز بين المجتمعات من حيث طور التكوين الاجتماعي .إذ القبيلة هي الوحدة الاجتماعية التي تلتقي ، فتتميز على وحدة النسب العرقي ، حقاً أو وهماً ، ولاتنتسب إلى أرض تخصها من دون الناس ولو كانت مقيمة عليها أما الشعب فجماعة أكثر تطوراً باستقرارها على أرض تخصها من دون الناس تنتسب اليها وتتوه فيها الانساب العرقية فلا يعتد بها في التمييز . كذلك قيل ان القبائل هم الحجازيون ، أما الشعوب فحيث يتميز الناس بنسبتهم إلى الأرض فيما يلي الحجاز جنوباً من سبأ وحضرموت وما يليهم شمالاً من الروم ، وشرقاً من الفرس . المهم أن القرآن قد أشار إلى التمايز بين القبائل والشعوب والأمم ولكنه لم يجعل لهذا التمايز أثراً نافياً لوحدة العقيدة .


وقد يتعدد الانتماء الديني( العقائدي ) في الأمة الواحدةبدون أن يمس التعدد وحدة الأمة . وفي القرآن عشرات الآيات التي تنظم العلاقة الاجتماعية بين المنتمين الى أديان متعددة في الأمة الواحدة وتوصي برعايتها .


( قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) { آل عمران : 64 } . فلنتأمل . ان الاسلام لايدعوا اهل الكتاب في المجتمع الواحد الى التخلي عن دينهم والانتماء اليه . لايدعوهم اليه بل يدعوهم معه . ليعيشوا معاً على كلمة " سواء " .. ليست كلمة المسلمين وليست كلمة أهل الكتاب ، بل كلمة سواء بينهم جميعاً على ماهو مشترك في الاديان السماوية ( ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئاً ) . أما فيما بينهم فلا سيطرة ولاهيمنة ولا استعلاء ولا قهر . لا من جانب المسلمين ولا من جانب أهل الكتاب . ( ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) . وأهل الكتاب ، كما هو معروف ، هم النصارى واليهود . إنهم ليسوا مسلمين ، ولكن هذا لايعني انهم ليسوا مواطنين صالحين بل ( من اهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون . يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين ) { آل عمران : 113 ، 114 } . إنهم يحققون بعملهم خلاصة ماجاء للاسلام يأمر به المسلمين ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، واولئك هم المفلحون ) { آل عمران : 104 } .


والقرآن يتحدث عن المسلمين وأهل الكتاب الذين ينتمون إلى أمة واحدة أو شعب واحد . من أجل هذا نظم علاقات التعايش فيما بينهم اجتماعيا مع أنهم مختلفون دينا . إنهم ينتجون معا ويستهلكون معا ويتزاورون ويستضيف بعضهم بعضا ، فقال : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) { المائدة : 5 } . وقد تنشأ فيما بينهم أوشاج المودة فيود المسلم لو تزوج من كتابية تكون سترا له ، ويأتمنها على نفسه وماله وتربية أولاده ، فأحل الزواج بها ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ) . وأمر بحفظ أعراضهن الى حد ان قرن بين الزنا بالكتابية وتعبير الكفر حتى لو كانت راضية فأتم الآية بقوله ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ، ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ) { المائدة : 5 } . وفي هذه الحياة الاجتماعية المشتركة ، مع اختلاف الدين ، لايستبعد أن يتحاور المسلمون وأهل الكتاب حول أيهم أصح انتماء الى عقيدته وأية عقيدة هي الحق ، فحرص القرآن على ألا يسمح المسلم لهذا الحوار بأن يصلإلى حد المساس بوحدة انتمائهم إلى مجتمع واحد . قال فأمر


( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) { العنكبوت : 46 } . فإن أوفى المسلم بما أمر وأحال بعض أهل الكتاب الحوار إلى خصومة أو عداوة فإن القرآن يوصي المسلمين بألا يحيلوا العداوة إلى شقاق وتمزق ، مقَراً بأن العداوة بين الناس في المجتمع الواحد لاتقطع علاقة الانتماء المشتركة إلى هذا المجتمع . بل إن القرآن يذهب إلى حد تنبيه المسلمين إلى أن قد تنتهي العداوة إلى مودة كما نبههم في آية أخرى إلى أن قد يكون القتال الذي يكرهونه خير كثير . كذلك العداوة . قال : ( عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ، والله قدير والله غفور رحيم ) { الممتحنة : 7 } .


لم يأذن الله للمسلمين بقتال غير المسلمين ممن ينتمون معهم إلى مجتمع واحد إلا في حالتين : الأولى ، محاولة غير المسلمين إكراه المسلمين بالقتال على الردة عن دينهم ، والثانية ، قيام غير المسلمين بإخراج المسلمين من ديارهم . قال تعالى : ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ، إن الله يحب القسطين . إنَما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولَوهم ، ومن يتولَهم فأولئك هم الظالمون ) { الممتحنة : 8 ،9 } .


فما البرَ الذي أحب الله من المسلمين أن يبرَوا به ابناء امتهم من غير المسلمين ؟ ... إنه من ( آتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة ، والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ) { البقرة : 177 }. وما القسط الذي أحب الله من المسلمين أن يقسطوه إلى أبناء أمتهم من غير المسلمين ؟ إنه العدل : ( فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لايظلمون ) { يونس : 47 } . ولا يقوم العدل إلا على أساس المساواة بين الناس .


إذن فهذه حياة اجتماعية كاملة ينظم الاسلام علاقات الناس فيها على أساس من انتمائهم إلى مجتمع واحد بما يحفظ للمجتمع أمته ووحدته ، ويساوي بين المنتمين إليه بدون مساس بتعدد علاقات الانتماء الديني بين أفراده.


3 -ثم أن الاسلام علاقة انتماء تنشأ بالتمييز ، فالادراك ، فللايمان . تقف فيه مهمة الرسول عند ابلاغ الرسالة : ( ماعلى ارسول إلا البلاغ ) { المائدة : 99 } . . ( وماعلى الرسول إلا البلاغ المبين ) {العنكبوت:18 } . وما ينبغي لرسول أن يذهب إلى أبعد من هذا . ( ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ) { النساء : 80 } . ( فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا ) { الشورى : 48 } . ( فذكر إنما أنت مذكر . لست عليهم بمسيطر ) { الغاشية : 21 ، 22} . ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) { النحل : 125 } . وفي كل الحالات حرم الاسلام إكراه غير المسلمين على الانتماء إليه إكراهاً مادياً أو معنوياً وناط الايمان بحرية الاختيار . ( لاإكراه في الدين قد تبين ارشد من الغي ) { البقرة : 256 } . ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) { يونس : 99 } .


كان هذا ، ولم يزل ، سبيل الاسلام إلى الايمان الذي يفترض سلامة العقل ورشده ، وأمثلته كثيرة في القرآن : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج . والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ) { ق : 6، 7 } . ( قل أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ؟ قل أرأيتم ان حعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ) { القصص : 71، 72 } ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وماأنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء ةالأرض لآيات لقوم يعقلون ) { البقرة : 164 } . ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) { الأنبياء : 22 } . ( كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ) { البقرة : 242 } ... الخ .


ثم ليؤمن من يريد وليكفر من يريد . ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) {الكهف :29}


وقد وضع الله في كل إنسان العقل مقدرة على الايمان أو الكفر وله الخيار . ( إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً . إناهديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ) { الانسان : 2 ،3 } . ثم يأتي يوم الحساب فيلقى كل إنسان جزاء ما اختار وعمل . ( ولاتجزون إلا ماكنتم تعملون ) { يس : 54 } . (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ) { غافر : 17 } . ( كل امرىء بما كسب رهين ) { الطور : 21 } .


وهكذا يستطيع إي انسان مميز غير مكره أن يختار الاسلام ديناً ، أو أن يختار ديناً غيره أو أن يكفر بكل الاديان على مسؤوليته في الدنيا والآخرة .


أما العروبة فعلاقة انتماء إلى وضع تاريخي تدرك العربي منذ مولده وتصاحبه حتى وفاته ولو لم يكن مميزاً ، ولو لم يدركها ، ولو كفربها . لايستطيع أي انسان أن ينتمي إلى العروبة أو أن ينسلخ منها ، ولو أراد . إذ الانتماء إلى العروبة وليد تطور تاريخي سبقه ولحقه ، فكان عربياً بغير ارادته، أو سبقه ولم يلحقه فلم يكن عربياً ولو أراد ، لاحيلة له في الحالتين . وهل أختار أحد والديه ؟ وهل أختار أحد وطنه ؟ بل هل اختار أحد " شخصيته " ؟


4 - ثم أن الاسلام علاقة انتماء الى دين خالد في الزمان بحكم انه خاتم الرسالات والاديان . ( ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) { الأحزاب : 40 } . وخالد في المكان بحكم أنه رسالة إلى كل البشر . ( قل يأيها الناس اني رسول الله اليكم جميعاً ) { الأعراف : 158 } . ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) { سبأ : 28 } . أما العروبة فعلاقة انتماء مقصورة على شعب معين من بين الشعوب ومكان معين من الأرض ، علاقة انتماء الى أمة تكونت خلال مرحلة تاريخية طويلة كاستجابة موضوعية لحتمية تقدم الشعوب بعد أن استنفذت العلاقة الأسرية ثم العشائرية ثم القبلية ثم الشعوبية كل طاقاتها على تحقيق التقدم . فهي لم تواكب الزمان بداية . وحين تستنفذ الأمة العربية كل طاقاتها على تحقيق التقدم سيتقدم البشر الى علاقات انتماء تتجاوزها تكويناً وطاقة . فهي ليست خالدة في الزمان .


5 - لامجال ، إذن للخلط بين علاقة الانتماء إلى العروبة وعلاقة الانتماء إلى الاسلام لافي الأشخاص ، ولا في المضمون ، ولا في حدود الانتماء من الزمان أو المكان . وما تزال علاقة الانتماء إلى الأسرة ، أو الى القرية ، أو الى المهنة ، أو الى الحزب قائمة بجوار علاقة الانتماء إلى الدولة أو الوطن أو الشعب بدون خلط أو اختلاط . فلا يقوم لدى الشعب العربي سبب للخلط بين العروبة والاسلام . ومع ذلك ، أو بالرغم من ذلك ، فإن الشعب العربي في حاجة إلى الحديث عن العلاقة بين العروبة والاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق
عضو مميز
عضو مميز



تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمر : 64

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالثلاثاء أبريل 27, 2010 12:41 pm


الحلقة الثالثة

عن الأمـــــــة
6 - فهل يكون ذلك لأن العروبة علاقة انتماء إلى " أمة " عربية ، وأن تسمية العرب " أمة " تخصيص غير مبرر إسلامياً ، إذ الأمة في الاسلام هي " أمة المسلمين " أو" الأمة الاسلامية " ، فتكون مقولة " الأمة العربية " بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ؟ ... قد يكون . ولقد كان نفر ممن يتوهمون أن الاسلام دينهم وحدهم ، وأن الانتماء إليه مقصور عليهم دون الناس كافة يتخذون من فهمهم الخاص لدلالة كلمة " أمة " مدخلاً إلى نفي الوجود القومي للأمة العربية بإسم الاسلام . ثم يزيد بعضهم أن الانتماء إلى الأمة العربية هو في حقيقته انتماء اصطنع اصطناعاً لستر مواقف معارضة أو معادية للاسلام . ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) { الكهف : 5 } .
فلنحتكم إلى كتاب الله لعلَهم يهتدون . قال تعالى : ( والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه ، قل إنما أمرت أن اعبد الله ولا أشرك به ، إليه أدعو وإليه مآب .وكذلك أنزلناه حكماً عربياً ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ) { الرعد : 36 : 37 } .
7 - وردت كلمة " أمة " في أربع وستين آية من آيات القرآن الكريم وكانت كلها ذات دلالة واحدة إلا في أربع آيات . أولى هذه الآيات جاءت في سورة النحل . قال الله تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يك من المشركين ) { الآية : 120 } . فدلت الأمة على أن ابراهيم كان قدوة يؤتم به . وجاءت كلمة الأمة بمعنى الأجل في قوله تعالى : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ) { هود : 8 } . وجاءت في آيتين بمعنى العقيدة أو الطريق . قال تعالى : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون )
{ الزخرف : 23 } .
فيما عدا ذلك جاءت كلمة أمة في الآيات الباقيات للدلالة على مطلق الجماعة إذا تميزت عن غيرها أياً كان مضمون المميز . دلَ على أن الأمة جماعة انها في كل موضع جاءت في موقع الفاعل الغائب أشير اليها في الفعل بواو الجماعة . مثل في قوله تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ) { آل عمران : 104 } .
وقوله( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق ) { الأعراف : 159 } . وقوله : ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق)
{ الأعراف : 181 } . وقوله ( وماكان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ) { يونس : 19 }
ودلَ على أن الأمة مطلق الجماعة أنها قد جاءت في القرآن داَلة على الجماعة من الناس والجماعة من الجن والجماعة من الحيوان والجماعة من الطير . قال تعالى : ( قال أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والانس ) { الأعراف : 38 } . وقال : ( وما من دابة في الأرض ولاطائر يطير بجناحيه إلا أمم ) {الانعام:38 } . وبعد ان أخبرنا عن أمر نوح عليه السلام وما اصطحبه في الفلك من أنواع المخلوقات في قوله تعالى : ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن ، وما آمن معه إلا قليل ) { هود :40 } ، قص علينا ماأمر به نوحاً : ( قيل يانوح اهبط منها بسلام منَا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) { هود : 48 } . يعني الجماعات المتميزة نوعيا من المخلوقات التي اصطحبها نوح معه .
8 -ولما كان التمايز يفترض التعدد لتكون الجماعة متميزة عن غيرها علمنا القرآن أن الأمم متعددة في الزمان والمكان . أثبت التعدد أولا وأرجعه إلى مشيئة الله حتى يكف الجدل في حكمته وأكده في أكثر من آية
قال : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) { النحل : 93 } . وقال : ( ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ) {الشورى : 8 } . وتحدث عن الأمم بصيغة الجمع في ثلاث عشرة آية أخرى .
أما عن التعدد في الزَمان ففي البدء كان الناس امة واحدة متميزين " أمة " بأنهم من الناس . قال تعالى : ( كان الناس أمة واحدة ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ماجاءتهم البينات بغيا بينهم ، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) {ا لبقرة : 213 } . وقال ( وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ، ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون ) { يونس : 19 } . فالتعدد بدأ نفاذا لكلمة سبقت من الله بأن تكون الأمم متعددة وسيبقى قائما . قال تعالى : ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولايزالون مختلفين ) { هود : 118 } . فإذا جاءت الآخرة فإنهم أمم متعددة . قال تعالى ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ) { النساء : 41 } . وقال : ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا )
{ النمل :83 } . وقال : ( ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم ) { القصص : 75 } . وقال :
( ولله ملك السماوات والأرض ، ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون . وترى كل أمة جاثية ، كل أمة تدعى إلى كتابها ، اليوم تجزون ماكنتم تعملون ) { الجاثية : 27 ، 28 } .
ومابين البداية والنهاية تتابع الأمم المتعددة على آجال الزمان . لكل أمة أجل معلوم . قال تعالى : ( تلك أمة قد خلت ، لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ) { البقرة : 134 ، 141 } . وقال : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ) {الأعراف : 34 } . وقال : ( لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة )
{ يونس: 49 } . وقال ( كذلك أرسلناك فىي أمة قد خلت من قبلها أمم ) { الرعد :30 } . وقال : ( ماتسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) { الحجر : 5 } . وقال : ( ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) {المؤمنون : 43 } . وقال : ( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء ) { الأنعام : 42 } . وتكرر قوله هذا أو معناه في{ النحل :63 والعنكبوت :18 وفَصلت :25 والأحقاف : 18 } . وتمايزت الأمم بالرسل فتعددت بتعدد الرسل ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً ان اعبدوا الله ) { النحل : 36 } . وتعددت بتعدد الرسالات : كل امة تدعى إلى كتابها ) { الجاثية : 28 } . وتعددت بتعدد المناسك ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) { الحج : 67 } .
ثم أن القرآن قد علمنا أنه كما تتعدد الأمم على مدى الزمان فإنها متعددة في الزمان الواحد ، أو كما نقول في المكان ( قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) { هود : 48 } . فهذه أمم متعددة تواجدت معاً في مكان واحد . وثمة أمم متعددة توزعت في الأرض ، قال تعالى : ( وقطَعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلَهم يرجعون ) { الأعراف : 168 } .
9 - هذه الآية الأخيرة - وفي القرآن غيرها كثير - تعلمنا أسباب التعدد في الزمان والمكان كليهما . إذ هي تطلق كلمة الأمة على الجماعة التي تميزت بأنها صالحة كما تطلقها على الجماعة التي تميزت بأنهاغير صالحة . فنعرف من الآية أن الجماعة تكون أمة متى اشترك أفرادها فيما يميزهم عن غيرهم بصرف النظر عن مضمون هذا المميز . على هذا الوجه كان الناس أمة بما تميزوا به من كونهم ناسا . تميزوا عن أمة من الجن . وعن أمة من الحيوان . ولما كانت المميزات متعددة فإن الأمم متعددة بدون تشابه أو تعارض أو تناقض وان اشتركت جميعا في انها جماعات متميزة . قال تعالى : ولكل أمة رسول ) { يونس : 47 } . وقال : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله ) { النحل : 36 } . فدل على أن تلك جماعات كانت متميزة بالكفر فاستحقت رسلا يدعونها الى عبادة الله . أما بعد الرسل فكل المؤمنين برسولهم أمة بما تميزوا به من رسول وكتاب ومناسك . أوضح مثال ماجاء متتابعامن الآيات في سورة المائدة ، قال تعالى : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ، يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) { الآية 44 } وبعد أن فصل بعض آيات التوراة في الآية 45 قال في الآية 46 : ( وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور ) وبعد أن بيَن في الآية 47 حكم الخروج على أحكام الانجيل جاءت الآية 48 لتقول : ( وانزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ) . هكذا تحدث القرآن عن الأديان السماوية الثلاثة تباعا ثم قال : لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) { المائدة : 48 } . فدَل على أنه في نطاق الأمة المتميزة بالايمان بالله يتوزع المؤمنون أمما تتميز كل منها برسولها وشرعتها ومنهاجها . وتصدق دلالة الكلمة في الحالتين بدون تشابه أو تعارض أو تناقض ، إذ أن مناط التميز في كل حالة مختلف عنه في الحالة الأخرى .
10 - ولأنه لاعبرة في دلالة " الأمة " بمضمون الأمر الذي تميزت به الجماعة فأصبحت أمة فأن الجماعة المتميزة بالكفر بالرسالة ومناهضة رسولهاهي أيضاً أمة . ولقد ذكرنا من قبل قوله تعالى : ( وقطعناهم في الأرض أمماً منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ) {الأعراف : 168 } . نضيف هنا آيات بينات أخر . قال تعالى : ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد . كذبت قبلهم قوم نوح والاحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ) { غافر : 4،5 } . وقال : ( وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) { هود : 48 } . وقال ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) { العنكبوت : 18 } . وقال : ( كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادَاركوا فيهاجميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباَ ضعفامن النار ، قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون ) { الأعراف : 38 } .
11 - وقد تكون جماعة من الناس لم تلتق زماناً أو مكاناً ولكنهم يشتركون في صفة خاصة بهم مقصورة عليهم يتميزون بها عن غيرهم . إنهم حينئذ أمة . كذلك أسمى آيات القرآن جميع الرسل والأنبياء أمة واحدة مع أنه - سبحانه - قد أسمى كل جماعة آمنت برسول منهم أمة . فابتداء من الآية 48 من سورة الأنبياء يتحدث القرآن عن الرسل والأنبياء ، فيذكر موسى وهارون وابراهيم ولوطاً ونوحاً وداوود وسليمان وأيوب واسماعيل وادريس وذا الكفل وذا النون وزكريا ويحيى ثم يقول : ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) { الأنبياء : 92 } . ولم يشتبه هذا أو يتعارض أو يتناقض مع الحديث عن بني يعقوب وحدهم على أنهم أمة حين أخبر باشتراكهم في الايمان بإله أبيهم . قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم و إسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون . تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) { البقرة : 133، 134 } .
وإذا كان المؤمنون بكل رسول أمة ، فإن منهم من يكونون أمة بما يتميزون به من استراك في نشاط الدعوة أو منسك من مناسك العبادة . في المعنى الأول قال الله تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) { الأعراف : 159 } . وفي المعنى الثاني قال تعالى : ( من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) { آل عمران : 113 } . ويلاحظ أنه عندما أراد أن يتحدث عن جماعة متميزة بالهداية أو بالتلاوة بين جماعة هي أمة من حيث تميزها برسولها أو بكتابها ايمى الجماعة الأولى " أمة " وأشار إلى الجماعة الثانية بما يميزها ، مكتفياً به في التعريف بها دون أن يسميها أمة إظهاراً للمميزات القصود أظهارها ، وتلك قمة من قمم البلاغة في القرآن .
على أي حال ، فإن القرآن قد أسمى الجماعة المتميزة أمة حتى حين كان مميَزها أمراً لايتصل بالعقيدة ايماناً أو كفراً . فأسمى الجماعة المتميزة بعلاقة قربى أمة فتعددت الأمم بتعدد الغروع ، بعد أن كان قد أسمى كل الأقرباء أمة حين اجتمعوا فتميزوا بأصلهم الواحد . قال تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) { الأعراف : 160 } . وهو واضح الدلالة على أنه حيث تتميز الجماعة تكون أمة في لغة القرآن ،
ولايمنع هذا من أن تكون جزءاً من أمة على وجه آخر مما يميز الجماعات .
12 - بل إن كلمة أمة تدلَ على الجماعة ولو لم تتميز إلا بموقف واحد في حالة واحدة . بهذا المعنى اسمى المقتصدين في الانفاق بدون اسراف أو تقتيرأمة . قال : ( منهم أمة مقتصدة وكثيرمنهم ساء ما يعملون ) {المائدة : 66 } . وقال : ( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ) { القصص : 23 } .
وكلمة الأمة في هذه الآية لاتعني مجرد الجماعة بل تعني الجماعة المتميزة بموقف واحد أو حالة واحدة . جماعة تسقي وحدها دون الآخرين . وكانت تسميتهم أمة إبرازاً لهذا المميز حتى تبرز الحالة الأخرى التي أخبر بها في الآية فقال : ( ... ووجد من دونهم امرأتين تذودان ، قال ماخطبكما ، قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ) { القصص : 23 } .
13 - هذه هي دلالة كلمة " الأمة " في لغة القرآن . وبهذه الدلالة كان المسلمون ، كل المسلمين ، وما يزالون وسيبقون ، أمة واحدة من حيث تميزهم عن غيرهم من الناس بانتمائهم الديني إلى الاسلام ، سواء أخذت كلمة الاسلام بمعناها الشامل الدين كله في قوله تعالى : ( وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ){ البقرة : 127 ، 128 } .
أو أخذت بمعناها الخاص بالذين يؤمنون برسالة محمد عليه الصلاة والسلام . ولقد خاطب القرآن المسلمين بهذا التخصيص واسماهم أمة . قال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس ) { آل عمران : 110 } ، وقال :
( وكذلك جعاناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء ) { البقرة : 143 } . وقال : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفَرقوا ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون . ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن النكر ، وأولئك هم المفلحون . ولاتكونوا كالذين تفَرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيَنات ، وأولئك لهم عذاب عظيم ) { آل عمران : 103 : 104 ، 105 } .
14 - وبهذه الدلالة كانت الاغلبية الساحقة من الشعب العربي ، وما يزالون وسيبقون ، جزءاً لايتجزأ من الأمة الاسلامية التي ينتمي اليها كل المسلمين في الأرض بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وأممهم ودولهم وأوطانهم . لافضلاً لأحد منهم على الآخر إلا بالتقوى . في رحاب هذا الانتماء إلى الأمة الاسلامية يلتقي مئات الملايين من البشر . ولو أن مسلماً واحداً قد وجد في أي أرض ، في أي شعب ، في أية أمة ، في أية دولة ، لكان واحداً من الأمة الاسلامية . وما تزال هذه الأمة الاسلامية تنمو عدداً بمن يهتدي إلى الاسلام ديناً في أقطار الأرض جميعاً .
15 - وبهذه الدلالة أيضاً ، دلالة كلمة الأمة في لغة القرآن ، يكون كل العرب منتمين إلى أمة عربية واحدة ،حيث يكون مميزهم عن شعوب وأمم أخرىما يميز الأمم عن الشعوب والقبائل ، أو مايميز الأمم بعضها عن بعض من وحدة اللغة كما قال فخته الألماني ، أو وحدة الأرض والأصل والعادات واللغة والاشتراك في العادات والشعور كما قال مانتشيني الايطالي ، أو وحدة الرغبة في الحياة المشتركة كما قال رينان الفرنسي ، او وحدة التاريخ واللغة والحياة الاقتصادية والثقافية المشتركة كما قال ستالين السوفياتي ، أو وحدة اللغة والاشتراك في التاريخ كما قال استاذنا أبو خلدون ساطع الحصري ، أو كان مميز الأمة انها " مجتمع ذو حضارة متميزة ، من شعب معين مستقر على أرض خاصة ومشتركة تكوَن نتيجة تطور تاريخي مشترك "...
كما اجتهدنا فقلنا ... لايهم هذا الخلاف في بيان عناصر التميز القومي للأمة . المهم أنه حيث يوجد المميز القومي لجماعة من الناس يصح في لغة القرآن كتاب المسلمين ، أن تسمى الجماعة أمة ، ولا ينكره عليها مسلم وهو مسلم ، مادام لاينكر المسلم وهو مسلم أن كل جماعة متميزة حتى من الدواب هي " أمة " فكيف بالمسلم ينكر على جماعة قومية الانتماء أنهم أمة . والأمة كما تتميز بوحدة العلاقة القومية ، لاتتشابه ولا تتعارض ولا تتناقض مع الأمة كما تتميز بوحدة العلاقة الدينية . فلا تتشابه ولا تتعارض ولا تتناقض " الأمة العربية " مع " الأمة الاسلامية " ؛ كما لاتتشابه ولا تتعارض ولاتتناقض الأمة الفرنسية والأمة الانكليزية والأمة الالمانية والامة الايطالية ... مع كون كل هذه الأمم تنتمي عقيدة إلى الأمة المسيحية . كل من الانتمائين قائم ، ولكن كل منهما ذو مضمون مختلف .
16 -مرتان في التاريخ الذي نعرفه قيل غير مانقول . قيل إن للانتماء الديني والانتماء القومي مضموناً واحداً وأن لكل دين أرضاً ولكل أرض ديناً . وكان العرب هم الضحايا في المرتين . أما المرة الأولى فحينما اشتعلت الحروب على امتداد الأرض الأوروبية بين أمراء الاقطاع كل يريد أن يزيد مساحة اقطاعيته . فقال لهم البابا أربان الثاني : " إن الأرض التي تقيمون عليهالاتكاد تنتج مايكفي غذاء الفلاحين ، وهذا هو السبب في اقتتالكم ، فانطلقوا إلى الاماكن المقدسة ، وهناك ستكون ممالك الشرق جميعاً بين أيديكم فاقتسموها " . لم يكن للدين المسيحي شأن بما يقتتل من أجله أمراء الاقطاع فقد كانوا جميعاً مسيحيين ، ولم يكن لما نصح به البابا شأن بالمسيحية دين المحبة والسلام ، وإنما كان للمؤسسة الكنيسة التي يرأسها البابا شأن بالأرض التي خربها القتال فقد كانت شريكة في ريعها . وكان القائل والمستمعون اليه يعرفون ألاَ شأن للمسيحية بما قيل . فقال أحد الفرنسيين حينئذ إنها دعوة ‘لى أن يستغل الفرنسيون الدين . وقد استغل الفرنسيون وغير الفرنسيين الدين ليقنعوا الشعوب بأن تقدم ابناءها ضحايا على مذابح أطماع الأمراء الاقطاعيين . كيف ؟ بمقولة بسيطة ، كالناس في ذاك العصر : إن نشأة المسيحية في فلسطين تعني ملكية المسيحيين لفلسطين فعليهم استعادتهامن الغزاة المسلمين . وهكذا وحَد المعتدون بين مضمون الانتماء إلى المسيحية ومضمون الانتماء إلى أرض فلسطين وبدأت الحروب الصليبية التي استمرت قرناً كاملاً ( من عام 1096 الى عام 1192 ) وذهب ضحيتها آلاف البشر . وما توقفت إذ توقفت إلا حينما استطاع العرب ، مسلمين ومسيحيين ، أن يقنعوا الأوروبيين ، بالاسلوب المناسب ، بألا جدوى من الخلط بين الانتماء إلى العقيدة والانتماء إلى الأرض ، فتحررت الأرض العربية . فهل يتبنى المسلم الأفكار الصليبية ؟
أما المرة الثانية ، فحبنما أراد المتخلفون من يهود أوروبا أن يخرجوا من عزلتهم القبلية " الغيتو " ، وأرادت الرأسمالية النامية في أوروبا أن تسخرهم عازلاً بشرياً يحول دون وحدة الأمة العربية ويحرس مصالح الامبريالية ، فصاغوا جميعاً ما يعرف " بالصهيونية " . وليست الصهيونية إلا فكرة متخلَفة تخلَف سكان الغيتو
تقول : إن كل من توحدوا ديناً لهم حق في أن يتوحدوا وطناً ودولة . وهي فكرة قابلة للاستعارة ولو تغير مضمونها اليهودي . فكل زعم أن الانتماء الى الدين يلد حقاً في الأرض ، بصرف النظر عن الانتماء القومي الى الأمة أو الانتماء الوطني الى الدولة ، هو في حقيقته المذهبية " صهيوني " ولو لم يكن يهودياً ، وهم كثير . كما أن من ينكر هذا المذهب لايكون صهيونياً ولو كان يهودياً ، وهم كثيراً أيضاً . ولما كان لابد لكل دولة من أرض ( وطن ) ، فقد أختار الرأسماليون الأوروبيون والصهاينة من اليهود أرض فلسطين اختياراً "صليبياً"
إن نشأة اليهودية في فلسطين تعني عندهم ملكية فلسطين لليهود ، فعليهم استعادتها من الغزاة العرب . وهكذا وحَد المعتدون بين مضمون الانتماء الى اليهودية ومضمون الانتماء الى أرض فلسطين وبدأ الصراع العربي الصهيوني ، وما يزال مستمراً ، ولن يتوقف إلا حينما يستطيع العرب ، مسلمين وغير مسلمين ، أن يقنعوا الصهاينة ، بالأسلوب المناسب ، بألا جدوى من الخلط بين الانتماء الى العقيدة والانتماء الى الأرض ، فتتحرر الأرض العربية . فهل يتبنى المسلم الأفكار الصهيونية ؟
الحمد لله . لايقوم ، إذن ، لدى الشعب العربي سبب للتشابه أو التعارض أو التناقض بين العروبة والاسلام . ومع ذلك ، أو بالرغم من ذلك ، فإن الشعب العربي في حاجة الى الحديث عن العلاقة بين العروبة والاسلام
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوتريكه
عضو مجلس إدارة
عضو مجلس إدارة
ابوتريكه


تاريخ التسجيل : 21/04/2009
العمر : 52

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالثلاثاء أبريل 27, 2010 3:35 pm

استاذي طارق السلام عليكم كان لي نصيب اليوم فقرأت الحلقات الثلاث ، اخي لماذا مانفتح باب للنقاش ، وقد يكون للنقاش ادخال شي اكثر ايضاح ، للمتابع والمهتم ، والدكتور رحمة الله تكلم وبين الكثير وبكلام الله استدل لكن
لم يتطرق او ربما لم يكمل الى تشخيص الخلاف وما اوصل الأمة اليه ، هنى أسأل واذا تراني استعجلت في سؤالي اوقفني ربما الحلقات لم تكتمل ، سؤالي حول الخلاف الذي اوصل الأمة ولا يعني عندما نبحث وندقق عن نقاط الخلاف اننا نثيره لا نحن نريد ان يكون الشاب في هذه الأمة على دراية ووضوح اكثر ، معذرة اعود لطرح السؤال لا استطيع ان اعدد الآيات الكريمات لعدم فهمي ولكن هن كثر ، يتحدثنى عن طبيعة الحكم بما أنزل الله على كل الرسل وخاتمهم النبي محمد (ص) كيف نحكم هذه الأمة وبماذا ) هذه نقطة الإختلاف في الماضي والحاضر وقد تستمر ، لكن هل الدكتور تطرق اليها ، اسمع الرد او التعديل فلك الرد او التعديل لما اتى من عندي ولك السلام .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العربــ العربي ــي
رئيس مجلس الإدارة
رئيس مجلس الإدارة
العربــ العربي ــي


تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 62

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالثلاثاء أبريل 27, 2010 4:20 pm

الأخ ابا عبد الناصر اعتقد ان الأخ طارق لا يود ان يُناقش الكتاب قبل ان يتم انزاله وهو يتعمد انزاله على حلقات ليتم هضمة بالراحة ولن تكتمل الصورة قبل ان نرى الكتاب كاملاً على صفحات المنتدى ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مارشال جبن
مشرف واحة جبن اليوم
مشرف واحة جبن اليوم



تاريخ التسجيل : 01/02/2010
العمر : 57

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالأحد مايو 02, 2010 2:09 pm

شكرا للأخ طارق لوضع كتاب الدكتور عصمت سيف الدولة على صفحات منتدى جبن هذا اليوم للأفادة والنقاش حول هذا الكتاب سوف أدندن حول نقطة واحدة منه وهي قانون الجدل الذي توصل اليه الدكتورعصمت سيف الدولة رحمة الله عليه فيما عجز علماء ومثقفي الأمة من التوصل الى هذا القانون الجدلي

وحين أختلفت الطائفتين فهما كما ذكر الدكتور يجهلون الإسلام والعروبة معا ....بل يجهلون
بقانون الجدل الذي من المفروض إنهم يمتلكونه ولديهم المقدرة من خلا ل القانون على إدراك التناقض بين واقعهم وحاجتهم ، ويعرفون به اسباب حل هذا التناقض ، ويستطيعوا به أن يجسدوا بعملهم في الواقع مايوقف به معاناتهم ويفرض به ارادتهم .لهذا حين توصل الدكتور الى قانون الجدل من خلال تفكيره وتفسيرة لواقعه أدرك حاجته لهذا بحث و أوجد الحلول من خلال هذه النظرية في نفس الوقت الذي عجزت علما المسلمون والمثقفون من إيجاد هذا القانون من خلال الجدل الذي بداخل كل فرد منهم لهذا لم يخرجوا بنتيجة ولو سألت أحدهم ماهو الحل لأجابك بشيء غيرمقنع لهذا بقينا على وضعنا السيء دون بارقة أمل في النهوض العربي الى يومنا هذا .............
لي متابعة إن شاء الله تعالى نقطه نقطه تحياتي اليك اخي طارق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مارشال جبن
مشرف واحة جبن اليوم
مشرف واحة جبن اليوم



تاريخ التسجيل : 01/02/2010
العمر : 57

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالأحد مايو 02, 2010 2:55 pm

.
إن الحديث عن " العروبة والاسلام " ليس حديثاً عن كل من الاسلام والعروبة بل هو حديث عن العلاقة بينهما . فهل يحتاج الشعب العربي ، في هذة المرحلة من تاريخه ، إلى معرفة العلاقة بين العروبة والاسلام ليحل مشكلات تحرره وتقدمه ؟ هل يقف الشعب العربي ، في هذه المرحلة من تاريخه ، موقف الاختيار الملزم بين العروبة والاسلام ليدافع عن حرية أمته ووحدتها وتقدمها ؟ ... هل تلزمه العروبة بغير مايلزمه به الاسلام ، فعليه أن يختار فيما بينهما لتحرر وطناً ومواطناً ؟ ... فعلا لايمكن إن ننهمك في البحث عن العلاقة بين العروبةوالإسلام وهناك وطن محتل وأمة مفتته ليس لديها أي مشروع لتحرير الأرض والنهوض بواقع الأمة فلا فرق بين ما تلزمنا به عروبتناومايلزمنا به ديننا فلاثنين يدعونناالى الدفاع عن حقوقنا والعمل على النهوض بالأمة ولو دخلنا في العلاقة بين العروبة والإسلام سوف نجدالجواب بدون العناء لكون العلاقة بين الاثنين علاقة لغة ورسول وأراضي مقدسة تقع في مواطن العروبة وللعرب أقدمية في الدعوة الى الله هذه هي العلاقة والأفضلية فيها للعرب دون سواهم
إن شاءالله نتابع النقاش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايمن
عضو مميز
عضو مميز
ابو ايمن


تاريخ التسجيل : 18/06/2009
العمر : 53

الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات   الكتاب : عن العروبة والأسلام  د. عصمت سيف الدولة - في حلقات Emptyالخميس يوليو 01, 2010 8:27 am

اشكرك اخي الكريم على عرض كتاب العروبة والاسلام للدكتور عصمت سيف الدولة الذي تناول العلاقة بين العروبة كا هوية وانتماء والاسلام كا دين ينظم الحياة لهذة الامة و لكن لا يزال الخلاف قائم فكل جانب يراء العلاقة من مفهومة هوى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكتاب : عن العروبة والأسلام د. عصمت سيف الدولة - في حلقات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عصمت سيف الدولة 20 أغسطس 1923-30 مارس 1996م
» كتـــاب : (التقـــدم على الطــريق المســــدود) د. عصمت سيف الدولة
» العروبة والعربية في القرآن الكريم
» العروبة أولاً... للحفاظ على وحدة الأقطار العربية
» حلقات طبيه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربــي منتديــات كل الـعـرب  :: المنتدى الإسلامي :: الكتاب خير جليس-
انتقل الى: