مجلة العرب الامريكية ـ نيويورك ـ بقلم ـ شاكر الأشول ـ جاء المؤتمر الثالث للمغتربين بعد انتظار وتأجيل طويلين جعل من توقيته مثاراً للتساؤل في كثير من أوساط المغتربين، لكنه في النهاية أتى ليجمع أكثر من 400 مغترب من 42 دولة يتواجد فيها اليمنيون. وفي الوقت الذي يجادل البعض بأن الأموال التي صرفت على هذا المؤتمر كان من المفروض أن تصرف على المواطنين اليمنيين المنكوبين في صعدة، فلن أخوض في هذا الجدل باعتبار أن الحدث قد تم، ولا فائدة من إضاعة الوقت في مناقشة لماذا تم، ولذلك إجد من المفيد في هذه اللحظة أن ننظر بعين التقييم للمؤتمر ومحاولة انتزاع الفوائد للمغترب من توصياته ونتائجة. قبل أن أبدأ يجدر بي أن أوضح أن ما يأتي هنا هو أراء شخصية تعتمد على تجربتي الشخصية وملاحظاتي لما جرى حولي خلال فترة أعمال المؤتمر من 10-12 أكتوبر 2009 في صنعاء. ملاحظات المؤتمر 1) كان من الواضح منذ نزولنا من سلم الطائرة وجود نوعاً من الإعداد والترتيب، فقد تم نقل المغتربين الواصلين إلى صالة استقبال كبار الضيوف حيث تواجد أعضاء اللجنة من وزارة المغتربين ومن الجهات الأمنية الذين تكفلوا بإجراءات الجوازات والعفش. 2) تم نقلنا إلى أحد الفنادق الجديدة في صنعاء بعد أن أمتلأت فنادق تاج سبأ والشيراتون فتوزع المغتربون على حوالي أربعة فنادق أو أكثر. 3) حدث نوع من الأرباك في توزيع المغتربين وايجاد الفنادق لهم وسبب ذلك غضباً في صفوف المغتربين الذين اضطروا للانتقال لفنادق جديدة، وقد نجد للجنة العذر في ذلك الإرباك لكثافة عدد الضيوف إلا أن البعض لم يكن متسامحاً وانتقد عجز اللجنة في ظل معرفتهم بأسماء كل الضيوف القادمين. 4) وفرت الوزارة السكن والأكل لكل مغترب قادم ، وتكفلت بنقل المغتربين من وإلى مواقع الاجتماعات والفعاليات بالباصات وبتنسيق جيد مع الجهات الأمنية. 5) لاقى المغتربين الذين وصلوا في وقت متأخر مصاعب في توفير بطائق المؤتمر وقدمت لبعضهم في اليوم الثاني. 6) لاقى المغتربين حفاوة في الترحيب والاستقبال وكانت الفعاليات صادقة مرحبة وعكست اهتماماً متميزاً لضمان راحة المشاركين في المؤتمر. 7) بذل الكثير من العاملين في اللجنة التحضيرية بما فيهم موظفي الوزارة والأمن والمشاركين من جميع الجهات الأخرى جهداً خاصاً في سبيل انجاح المؤتمر ولم تكن الإخفاقات التي ظهرت إلا نتيجة لغياب التنسيق والتناغم المتكامل في أعمال اللجان والأفراد. كان من الواضح الإهتمام الشخصي المباشر من قبل رئيس الجمهورية الفريق على عبدالله صالح بالمؤتمر وكانت نتيجة ذلك إضفاء أهمية كبرى على أعمال المؤتمر من خلال رفع مستوى تمثيل الدولة الذي تمثل في حضور كلاً من رئيس الوزراء على محمد مجور، ونائبه الدكتور رشيد العليمي، ووزير الداخلية مطهر المصرى ثم كان اختتام المؤتمر من قبل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي. كما كان ذلك ظاهراً في اللقاء الخاص الذي تم بين المغتربين ورئيس الجمهورية، وقام فيه الرئيس بالسلام الشخصي على أكثر من 400 مغترب حضروا بعد ذلك الخطاب الرئاسي الذي تناقلته وسائل الإعلام. 9) أنحصرت جلسات المؤتمر في الصباح ولم يتم استغلال الفترات المسائية لعقد أي نقاشات إلإ بصفات استثنائية معدودة، ومحصورة أفتقدت الإعداد ا المسبق الجيد لها. 10) كانت بعض الأوراق المقدمة في المؤتمر ممتازة استطاعت الربط بين المواضيع وأوضاع المغترب، لكنها كانت قليلة، ولم تكن كافية ولم تتطرق إلى أهم القضايا التي يعاني منها المغتربين والتي جاءو من أجل طرحها. 11) كان هنالك صعوبة في طرح الأراء والقضايا بشكل يضمن نقاشها ووضع حلول لها من قبل المغتربين، ففي اليوم الثاني مثلاً تقدم أكثر من 70 شخصاً بطلب الحديث والطرح مما جعل جلسات المؤتمر تتحول إلى جلسات شكوى، وعلاج نفسي للتنفيس وليس للمواجهة والنقاش. 12) ربما نستطيع أن نجزم أن اللجنة التحضيرية نجحت هذه المرة في تنويع الحاضرين ورفع مستوى كفاءة الحاضرين فكان الغالبية من المشاركون يحملون درجات علمية وتجارب جاءوا بها من مختلف الدول إلا أن البرنامج لم يسمح لهذه الكفاءات بتقديم تجاربها وخبرتها ومشاركتها لرفع مستوى التوصيات. 13) كان التنسيق مع وزراتي الرياضة والإعلام تجربة إيجابية نوعت في نشاطات المؤتمر ونوعية المشاركة وكان الحفل الخاص الذي نظم في مركز الشباب الثقافي ممتازاً إلا أنه لوحظ فيه تغيب الكثير من المغتربين ورجال الدولة. 14) كانت جهود ومتابعة وزير المغتربين والوكلاء المساعدين ممثلين بالإخوة عبدالقادر عائض وسيف العماري واضحة أثناء المؤتمر وقاموا بالتجاوب مع الطلبات التي طرأت وتفاعلوا بايجابية مع جوانب القصور والأخطاء التي ظهرت. 15) على الرغم من تشديد الكثير من الحاضرين على أهمية أن تكون التوصيات دقيقة وممكنة في ظل الواقع إلا أن كثيراً منها جاءت كأحلام صعبة التحقيق والمنال ليكون مصيرها مثل غيرها من توصيات المؤتمرات السابقة، فعلى سبيل المثال أوصى المؤتمر بتخصيص قناة فضائية للمغتربين. بالله عليكم ما إمكانية تحقيق مثل هذه التوصية الجوفاء، وكان من الأجدر أن نوصي بزيادة البرامج التي تبث عبر القناة الفضائية اليمنية للمغتربين. ومثل ذلك أيضاً التوصية بإعداد برامج تعليمية وتربوية موجهه للمغتربين وأبنائهم المقيمين في بلدان الاغتراب غير العربية، فما إمكانية ذلك في ظل إمكاناتنا المادية والأدبية والفنية؟ 16) اجتمعت لجنة صياغة التوصيات للموافقة على توصيات كانت قد أعدت سابقاً ولم تكن نتيجة لتداول ونقاش حقيقي من قبل لجنة الصياغة. 17) سجلت اللجنة الأمنية أكثر من 200 صحفي لحضور المؤتمر، ولم يحضر المؤتمر إلا عدد لا يتجاوز العشرين وتلك ظاهره صحفية نتركها لأهل الصحافة في اليمن لشرحها ودراستها. 18) هنالك بعض المشاريع التي قامت الوزارة بطرحها مثل مشروع قاعدة البيانات للمغتربين والتي من المؤكد أن توضع له ميزانية بالملايين لكنه مشروع لا يحتاج للملايين بقدر ما يحتاج للعقول المدبرة والمؤهله التي تخطط له وتنفذه بإبداع وليس بعشرات الملايين التي يمكن أن تهدر. 19) ممثلي المغتربين في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا لم يتمكنوا من طرح قضاياهم الخاصة أو التداول لحلها. 20) إنحصار نقاش المغتربين في قضايا الأراضي والاستثمار والمنافذ وضح أن قضايا المغتربين في الداخل هي الشاغل الأكبر للغالبية منهم مما يفرض على وزارة المغتربين التركيز على دورها بداخل الوطن وتجنب تشتيت أعمالها وأهدافها. 21) كانت مشاركة بنك التسليف الزراعي في دعم فعاليات المؤتمر تجربة أيجابية نتمنى أن تتكرر لتخفف من تكاليف الدولة في رعاية هذه التجمعات. لقد تم المؤتمر وحقق الكثير من الأهداف للكثير من الأشخاص والجهات في أوساط الحكومة اليمنية، ولكن يظل السؤال هل يستطيع المغتربين أن يجنوا منه ما يكفي ليحقق التغييرات المطلوبة لهم وأسرهم؟ هل ينجح المغترب في تطوير المرفقات في المنافذ البرية اليمنية لتسهيل عبور المغتربين؟ هل يستطيع المؤتمر بتوصياته تطبيق قرارات الحكومة السابقة القاضية بتسريع النظر في قضايا المغتربين في القضاء اليمني؟ وهل سيتم تسريع عملية إصدار الجوازات للمغتربين في أمريكا وكندا، أو توفير أجهزة إصدار في عدد من المناطق لتخفيف الضغط على واشنطن؟ بعضهم قال أن المؤتمر نجح ويقول آخرون أنه فشل، لكن المقياس الحقيقي سيكون قدرته على أيجاد القرارات النافذة والتغييرات التي تنعكس على حياة المغتربين في القضايا التي أثارها المغتربون قبل المؤتمر وأثناءه. تم المؤتمر وكان شعبياً بطابعه ولم يكن أكاديميا ولم يتح الفرصة لنقاش كان سيكون أكثر فائدة وجدوى. نعتبرها تجربة ونتوقع من وزارة المغتربين في المستقبل تنظيم مؤتمرات تكون أكثر تركيزاً على القضايا وتتخذ من ورشات العمل التي أقامتها قبل انعقاد المؤتمر نموذجاً لتنظيم أعمال المؤتمر. سيراقب المغتربون خطوات الوزارة والحكومة في الأيام القادمة ليرى ما إذا كان أياً من توصيات المغتربين سيتم تفعيلها وتنفيذها فالأمل في ا لتغيير موجود والتفاؤل يغمر الكثير من القلوب بعد أن عاشت لأزمان في يأس و أحباط.
|